حين استقل بسام السايح (44عاماً) من سكان مدينة نابلس، سيارةً متوجهاً إلى محكمة سالم لحضور جلسة محاكمة زوجته بتاريخ 9/10/2015، كان احتمال اعتقاله من المحكمة وارداً، لكنه لم يُرد أن يفوت على نفسه رسم ابتسامةٍ خاصةٍ تعيد إليه الحياة من آلام مرضه، ابتسامة سيراها في وجه زوجته في ذلك اليوم تحديداً، فكر بسام كثيراً لابد في تلك السيارة كيف سيرسم تلك الابتسامة، كيف سيُنسي زوجته منى شيئاً من توترها ومن آثار المحاكم والاعتقال والقيد والفراق القسري، لكنه لم يعلم أن موعد العودة من رحلته تلك سيتأخر كثيراً.
تقول منى السايح في حديثٍ لمكتب إعلام الأسرى في ظل دخول زوجها المريض بالسرطان والأسير في سجون الاحتلال عاماً جديداً في الأسر"أصبح هذا اليوم ذكرى لاعتقال بسام، بعد أن كان يوماً لذكرى ميلادي فقط، بسام كان يود أن يهنأني بعيد ميلادي في ذلك اليوم، حين كانت محاكمتي توافق ذلك التاريخ، وكان احتمال اعتقاله وارداً لكنه خاطر ليقول لي كل عام وأنت بخير، وحتى اليوم يرفض أن يقترن التاريخ بذكرى أليمة لنا، ويحرص على أن يجعل منه يوماً خاصاً للاحتفال وإسعادي".
تضيف المحررة منى السايح وتضحك"لدينا علاقة غريبة مع التواريخ، أن يوافق تاريخ ميلادي ذكرى دخول بسام عاماً جديداً أمر غريب، لكنه يحرص على أن يشعرني بالفرح، أن يجعل من اليوم مدعاة للاحتفال، وأن لا يكون مجرد تاريخ لدخوله عاماً جديداً في الأسر، بل أن يصبح تاريخاً لأمورٍ تجلب الفرح".
الأسير السايح ورغم إصابته بمرض السرطان وتواجده في مكان يصطلح الأسرى على تسميته بمسلخ الرملة، إلا أنه لا ينسى نصيب زوجته من الفرح، يرسل لها الهدايا والورود، يتذكر أيامها كما لو كان يحفظها غيباً ليزيح بذلك عن كاهلها عبء الانتظار، فيجعل من زوجته منى السايح إنسانة متفائلة وبشوشة الوجه رغم حجم الهموم التي تعصف بها.
حيث يتواجد بسام، في مسلخ الرملة، توجد بيئةٌ لا تتناسب مع أسيرٍ مصابٍ بمرض السرطان في الدم والعظام، ومع حاجته الدائمة للعلاج والمسكنات ومع أمراضه الكثيرة كمشاكل التنفس في رئتيه والالتهاب الرئوي، ومشاكل الحركة والضعف العام والقصور الحاد في عضلة القلب، وهشاشة العظام والضعف العام.
منذ أيام دخل بسام عامه الرابع في سجون الاحتلال، لا تشفع له أمراضه، يهدد بحكم المؤبد المكرر مريتن وال30 عاماً كباقي أفراد خلية ايتمار التي نفذت عملية عام 2015، لكن الحكم يؤجل نظراً لوضعه الصحي.
اعتقالاتٌ كثيرة لدى الأجهزة الأمنية ولدى الاحتلال ملأت حياة الأسير بسام وحياة زوجته بالانتظار، حين زارها في محكمة سالم لم يعبأ بأنه سيعتقل، فهو كان لم ير زوجته منذ قرابة الستة أشهر، وحين واجه خطر الاعتقال كان ما فكر به فاعتقل هو وخرجت هي بعد شهر ونصف من اعتقاله، كان نصف خروجٍ وكانت نصف فرحة بالنسبة لزوجته منى السايح، لكنها لا تزال تقاوم.