منذ أكثر من ثلاثين عاماً والمربي محمود عفانة (80عاماً) من سكان قلقيلية، يعتبر السجون جزءاً من حياته؛ بسبب اعتقال أولاده، ففي العام 2018 اعتقل الاحتلال ابنيه ميسرة ومحمد سامح، والثالث اعتقلته الأجهزة الأمنية في بداية العام الحالي، ولم يبق له من الذكور خارج السجون إلا نجله غيث والذي ذاق ويلات الأسر سابقاً.
يقول المربي الحاج محمود عفانة" الصبر مفتاح الفرج، ومن يعيش على هذه الأرض لا بد من ضريبة يدفعها، فالاحتلال لا يترك الفلسطيني يعيش بحرية على أرضه دون تنغيص أو نكد، فهو يسعون دائماً إلى زعزعة الاستقرار العائلي، فكل عائلة فلسطينية يستهدفها الاحتلال بوسائله الخبيثة المتعددة في إيقاع الأذى والضرر".
ويضيف عفانة" ابني ميسرة اعتقل في شهر آذار الماضي، وهو يقبع في سجن مجدو وكان سندي الرئيسي في محلي التجاري، وباعتقاله أربكني وجعلني وحيداً، وابني محمد سامح يكمل دراسة الدكتوراة في جامعة النجاح ،وباعتقاله تدخل الاحتلال بشكلٍ متعمد لوقف إكماله التعليم، وعندما أتذكر رحلات الأسر السابقة لأولادي، ينتابني شعور بالفخر بأننا عائلة لا نرفع الراية البيضاء أمام الاحتلال، فوطننا يحتاج إلى رجال، وهذه ضريبة الأحرار".
ويتابع المربي عفانة حديثه فيقول"العائلات الفلسطينية تقدم نماذجَ من العطاء والتضحية، وأذكر على سبيل المثال وليس الحصر عائلة الصوي في قلقيلية والتي توزعت بين السجون والمقابر، ولغاية الآن تدفع الثمن، وهناك في قرية كوبر حيث تسكن عائلة البرغوثي، والتي استهدفها الاحتلال بالرصاص والاعتقال، وعندما أتذكر هؤلاء تهون مصيبتي، فالعطاء والتضحية لا يتوقف في تاريخ هذا الشعب المقدام".
يؤكد عفانة على أن وجود أبنائه في سجون الاحتلال لا يؤلمه بقدر اعتقال ابنه أحمد لدى الأجهزة الأمنية، يقول عفانة"هذا الاعتقال زاد من وجعي، في الوقت الذي لا داعي فيه لزيادة الوجع علينا، فالاحتلال يستهدف منازلنا، حتى أن ابنتي تم اعتقالها في السابق".
يختم المربي المسن عفانة حديثه بكلماتٍ لها وقعٌ على النفس، يقول" منذ صغري أتذكر النكبة، ثم عايشت النكسة والجدار والسجون، ومازلت أعيش في دوامةٍ يمعن الاحتلال فيها فتكاً بكل فلسطيني".