لا تمر لحظات الليل متشابهة على الكثيرين؛ فهي ثقيلة على البعض بطيئة باردة بفعل ممارساتٍ يُقصد من خلالها أن تتحول أي لحظة سكون إلى كابوس مريب.
منذ أكثر من أسبوع تعيش عائلة نعالوة من مدينة طولكرم حياة أشبه باللا حياة يفرضها الاحتلال عليهم بحجة البحث عن نجلها المطارد أشرف (24 عاما) والذي نفذ عملية مستوطنة "بركان" الصناعية المقامة على أراضي مدينة سلفيت شمال الضفة صباح يوم الأحد من الأسبوع الماضي.
عمليات التفتيش والاقتحام للمنزل يومية منذ ذلك التاريخ وليس الهدف إلا إرباك ذويه وأقاربه كي يجعلوا المجتمع حاقدا على المقاومين؛ ولكن هذه السياسة أثبتت فشلها عدة مرات.
يقول السيد وليد نعالوة "أبو أمجد" والد المطارد أشرف لـ مكتب إعلام الأسرى:" يوميا منذ أسبوع يتم اقتحام منزلنا في ضاحية شويكة؛ يوميا يتم التحقيق معنا وتخريب محتويات المنزل وتعمد نثر ما فيه؛ في كل يوم عدا الجمعة نعيش هذه الأجواء ويحاولون التأثير على معنوياتنا".
جميع أفراد العائلة تعرضوا للاعتقال بمن فيهم الوالدة والشقيقات؛ وما زالت الابنة الكبرى فيروز رهن الاعتقال بعد مداهمة منزلها في حي المعاجين بمدينة نابلس؛ علما أنها متزوجة وأم لأربعة أطفال لا يتجاوز أصغرهم أربعة أعوام من عمره.
ويشير أبو أمجد إلى أنه وخلال عمليات الدهم والاعتقال يقوم الجنود باحتجاز العائلة جميعها في غرفة داخل منزلها حيث تسمع من هناك أصوات التخريب والاعتداء على أثاث البيت؛ وبعد ساعات من الاقتحام والعربدة يخرج الجنود ويفكون "الحصار" عن العائلة لتتابع وتدقق ما حدث في بيتها عقب الهجوم الوحشي.
ويضيف:" في أحيان أخرى يقومون بتقييدي أنا ونجلي أمجد واقتيادنا إلى معسكر قريب من قرية بيت ليد والتحقيق معنا حول أشرف، يكررون الأسئلة ذاتها في كل مرة ونخبرهم بأننا لا نعرف شيئا عنه ولكنهم يصرون على مضايقتنا".
سياسة خبيثة تلك التي تنفذها قوات الاحتلال؛ فعند اقتحام المنزل يستغلون مشاعر العائلة ويطلبون منها التواصل مع ابنها كي "لا يصيبه مكروه" متناسين أن من ينفذ مثل هذه العمليات لا يكترث بمصيره الدنيوي، ولكنهم يطبقون سياسة الضغط على ذويه في محاولة يائسة للحصول على معلومات حول مكان تواجده.
ويؤكد أبو أمجد بأن منازل أقارب أشرف لم تسام كذلك من الاقتحامات والاعتقالات والتخريب؛ حيث تم اقتحام منزل عمه عزام أبو شيخة واعتقال نجله سليمان واقتحام منزل عمته والعبث بمحتوياته، علاوة على اعتقال عدد من الشبان لأيام قصيرة والتحقيق معهم حول علاقتهم بأشرف.
بدورها تقف الوالدة القلقة من سماع الأخبار وسط منزلها تنظر كل يوم إلى ما أحدثه الجنود ببيتها ومحتوياته، تنشغل بالدعاء تارة وبالترتيب تارة أخرى على أمل أن يكون هذا الاقتحام الأخير في كل مرة.
وتقول لـ مكتب إعلام الأسرى:" ابني أشرف هو الأصغر بين أبنائي الذكور؛ وهو الوحيد غير المتزوج بينهم، يبلغ من العمر 24 عاما وكل ما أعرفه أنه كان يعمل في إحدى المستوطنات؛ وبسبب طبيعة عمله فإننا لا نراه كثيرا ولا نتابع تحركاته أو مكان تواجده وهذا ما لا يريد الاحتلال فهمه".
الأم الخمسينية الصابرة تعرضت كذلك للاعتقال مع ابنتيها؛ تم اقتحام منزلهم خلال الأسبوع الماضي واعتقال ثلاثتهن ونقلهن إلى أحد مراكز التوقيف مقيدات تحت أشعة الشمس.
وتضيف:" قيدونا وحققوا معنا حول أشرف؛ قلنا لهم إننا لا نعلم أي شيء عنه ولكنهم أصروا على مضايقتنا، وبعد عدة ساعات أطلقوا سراحنا، ولكن اعتقالنا بهذه الطريقة أثر علينا نفسيا خاصة ابنتي الصغيرة سندس التي تم اعتقالها مرتين؛ كما أنني قلقة على ابنتي الأخرى فيروز التي ما زالت معتقلة حتى الآن ولديها أطفال الله فقط أعلم بحالهم".
في كل مرة ينتقم الاحتلال من عائلات الفدائيين ضمن سياسة العقاب الجماعي محاولا تشويه المقاومة في نفوس الفلسطينيين؛ وما علم أن شعبا مقهورا لا تهمّه هذه الممارسات الوحشية مهما طال أمدها.