لا تتوقف القرارات العنصرية بحق الفلسطينيين في القدس المحتلة بل تزداد خطورتها يوما بعد يوم وتستهدفهم في منازلهم ومحلاتهم ولقمة عيشهم، ولكن الأمرّ من ذلك أنها تصدر في وضح النهار وأمام مرأى العالم كله دون وجود رادع حقيقي أو موقف تُبنى عليه خطوات.
أما آخر ما تفتقت عنه العنصرية الصهيونية فقرار يقضي بحرمان الأسيرة المحررة شيرين العيساوي من بلدة العيسوية شرق القدس المحتلة من مزاولة مهنتها المحاماة مدى الحياة في سابقة خطيرة تستهدف المقدسيين في أكثر الأمور خصوصية وفي سعيهم لرزقهم.
عنصرية بامتياز
القرار الذي صدر عن ما تسمى بمحكمة الاستئناف جاء بعد تهديدات من قبل مخابرات الاحتلال للعيساوي أثناء اعتقالها للمرة الأولى بمنعها من الاستمرار في مهنتها، حيث اعتقلت مرتين كانت الأولى عام 2010 لمدة عام والثانية عام 2014 لمدة ثلاثة أعوام وعشرة أشهر، وفي المرتين أدينت بالدفاع عن الأسرى الفلسطينيين.
وتقول المحررة العيساوي لـ مكتب إعلام الأسرى إن القرار الصادر عن محكمة الاحتلال لن يزيدها إلا قوة وإصرارا على إكمال رسالتها الإنسانية التي تقدمها عن الأسرى الفلسطينيين بشكل عام، معتبرة أن القرار يعني أنها تسير في الطريق الصحيح وأن ما تتعرض له دليل على أن الاحتلال يتأثر من أي أصوات مدافعة عن حقوقهم.
وترى العيساوي بأن استهدافها بمثل هذا القرار هو استهداف للعائلة بشكل كامل والتي تتعرض منذ سنوات طويلة لحرب عنصرية، حيث كان جدها مقاتلا مع المقاومين خلال نكبة عام 1948 واستشهد وعمها استشهد كذلك وأشقاؤها أسرى، مبينة بأن الاحتلال يحاول أن يحاصر عائلتها بمزيد من العقوبات التي لم تتوقف يوما بحقها وكان من ضمنها إخطار بهدم منزل العائلة، كما أراد إدانتها عبر عدة ملفات أبرزها وقوفها إلى جانب شقيقها الأسير سامر العيساوي خلال معركة الإضراب التي خاضها ولكن لم يملك دليلا على ذلك فاتهمها بزيارة الأسرى والتواصل معهم.
وتضيف:" القرار العنصري الأخير لا يؤثر بنا لأن هذا احتلال معروف بحربه على الفلسطينيين من كل جانب فهو يعدم الشبان ويقتل الفتيات ويعتقل ويهدم، كما أن الاحتلال يسمح لأحزابه العنصرية بالتحكم في قرارات نقابة المحامين الإسرائيلية التي توافق على ما يصدره من قوانين عنصرية، ولكنني أشعر بخيبة أمل من بعض المؤسسات الفلسطينية التي حاولت التقدم لها بوظيفة ولكنها رفضت بحجة أنهم لا يريدون التصادم مع الاحتلال في أي مشاكل، وأنا منذ تسع سنوات عاطلة عن العمل ولا يوجد لدي مصدر رزق".
وحول سبب هذه القرارات العنصرية بحقها تقول العيساوي إن عملها لم يكن خارج إطار القانون ولكن الاحتلال لا يريد لأي شخص أن يتواصل مع المؤسسات الدولية لإظهار معاناة الأسرى، حيث أنها كانت خلال عملها كمحامية تتواصل مع مؤسسات مختلفة لفضح صورة الاحتلال الذي يحرص على تلميع صورته أمام العالم أنه كيان ديمقراطي بينما في الحقيقة هو كيان عنصري بامتياز.
وتشير المحامية إلى أنها ستحاول البحث عن مخارج قانونية فيما يتعلق بهذا القرار والتواصل تحديدا مع مؤسسات حقوق الإنسان كي يتم تبني القضية من الجانب الإنساني.
قرار سياسي
وبدوره قال مدير مكتب إعلام الأسرى أ.ناهد الفاخوري :" في سابقة خطيرة تقوم محاكم الاحتلال بإصدار قرار غير مسبوق وغير مهني ومُزكى من نقابة المحامين ودون أي اعتراض منها بإنهاء الحياة المهنية إلى الأبد لمن يدافعون عن حقوق أسرانا وكان لهم دور كبير في فضح جرائم الاحتلال وانتهاكاته للقانون والأعراف الدولية " .
ومن وجهة النظر القانونية فإن المحامي لا يمكن فصله عن مهنته إلا إذا ارتكب جرما فظيعا ينهي عمله مدى الحياة، ولكن في حالة المحررة شيرين فيتفق المراقبون أن القرار سياسي بامتياز ويهدف إلى محاصرة قضية الأسرى بشكل عام.
ويقول المحامي والناشط الحقوقي فريد الأطرش لـ مكتب إعلام الأسرى إن ما تم يأتي ضمن إجراءات تعسفية يمارسها الاحتلال على الفلسطينيين بشكل عام والمقدسيين بشكل خاص في ظل مقاومتهم المستمرة لمشاريع التهويد، موضحا أن القرار عنصري بالدرجة الأولى يحاول كسر إرادة كل من يدافع عن الأسرى.
ويرى الأطرش بأنه من الواضح أن القرار سياسي لذلك من الواجب أن يقوم المحامون على وجه الخصوص بالتواصل مع الهيئات الدولية المختصة لفضح جريمة الاحتلال هذه والمطالبة بإعادة العيساوي لتزاول مهنتها بأريحية، إضافة إلى توثيق وفضح إجراءات الاحتلال المستمرة.
واستمرارا لهذا النهج أقدم الاحتلال على معاقبة عدد من المحامين الفلسطينيين بعد فضحهم جريمته بحق أسرى سجن "عوفر" مؤخرا، كما يعتقل في سجونه عددا من المحامين في استهداف واضح لكل من يحاول إظهار الوجه الحقيقي البشع لكيانه.