تشابهت ليالي الظلم على عائلة ذوقان الفلسطينية التي تقطن مدينة نابلس، فكم من مرة تكالبت على منزلها قوات الاحتلال بجنودها وعتادها في ظلمة الليل مخلفة الدمار والتخريب والاعتقال.
ولكن هذه المرة ربما كانت الأعنف في تاريخ العائلة؛ حيث القيد المشترك للوالد والأبناء والتخريب الممنهج لمصدر رزقها ومصادرة مصروف المنزل ومحاولة ترويع أفراد العائلة الصابرة.
وتقول أم معاذ زوجة الأسير المحاضر في جامعة النجاح الوطنية غسان ذوقان لـ مكتب إعلام الأسرى إن قوات الاحتلال اقتحمت منزلها بشكل همجي في حي المعاجين بتاريخ الحادي عشر من يوليو الماضي؛ حيث قام الجنود بتفتيشه وتخريبه قبل أن يعتقلوا زوجها المحرر من سجونهم العام الماضي، وينقلوه إلى جهة مجهولة تبين فيما بعد أنها مركز التحقيق في "بيتاح تكفا".
ولم تكد تلملم العائلة جرحها هذا حتى عادت خفافيش الليل مجددا بعد أيام لتختطف معاذ النجل الأكبر للأسير وتداهم مطبعة المناهل التي يعتاش منها والواقعة في مدخل مخيم بلاطة شرقي المدينة.
وتعبّر أم معاذ عن صدمة العائلة باعتقال نجلها الأكبر ومداهمة مكان عمله وهو الأمر الذي يعبر عن وحشية الاحتلال وعدم مراعاته أبسط المشاعر الإنسانية، موضحة بأن الجنود وخلال اقتحامهم المنزل قاموا بمصادرة مصروف العائلة.
بالطبع لم تسجل النهاية هنا؛ حيث عاد الجنود مجددا بعد أقل من أسبوع ليعتقلوا النجل الثاني براء والذي لم يمض على تحرره من سجون الاحتلال سوى بضعة أشهر، كما صادروا مركبة والدهم الأسير بعد احتجاز نجله الثالث بهاء لساعات.
كل هذه الموجة من الحقد التي يسجلها الاحتلال ضد عائلة فلسطينية واحدة تترجم واقعا مؤلماً ترسمه مخابرات الاحتلال ضمن منظومة العقاب الجماعي دون الالتفات إلى الأمور الإنسانية أو المعيشية ما يجعل حالة الظلم الواقعة على المواطنين أكبر في كل مرة.
فجر السابع والعشرين من أغسطس وبينما ما زال أفراد العائلة الأسرى يخضعون للتحقيق؛ أعاد الجنود مداهمة المطبعة التي تشكل مصدر الدخل الأول لعائلة ذوقان.
ويقول محمد النجل الرابع للأسير ذوقان:" هذه المرة تضمن الاقتحام تخريبا واسعا ومصادرة لعدة ماكناتٍ نستخدمها في أعمال الطباعة بشكل يومي ومنها ما لم نسدد كامل ثمنه للتجار الذين اشتريناها منهم؛ حيث نستطيع أن نقدر نسبة الخسائر في ليلة واحدة إلى ما يصل مليون شيكل".
أجواء عيد الأضحى المبارك كانت استثنائية على هذه العائلة الصابرة؛ فبدلا من زيارات التهنئة من الأقارب والأصدقاء تحولت الزيارات إلى مواساة ودعوات بتفريج هذا الكرب.
وتضيف أم معاذ : " الله فقط يعلم كيف مرت علينا هذه الأيام، في العيد كنا منشغلون بالدعاء لهم ولم نشعر بالفرحة الحقيقية كما من المفترض؛ بل كانت أذهاننا جميعا مع الغائبين ندعو لهم بالثبات والفرج العاجل".
وفي رسالة مؤثرة تعكس مدى الجرح الغائر الذي يخلفه الاحتلال في كل مرة كتبت الصحفية لبابة ذوقان ابنة الأسير غسان على صفحتها عبر مواقع التواصل الاجتماعي .
"من يقول لقد اعتدتم.. فقد أخطأ وظَلم..
لا أحد يعتاد على الظلم، لا أحد يعتاد على السجن والقهر، لم نعتد ساعة واحدة على بعدك عنا والدي الحبيب،، رغم السنوات العشر التي أمضَيتها في السجون وكلها "إداري".. لم نعتد على عدم سماع صوتك وكلماتك كل يوم، ورؤيتك جالسا بيننا تغمرنا بحنانك وحديثك، لم نعتد على مجيئ الأعياد دونك.. لم نعتد على قدوم احفادك للدنيا دون بركة دعائك وترديدك الأذان على مسامعهم.. لم نعتد على انتهاء اليوم دون عودتك للبيت مع اخوتي.. نحن لم نعتد على شيء، لم نعتد السجن.. لكننا اعتدنا الدعاء والاحتساب..".
يشار إلى أن الأسير ذوقان تعرض للاعتقال عدة مرات على يد الاحتلال أمضى خلالها عشرة أعوام كلها ضمن الاعتقال الإداري، كما أن أجهزة الأمن التابعة للسلطة لم توفر جهدا في استهداف أبناء العائلة بالاستدعاء أو الاعتقال.