في ليلة شديدة البرودة وبعد ساعات قليلة فقط من عاصفة ثلجية ضربت محافظة الخليل وما حولها؛ اجتاحت آليات الظلم الأسود مدينة يطا جنوباً وبدأت تنفذ حقدها الذي ارتأت أن تقيمه في كل منزل فلسطيني.
هذه المرة كان الدور على عائلة الجبارين التي ما يزال جرحها غضاً، فهي تلتمس أي معلومات حول نجلها الفتى الأسير خليل بعد أن نهشت جسده رصاصات الاحتلال.
ليلة الجمعة الماضية كانت الموعد الذي قرره الاحتلال لهدم شقاء العمر لهذه العائلة الوادعة، فخرجت آلياته من معسكراتها متجهة نحو منزل الجبارين في يطا مع انتصاف الليل، ثم أخلت العائلة بالقوة وطردتها إلى العراء.
ويقول أيمن شقيق الأسير الجبارين لـ مكتب إعلام الأسرى إن قوات الاحتلال حاصرت بشكل مفاجئ المنزل المكون من طابقين واقتحمه الجنود مطالبين كل من فيه بالخروج رغم البرد القارس، مبينا بأن العائلة لم تمتلك سوى الخروج من البيت في ظل الحصار الكبير الذي نفذه الاحتلال على منزلها.
الشبان حاولوا الوصول إلى المكان ورشقوا الجنود بالحجارة والزجاجات الفارغة والحارقة، إلا أن رتل الآليات العسكرية كان كبيرا ومنعهم من التقدم أكثر.
ويوضح أيمن بأن الهدف كان هدم الطابق العلوي للبيت والذي كان يقطنه معظم أفراد العائلة بينهم الأسير خليل، وهو لا يقل عن مساحة 150 مترا مربعا بواقع سبعة أفراد يسكنون فيه، وكان تلقى إخطارا بالهدم في أواخر نوفمبر الماضي بينما يحمل بين حجارته الكثير من الذكريات والمواقف واللحظات السعيدة والحزينة.
ويضيف:" خرجنا من المنزل ونحن نعلم أننا لن نعود إليه مجددا، سمعنا صوت التفجير وأيقنّا أن بيتنا أصبح ركاما ولكننا لم نكترث لأن كرامتنا أغلى من كل شيء".
"نبني من جديد"
وتستمر حكاية هدم منازل الأسرى الفلسطينيين الذين تتهمهم قوات الاحتلال بتنفيذ عمليات فدائية، حيث يظن الاحتلال أنها سياسة مجدية في وقف نبض الشعب المقاوم ولكنها تثبت فشلها في كل مرة.
ويؤكد جبارين بأن رسالة العائلة أن البيت هُدم ولكن ستعيد بناءه من جديد مهما كلفها ذلك، وأنهم مهما تمكنوا من هدم الحجارة فلن يتمكنوا من هدم عزائمها لأن المنزل ليس أغلى من ابنها الأسير.
ويشير أيمن إلى أن شقيقه خليل نقل مؤخرا من سجن الرملة إلى سجن "عوفر" في قسم الأشبال؛ حيث كان أصيب بتسع رصاصات في رقبته وتحت إبطه ويده اليسار؛ استُخرجت ست منها وثلاث منها ما زالت في جسده، وهو يعاني كغيره من الأسرى المصابين من سياسة الإهمال الطبي.
وكان الأسير الفتى نفذ عملية طعن فدائية في سبتمبر الماضي في مستوطنة "غوش عتصيون" المقامة على أراضي شمال الخليل قتل خلالها مستوطنا كان يخدم في قوات الاحتياط التابعة للاحتلال، وأطلق الجنود النار صوبه فأصابوه وتركوه ينزف لأكثر من ساعة دون أن يسمح لطواقم الإسعاف الفلسطينية أن تقترب منه.