أيامٌ كالعمر بأكمله لم يعرفون ليلها من نهارها؛ أوقاتٌ مرت بمرّها وموتها وبردها وجحيمها على أسرى سجن النقب الصحراوي، ذاك الذي أقامه المحتل في صحراء فلسطين كي يتحول من معتقل إلى مقبرة للأسرى.
وفي الوقت الذي كان فيه أسرى النقب يتعرضون لأقسى الهجمات وأعتى أنواع القمع، كانت عائلاتهم تحمل قلوبها على أيديها وتعتصر ألما على حالهم محاولة الحصول على أي معلومة كي يبرد قلبها قليلا.
ومن بين تلك العائلات كانت عائلة الأسير سلامة القطاوي من بلدة بيرزيت شمال رام الله، حيث تواردت أنباء عن إصابته خلال القمع الأخير ثم انقطعت كل الأخبار عنه.
ويقول إياس شقيق الأسير لـ مكتب إعلام الأسرى إن العائلة كانت تعيش لحظات صعبة في ظل توارد الأنباء عن القمع في قسم "٤" في سجن النقب، حيث أيقنت بأن ابنها الأسير قد يكون مصابا ولكن لم تستطع التعرف على حالته.
ومرت الساعات والأيام والاحتلال يتكتم بشكل كبير على الحالة الصحية للأسرى المصابين أو أعدادهم وطبيعة إصاباتهم، حتى بلغ القلق مبلغه لدى أهاليهم الذين خرجوا في ميادين الضفة يحاولون إيصال صوتهم لعالم لا يسمع ولا يرى.
ويضيف القطاوي:" وصلتنا أخيرا معلومات من مؤسسات حقوقية أن شقيقي أصيب خلال القمع ولكن حالته مستقرة وتم نقله إلى المستشفى لساعات ثم تمت إعادته إلى قسم ٣ في سجن النقب، ولكن حسب ما علمنا فإن ظروفهم صعبة ويقيدون في الأسرّة ويبيتون دون فراش أو أغطية".
ويرى القطاوي بأن قرار الاحتلال منع الزيارات لأسرى حركة حماس هو إجحاف كبير بحقهم وحق عائلاتهم التي تنتظر موعد الزيارة بفارغ الصبر للاطمئنان عليه والتواصل معه، ولكنه احتلال جائر يسعى بكل الطرق للتنغيص على الفلسطينيين.
لماذا المنع؟
أما عائلة الأسير عناد البرغوثي من قرية كوبر شمال رام الله فتعيش أوقاتا لا تقل قساوة ولا يغادرها الخوف والترقب، فثلاثة أشقاء أسرى يكابدون ظلم السجان واعتداءاته.
وتقول والدة الأسرى أم عناد لـ مكتب إعلام الأسرى إن ليلة القمع كانت من أقسى الليالي التي مرت عليها حيث لم تغمض عيناها وهي تتابع أخبار سجن النقب الذي يقبع فيه نجلها الأسير عناد في القسم ٤ الذي تعرض للقمع.
وكما غيره من الأسرى وصلتها أنباء بعد القمع بثلاثة أيام أنه أصيب بجروح بعد اعتداء الاحتلال الوحشي وتم نقله إلى المستشفى ثم إعادته إلى القسم ٣ وسط ظروف صعبة.
وتضيف:" رغم كل ما مررنا به من قلق وتوتر ورغم ما مر به الأسرى من ظلم وقمع إلا أننا نتعرض لعقوبات منها منع الزيارة، حيث هي النافذة الوحيدة التي نستطيع منها رؤية أبنائنا والاطمئنان عليهم، ولكن لماذا المنع؟ هل يريد الاحتلال أن يغطي ما حدث لأبنائنا من جروح وحشية واعتداء همجي؟ هل ينتظر أن تشفى جروحهم قبل السماح لنا برؤيتهم كي لا نفضح همجيته؟".
وتؤكد أم عناد بأن قرار منع الزيارات ليس جديدا، حيث أنها منذ اعتقال نجلها قبل ثلاثة أعوام لم تتمكن من زيارته سوى ثلاث مرات على الأكثر في ظل ما يعرف بالمنع الأمني؛ أي أن العقوبات موجودة منذ أعوام ويتذرع الاحتلال بحجج واهية كي يعلن هذا المنع رسمياً.
وحول الوضع الصحي لنجلها تشير إلى أنها لا تملك أي معلومة حول ذلك ولكنها تدعو الله أن يكون بخير وأن يخلصهم الله من السجن المقيت.