في ظل الحرب الشرسة على الأسرى في سجون الاحتلال، يلتقي مكتب إعلام الأسرى مع الإعلامي المقدسي خالد أبو عكر، نجل أول شهيد أسير من القدس، وتزامناً مع الذكرى الخمسين لاستشهاده .
الشهيد المقدسي الأسير قاسم عبد الله أبو عكر ارتقى شهيداً بتاريخ 23/3/1969 في مركز تحقيق المسكوبية سيء الصيت والسمعة، وكان تحت التعذيب لانتزاع اعترافٍ منه عن أفراد مجموعته، وأصبح أول شهيد أسير مقدسي، ويروي نجله الإعلامي المقدسي خالد أبو عكر لمكتب إعلام الأسرى مشهدين يتذكره فيهما، فقد كان بعمر الرابعة حين استشهد والده.
ذاكرة الابن
يقول أبو عكر لمكتب إعلام الأسرى" المشهد الذي مازال عالقاً في ذاكرتي، وأشعر بضيقٍ عندما أتذكره، هو عندما أحضر جيش الاحتلال والدي بعد اعتقاله بأيام إلى المنزل، والسلاح مصوبٌ عليه، فقاموا بتفتيش البيت وبعدها اقتادوه معهم، وكان هذا المشهد هو آخر مشهد أشاهد فيه والدي الشهيد قاسم أبو عكر، وكان والدي وقتها بعمر ال29 عاماً، وكان يعمل في بقالة".
يتابع أبو عكر" المشهد الثاني كان في اليوم التالي عندما خرجت مظاهرة نسوية من المسجد الأقصى، وكنت وقتها محمولاً من قبل إحدى النساء، وعند باب العامود اعترضت الشرطة الإسرائيلية المظاهرة التي كانت متوجهة إلى قبر والدي في باب الزاهرة، وتم تفريق المظاهرة بالقوة، وأذكر الماء الأحمر الذي رشت به النسوة المشاركات بالمظاهرة".
يصف أبو عكر الأيام التي أعقبت استشهاد والده، يقول" بعد استشهاد والدي الأسير كنت أشعر بالفخر لأنني ابن شهيد، وكان الجميع يهتمون بي لاستشهاد والدي من أجل القدس والوطن، ولكن كنت أشعر بضيقٍ عندما أشاهد آباء زملائي الطلبة وهم يأتون للمدرسة للاطمئنان على أبنائهم، بينما أنا لا، وبالمقابل الإرث الذي منحني إياه والدي افتخر به، فهو قدم روحه فداءً للوطن، وأفتخر بأنني نجل أول شهيدٍ أسيرٍ في القدس رفض أن يبوح بسر مجموعته".
يؤكد أبو عكر أن الاحتلال حاول بالضغط والتعذيب انتزاع اعتراف من والده وهو من كان يمتلك شيفرة المجموعة التي ينتمي إليها، وآثر والده الشهيد أن يحتفظ بسر مجموعته، حتى استشهد ورحل للقاء ربه يشكو ظلم المحتلين الظالمين".
شهادة بعد الاعتقال
يشير أبو عكر إلى أن والده اعتقل مدة ثلاثة أسابيع، وفارق الحياة تحت التعذيب، وهذا إرهاب دولة، يقول" كان التحقيق يهدف للحصول على معلومة من والدي بأي ثمن، وعندما أستذكر حادثة استشهاد والدي وكوكبة شهداء الحركة الأسيرة حتى الآن والذين زاد عددهم عن ال218 شهيداً، يجول في خاطري كيف يتم إعدام الأسرى بدمٍ بارد، سواء في أقبية التحقيق أو بسبب سياسة الإهمال الطبي".
اليوم حين يسمع أبو عكر اسم مركز تحقيق المسكوبية يصاب بقشعريرة، يوضح" دم والدي الشهيد شاهدٌ على إرهاب من بداخل هذا المركز، ومازال أهل القدس يساقون إليه في غرف رقم 4، ليمارس ضدهم عذابٌ نفسي وتهديد ووعيد".
يستذكر زملاء الدراسة والعمل والجيران الشهيد أبو عكر ويتحدثون لنجله عنه دائماً، يخبرونه بقوة إرادته وصموده وشموخه، يقول أبو عكر" هذا يفسر لي سر صمود والدي في التحقيق وتحدي السجان والمحققين بعدم الاعتراف حتى الرمق الأخير، فوالدي شكَّل مدرسة من الصمود والتحدي، ورفض أن يسلم أفراد مجموعته، رغم الضغوط التي مارسها المحققون بحقه".