ولد الشهيد ميسرة أبو حمدية، أبو طارق، في مدينة الخليل عام 1948، والتحق بجامعة بيروت لدراسة الحقوق ولم يكمل الدراسة بسبب ظروف الملاحقة والاعتقال، فقد انخرط في صفوف الثورة عام 1968، وجرى اعتقاله بتهمة الانتماء لاتحاد طلاب فلسطين في العام 1969، كما وتم اعتقاله في العام 1976 تحت بند الاعتقال الإداري، وعام 1978 تم إبعاده من المعتقل للأردن.
الشهيد أبو حمدية كان التحق بصفوف الثورة الفلسطينية في لبنان وقاتل في كتيبة الجرمق، وتميز بأخلاقه ودينه وخبراته التقنية الفنية في مجال التصنيع، وكان مناضلاً فذاً يعمل بجد وصمت، ويشهد له الجميع بالتدين والالتزام بالعبادات، وهو صاحب عقلية إستراتيجية مميزة في التفكير السياسي والجهادي، وخبير في إعداد المتفجرات والعبوات الناسفة، وذو عقلية أمنية مميزة.
بعد اتفاقيات أوسلو عام 1998، عاد أبو حمدية إلى الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتحق بصفوف جهاز الأمن الوقائي، وأصبح مسؤولاً عن قسم مكافحة التجسس، لكن عمل أبو طارق الوطني داخل الجهاز لم يرق لقيادة الجهاز آنذاك، فحصلت مشادات وخلافات بينه وبين قيادة الجهاز على خلفية كيفية ملاحقة عملاء وجواسيس الاحتلال، انتهت بخروج أبو حمدية من الجهاز بعد شهور قليلة جداً.
رغم عودة أبو حمدية إلى الأراضي المحتلة ضمن اتفاقيات أوسلو، إلا أنه كان يدرك أن الاتفاقيات لن تحقق للشعب الفلسطيني أي مستقبل، لذلك تفرغ للعمل المقاوم الصامت بعيداً عن المواقع الرسمية، وبنى جسوراً وعلاقاتٍ مع فصائل المقاومة، وأصبح من أبطال القسام الميامين ومن الجنود المجهولين الذين أذاقوا العدو الويلات، وسطروا فصولاً من الجهاد والمقاومة ضد الصهاينة المغتصبين، والتحق بكتائب القسام منذ بدايات عملها وشارك في تدريب المجاهدين، وعمل بصمتٍ وجهدٍ دؤوب على إمداد المجاهدين بالسلاح والمتفجرات.
في الثامن والعشرين من شهر مايو لعام 2002، وبعد اعترافات على الشهيد أبو حمدية بعلاقته المباشرة مع مجموعات عسكرية بأنه قام بتجهيز أحزمة ناسفة متفجرة لهذه المجموعات الاستشهادية التي نفذت عدة عمليات مميزة، نقل إلى زنازين التحقيق ومكث فيها عدة أشهر، وقدم بعدها إلى المحاكمة، وحكم عليه بالسجن مدة 25 عاماً، إلا أن النيابة العامة استأنفت الحكم وأعادت محاكمته ليرتفع الحكم إلى مؤبد .
بعد صفقة وفاء الأحرار، انتقل ميسرة إلى معتقل ايشل ونفحة، وكان مثالاً للوحدة الوطنية وتجميع الأسرى، فقد عمل خلال اعتقاله على تقريب وجهات النظر بين أسرى حماس وفتح، بل وكان يعمل على إعداد مشروع مصالحة بين فتح وحماس من داخل السجون والمعتقلات .
خلال الشهرين الأخيرين من اعتقاله، وبعد اكتشاف السرطان لديه طرأ تدهور متسارع وكبير على وضعه الصحي، ما فاقم معاناته فأصبح بين الحياة والموت، وعانى من انتفاخ في الغدد الليمفاوية، وهبوط حاد في الوزن، وعدم القدرة على النطق، وأوجاع في كافة أنحاء الجسد، خاصةً في الأضلاع والعضلات، ولم يكن باستطاعته النوم من شدة الألم، وقابلت إدارة السجون كل ذلك بإهمال طبي متعمد.
لاحقاً اضطر الاحتلال لنقل الأسير أبو حمدية لقسم العناية المكثفة في مستشفى سوروكا بعد أن اشتد به المرض والألم لتفيض روحه الطاهرة إلى بارئها عند الساعة الثامنة من صباح يوم الثلاثاء الموافق2/4/2013 بعد معاناته من مرض السرطان نتيجة الإهمال الطبي، ويكون الشهيد رقم (204) ضمن قائمة شهداء الحركة الأسيرة .
يؤكد مكتب إعلام الأسرى في الذكرى السادسة لاستشهاد أبو حمدية أن الباب لم يغلق بعد، وأن القائمة قد تطول نتيجة وجود 23 أسيراً مصاباً بالسرطان بمختلف أنواعه في السجون، إضافة إلى العشرات من الأسرى المصابين بأمراض أخرى مصنفة كأمراض خطيرة ولا تتوفر لهم أي رعاية واهتمام، ويعانون إهمالاً طبياً متعمداً.
يضاف إلى كل ذلك ممارسات الاحتلال الإجرامية بحق الأسرى، والتي وصلت إلى حد إطلاق النار المباشر عليهم بغرض القتل كما جرى قبل أيام في سجن النقب مع الأسيرين عدي سالم، وإسلام وشاحي وغيرهم من الأسرى، فقد أصيب أكثر من 120 أسيراً بجراح مختلفة، بعضها صنفت بالخطيرة وأخرى متوسطة.
يطالب مكتب إعلام الأسرى في ذكرى استشهاد أبو حمدية بعدم طي جرائم الاحتلال ونسيانها في ظل تواطئ المؤسسات الحقوقية، كما ويطالب بأن تبقى هذه الجريمة حاضرة إلى حين محاسبة الاحتلال على قتله المتعمد.