أصبحت حافلات عائلات الأسرى التي تنقلهم إلى السجون لزيارة أبنائهم، جزءاً أصيلاً في حياتهم، وينتظرونها بفارغ الصبر حسب مواعيد زياراتهم، في الوقت الذي يتواجد في سجون الاحتلال أكثر من 6000 أسير نصفهم محرومٌ من الزيارة، والنصف الآخر يتعثرون في زيارتهم حسب مزاج مصلحة السجون والحواجز العسكرية التي يمرون بها أثناء رحلتهم.
أبناء الأسير المريض لؤي صبحي فريج(44عاماً)من سكان مدينة قلقيلية، والقابع في سجن مجدو، والمعتقل منذ شهر آذار الماضي، تحدثوا عن انتظارهم لزيارة والدهم المريض بمرارة وشوق.
نجل الأسير لؤي فريج، الطفل عبد الرحيم(14عاماً) قال لمكتب إعلام الأسرى"أتخيل حافلة الزيارة كل الوقت، وخاصةً أثناء توجهنا صباحاً إلى سجن مجدو، فهي بالنسبة لي الوسيلة التي تنقلني إلى مكان والدي، فنتحدث معه أنا وإخوتي الصغار، فوالدتي ما زالت ممنوعة من الزيارة وجدتي كذلك".
يضيف عبد الرحيم"أستطيع وصف الحافلة بقارب النجاة الذي يجعلني أصل لوالدي المريض الذي لا يستطيع أن يراني من خلف الزجاج السميك لضعف الرؤية الشديد في عينيه، ففي الاعتقال الأخير فقد الرؤية بعينه اليمنى، وبقي يرى بشكل ضعيف جداً في العين اليسرى، ونكتفي بالحديث عبر الهاتف".
وفي مشهد آخر، مع والدة الطفل أحمد عيسى صبري من قلقيلية، القابع في قسم الأشبال في سجن مجدو، تقول لمكتب إعلام الأسرى"أذهب لزيارته مع أطفالي، ندين في الصف الثالث ويوسف في الصف الثامن، نجتاز معبر قلقيلية وتكون الحافلة بانتظارنا، وهذه الحافلة لها رونقٌ خاص، فكل عائلة تحمل هماً خاصاً بها".
تضيف أم أحمد صبري"هذه الحافلة يمكن أن نطلق عليها حافلة الهموم والأوجاع، فأثناء الذهاب تكون المشاعر متأججة تنتظر لحظة اللقاء، وعند العودة يكون السكون ووجع الفراق على أمل اللقاء مجدداً، والكل فينا ينتظر اليوم الذي تغيب حافلة الصليب الأحمر من حياته، فهي صاحبة أوجاع".
أما شقيقة الأسير المريض عثمان يونس، منال يونس، من سكان قرية سنيريا، جنوب قلقيلية، والمحكوم بالسجن المؤبد بتهمة تنفيذ عمليات عسكرية، قالت لمكتب إعلام الأسرى واصفةً الحافلة"لا أستطيع وصف المشاعر وأنا أنتظر الحافلة التي تنقلنا إلى السجن، أنا أكتب على صفحتي في موقع التواصل الاجتماعي، مشاعري وأنا ذاهب للزيارة في حافلة الصليب الأحمر، ويكون قلبي يرقص فرحاً برؤية شقيقي الأسير".
تضيف يونس"الزيارة عبارة عن إفراج مؤقت ينتهي بانتهاء الزيارة، والحافلة لها نصيب في حياتنا، ونحلم بها في منامنا وفي يقظتنا، فهي عزيزة على قلوبنا لأنها تقربنا وتجمعنا بشقيقي الأسير، شقيقي الذي تعرض لإطلاق نار وهو في المستشفى في رفيديا بنابلس، على يد قوات خاصة في شهر آب من عام 2003م".
تختم منال يونس حديثها بالقول"الحافلة لها فضل علينا فمقاعدها ونوافذها لها ارتباط بنا، ونحن نحدث شقيقي الأسير كيف تنتظرنا الحافلة كي نستقلها وتسير بنا في ربوع فلسطيني التاريخية، فهي حافلة لا يعرف أهميتها إلا عائلة الأسير والأسير معاً".