أثارت حادثة الأسير سامر العربيد موجة من القلق والخوف على الأسرى في ظل شرعنة التعذيب من محكمة صهيونية بزعم وجود خطر قادم يجب إيقافه بإخضاعه للتحقيق العسكري، وجاء ذلك بعد تعرض الأسير العربيد لتعذيبٍ قاسٍ أدى إلى غيبوبة دائمة وفشل كلوي وكسور وتهتك في الرئتين.
وفي سياق ذلك، قال المحرر الأديب وليد الهودلي" إن مصطلح القنبلة الموقوتة، ابتكره العقل الصهيوني المجرم، ويعني أن المعتقل في حالة احتفاظه بمعلومات إن لم يكشفها قد تفضي بالتسبب بقتل آخرين، فهو بمثابة قنبلة قد تنفجر في أية لحظة، وفي هذه الحالة تصدر محكمتهم بقرار تعذيب الأسير بطريقة خارجة عن المعمول به من أجل الوصول لما لديه من معلومات يخفيها عن المحققين، وكأن المعمول به من تعذيب غير كافٍ لحمله على الاعتراف فلا بد من المزيد من العنف والتعذيب".
وأضاف الهودلي" المرأة التي قتلوها بدمٍ بارد أمام عدسات التصوير على حاجز قلنديا، كانت قنبلة موقوتة، وشهداء الحركة الأسيرة كانوا كلهم قنابل موقوتة، جعفر عوض، ومعزوز دلال، وميسرة أبو حمدية، ومحمد أبو هدوان، ورزق العرير والقائمة طويلة، هؤلاء الذين اتخذوا من أجسامهم مختبر تجارب لأدويتهم كانوا أيضا قنابل موقوتة ، وكل الذين تم قتلهم بدم بارد نتيجة الإهمال الطبي المبرمج قنابل موقوتة، وكل من تواجد قبل ارتكاب مجزرة كان قنبلة موقوتة، والفلسطينيون الذين قتلوا وهجروا من ديارهم وتم تطهير مدنهم وقراهم تطهيراً عرقياً كانوا قنابل موقوتة".
يرى المحرر الهودلي أن كل فلسطيني يعتبره قنبلة موقوتة، حتى الباحث عن لقمة العيش المسالم جداً عندما يتناوله رصاصهم المحموم يصنف على أنه قنبلة موقوتة، ولا يمكن تصور محكمة في العالم المعاصر وهي تتخذ قراراً بالتعذيب ممكن أن يفضي بالقتل، فأن تتخذ محكمة مناط إليها تطبيق القانون والمحافظة على حقوق الإنسان القرار بالتعذيب أمر عجيب لا يحدث إلا في غابة الاحتلال التي تحتكم إلى شريعة الغاب، بل أن شريعة الغاب أرحم من هذه لأن تلك تدفعها غريزتها والمحافظة على البقاء، بينما هذه يدفعها إجرامها وساديتها في تحقيق الموت للآخرين.
ويتساءل الهودلي قائلاً" ماذا فعلوا مع سامر العربيد ومن معه من معتقلين صنفوهم على أنهم قنابل موقوتة؟ وهؤلاء معروفون فلسطينياً ومن خلال اعتقالات سابقة بصلابتهم وقوة صمودهم كإرادة تنتصر على إرادة السجان في صراع الإرادات في أقبية التحقيق، معروفون بأن قناعاتهم ليست سهلة ولا تلين بتاتاً، فكيف وصل الأمر بسامر إلى حافة الموت".
يؤكد المحرر الهودلي على أن هذا فقط ما سربته بعض الأخبار ولكن ما هو معروف من تعذيب من هذا القبيل قاسٍ جداً، يوضح" هناك تحقيق دائم دون نوم للمعتقل على مدار أربع وعشرين ساعة، يتناوب المحققون عليه من غير أن يسمح له بالنوم، وهذا له ما له في ماكينة التعذيب النفسي، وهو أشد مرارة من التعذيب الجسدي".
وحول أساليب التعذيب يواصل الهودلي حديثه فيقول" كذلك هناك الشبح المهين حيث أنهم إذا أرادوا نقل الأسير من الزنازين وإليها يقبض على أسفل الكيس من تحت الذقن ويجر كما تجر الدابة إمعاناً في الإهانة والإذلال، ويتناوب عليه فريق من أكثر من عشرة محققين يعملون في ملف واحد تتكامل أدوارهم".
يشير الهودلي إلى أن التعذيب دون أن يصنف بهذا المصطلح، الذي يبيح الجريمة ويشرعنها هو في غاية البشاعة وفيه تجاوزات خطيرة جداً مثل، الشبح والحرمان من النوم لأيام طويلة والزنزانة الخانقة التي لا ضوء فيها ولا نافذة سوى فتحة ومروحة تتحكم في كمية الهواء التي تضخه فيها، فوظيفة الزنزانة بشكلها المريع هو أن تُشعر المعتقل بأنه في غاية المهانة وفي غاية الضعف وأنه لا مناص له إلا الاعتراف، رغم أن الاعتراف يفتح عليه أبواب جهنم، لأنهم حينها يريدون التفاصيل والوصول إلى كل أهدافهم، فالاعتراف فتحة في الجدار منها يدخلون إلى معرفة كل ما لديه من أسرار".
يوضح الهودلي" يأتي التعذيب الجسدي الذي تشرعه لهم المحكمة بقرارها الذي يطلق العنان لمخالبهم وأنيابهم، يستخدمون حينها كل ما يخطر ببالنا وما لا يخطر، الهزّ الذي يخلخل عظام الرقبة والعمود الفقري وشبحة الموزة المعروفة، حيث يتقوّس ظهره بطريقة عكسية غالبا ما تفضي إلى كسر في العمود الفقري، وأخطر ما في هذا هو طلبهم للمزيد من المعلومات بينما المعتقل يصرّ على إنكارها سواء عنده شيء أو لا يوجد ما يقوله لهم، وهناك حالات اعترفت على أشياء وهمية، وهناك من صمدوا إلى أبعد نقطة ببطولة أسطورية كشفت زيف الاحتلال وردتهم إلى أنفسهم خائبين.
يختم الهودلي قائلاً" سامر العربيد ومن معه الآن يرسمون بطولتهم في عمق أدغالهم الموحشة، يتألمون ويدفعون أثمانها من أرواحهم، ولكن الرجال المميزون مستعدون لدفع الثمن مهما كان باهظاً".