إن العمل الطبي هو عمل إنساني بحت، لا يرتبط بزمان أو مكان، وهو مهنة أخلاقية في الدرجة الأولى، تتلخص أهدافها في إنقاذ حياة الإنسان المريض، وتخفيف آلام المرض عنه، وتخليصه منها وتحسين وضعه الصحي، نفسياً كان أو جسدياً.
هذه الأخلاقيات تعتبر مسلمات في مهنة الأطباء، ويُفترض ألا يوجد لها الكثير من الاستثناءات، إلا أنه وفي حالة الطبيب الصهيوني في السجون فهناك الكثير من الاستثناءات، حيث تركزت مهمات الكوادر الطبية هناك على أدوار تتنافى مع أخلاقيات المهنة العالمية؛ حيث يُبدي الأطباء تعاونًا كاملاً مع الفرق الأمنية والعسكرية، بما يحقق أهدافها، في تعذيب الأسير وانتزاع الاعترافات منه.
مكتب إعلام الأسرى يعتبر أن الأطباء الصهاينة العاملين في عيادات سجون الاحتلال ومراكز التحقيق والتوقيف لا يمثلون هذه المهنة الإنسانية، ولا يمارسون أخلاقياتها، وهم أداة طيّعة في خدمة جهاز الشاباك، والمؤسسة الأمنية، وينفذون تعليماتها، ويشاركون في الضغط على الأسرى.
إعلام الأسرى أوضح بأن الأطباء يعاملون الأسير الفلسطيني على أنه مخرب وإرهابي، وليس إنساناً مريضاً، وبذلك فهو لا يستحق المعاملة الإنسانية، بل ويصل الأمر إلى استغلال مرض الأسير وحاجته للعلاج للابتزاز والضغط عليه لانتزاع اعترافات منه تدينه أمام المحاكم، أو مساومته لوقف إضرابه عن الطعام.
وأضاف إعلام الأسرى بأن الطبيب في السجون لا يتبع لأي مؤسسة مدنية، إنما يتبع مصلحة السجون والجيش، لذلك فهو يخضع لأوامر رجال المخابرات، الذين يوجهون تقاريره الطبية إلى الجهة التي تخدم سياستهم لقتل الأسرى وتعذيبهم، دون مراعاة لأخلاقيات المهنة، حيث يعمل الطبيب وفق ما يحقق أهداف إدارة السجن الأمنية والعسكرية في تعذيب الأسير وانتزاع الاعترافات منه بكل الوسائل.
واستشهد إعلام الأسرى على هذا الدور السيء للأطباء بتقارير كاذبة قدموها في حالة الأسير المريض معتصم طالب رداد، رفضت على إثرها المحكمة إطلاق سراحه بشكل مبكر، فرغم أنه يعاني من مرض السرطان في الأمعاء وحالته خطيرة، إلا أن الأطباء قدموا تقريراً أكدوا فيه بأنه يعاني من آلام في الكتف، وأنه خضع لفحوصات وتبين عدم وجود شيء مقلق أو خطير في صحته، وأن مشاكل عينيه هي مجرد التهابات، وأن فحص القلب أشار لإمكانية خضوع الأسير لعملية جراحية بدون أية مضاعفات.
طبيب السجن الذي يقوم بمعاينة الأسرى المرضى جيداً، ورغم علمه بمدى خطورة أمراض بعضهم، ومدى حاجتهم لإجراء عمليات عاجلة أو علاج ضروري، لكنه لا يقوم بهذه المهمة، بل يشارك مع بقية طواقم السجون من محققين وعناصر الشرطة في الضغط على الأسير، وذلك بكتابة تقارير كاذبة حول صحة الأسرى، تستخدم في ابتزازهم وضمان عدم أطلاق سراحهم بشكل استثناني.
ومن أهم الأدوار غير الأخلاقية التي يقوم بها الممرضين والأطباء في المعتقلات، إخفاء آثار التعذيب والتنكيل عن جسد المعتقل، قبل عرضه على المحكمة، أو قبل زيارته من قبل مؤسسات حقوق الإنسان أو الصليب الأحمر، أي أنه يقوم بدور تجميلي ودفاعي عن السجانين والمحققين، كذلك لابتزاز المعتقل واستخدام عيادة السجن للمساومة، فمثلاً على إعطاء الدواء مقابل الارتباط، أو مقابل فك الإضراب عن الطعام، ممارسة دور السجان والمحقق، عبر ضرب الأسير وتوبيخه، وزيادة الضغط عليه دون رحمة.
إعلام الأسرى يطالب بتشكيل لجان تحقيق دولية وزيارة السجون، وتحديداً سجن مستشفى الرملة، والاطلاع على هذا الدور السيء الذي يمارسه الطبيب في السجون، والوقوف على أوضاع الأسرى المرضى في السجون.