عشر سنوات طويلة مضت بمرارها وتعبها ووحشتها وغربتها في زنازين القهر الصهيونية، فاليوم هناك كالدهر يقالب فيه الأسير ظلم السجان والأصفاد ويتوق ليوم الحرية المشرق الذي يخلصه من كيدهم.
ذاك كان حال الأسير المقدسي المحرر أويس حمادة من قرية صور باهر جنوب القدس المحتلة، ولكنه رغم التحرر لم يسلم من حقد الاحتلال وأذرعه المختلفة التي تواصل ملاحقة الأسرى المحررين خاصة في القدس المحتلة.
عام ٢٠١٢ كان الموعد مع الحرية بعد عشر سنوات من الاعتقال بتهمة التواصل مع أسرى من حركة حماس بينهم القائد الأسير محمود عيسى أقدم أسير مقدسي، تنسم المحرر أويس هواء القدس وعاد إليها بعد غياب.
ويقول المحرر لـ مكتب إعلام الأسرى إنه بعد تحرره تزوج ورزق بطفل وطفلة حيث كان يبلغ من العمر ٢١ عاما فقط حين تم اعتقاله فكان أعزبا، وسافر عدة مرات مع عائلته إلى تركيا بهدف النقاهة بعد سنوات الأسر وأدى العمرة كذلك مرة واحدة.
ومع حلول شهر مارس من عام ٢٠١٧ أصدرت مخابرات الاحتلال قرارا بمنعه من السفر لمدة خمسة أشهر قابلة للتجديد، فنصحه مقربون بأن يلجأ إلى محامٍ كي لا يتم تجديد القرار.
ويضيف:" بالفعل لجأت إلى محامٍ من أجل الاستئناف على القرار وعدم تجديده ولكن أيقنت أن قرارات المحكمة شكلية وأن الذي يصادق على هذه القرارات هو جهاز المخابرات الصهيوني، لذلك لم أعد للاستئناف أو الالتماس".
أمر منع السفر استمر لفترة طويلة حيث كان يتم تجديده فور انتهاء مدته؛ وكان آخر قرار قبل عدة أيام بتجديده لخمسة أشهر أخرى، ليدخل المحرر عامه الثالث في قرارات منع السفر العنصرية.
ويوضح حمادة بأن قرارات الاحتلال تترافق مع ادعاءاته أن أويس له علاقات مع نشطاء وله نشاطات مقاومة للاحتلال داخل وخارج فلسطين ويشكل خطرا على "أمن الدولة" ولكنه كان يرفض ادعاءاتهم في كل مرة.
ولا يقتصر الأمر على مجرد فكرة منع السفر وإنما على تقييد الحرية حتى بعد الخروج من السجن، فالاحتلال يحاول محاصرة المحررين ومراقبة تحركاتهم وحتى توقيفها في كثير من الأحيان.
ويشير المحرر إلى أن الاحتلال ومنذ الإفراج عنه كان يستدعيه للتحقيق عدة مرات ويستجوبه حول حياته وتحركاته والتي لا تتعدى حياة طبيعية لأي شخص ولكن كان كله بهدف التضييق عليه حتى وصلت مرات الاستدعاء إلى أربع مرات شهرياً، كما كان الجنود يقتحمون منزله بحجة وجود أمر لتفتيشه.
ويعقب حمادة قائلا:" الهدف من كل هذا هو الضغط على المحررين خاصة في القدس فلو كان لهم أي إثبات حول تهم لدي لتم اعتقالي، أما منع السفر فهو أمر لا يزعجني لأنني كنت أسيرا فمن جرب السجن لا يختنق من منع السفر ومن تحمل الأسر لا تؤثر عليه هذه القرارات".
الاعتقال
أما عن تجربة اعتقاله فكان شابا يافعا آنذاك في بداية العشرينيات، اعتقل وتعرض للتحقيق والضغط والعزل الانفرادي.
ويوضح حمادة بأنه تعرض للتحقيق القاسي بما فيه الحرمان من النوم لمدة ٧٢ ساعة أو رؤية المحامي وكذلك الشبح والاستجواب المتواصل ثم صدر الحكم عليه بالسجن لعشر سنوات.
كان الحكم صادما على أويس وعائلته؛ فهو توقع أن يكون الحكم نصف عدد السنوات خاصة أن هناك قضايا مشابهة لقضيته وكان الحكم فيها أقل، حيث تعاملت مخابرات الاحتلال مع ملفه بشكل مختلف لأنه كان له صلة بأسرى من ذوي الأحكام العالية.
ويشير إلى أن الاحتلال وضعه في العزل الانفرادي في بداية الاعتقال ثم في عزل سجن هداريم لست سنوات وبعدها تم نقله إلى سجن نفحة دون الاختلاط ببقية الأسرى، حيث أمضى تسعة أعوام من محكوميته في العزل الانفرادي أو مع بعض الأسرى حتى تم نقله في السنة الأخيرة من الاعتقال إلى أقسام الأسرى في سجن نفحة الذي تحرر منه.