في تفاصيل ثلاث سنواتٍ اعتقالية وجد الأسير محمد نمر الريماوي (27عاماً) من سكان بلدة بيت ريما، قضاء مدينة رام الله، نفسه يضع عداداً قريباً للحرية، ثلاث سنواتٍ ستزاح عن كاهله وكاهل والده ووالدته اللذان أشقاهما السجن وممرات الزيارات والمحاكم المؤجلة وأخبار الاقتحامات، ثلاث سنواتٍ ستنجلي ذكرياتها إلا من ذهنه ومن أيامٍ تعرَّف فيها على الشرفاء المفقودين في هذا الوطن، المغيبين في مدافن الأحياء، الذين تركهم معاهداً على أن يكمل حياته ويحقق طموحه ويحاول أن يعوض سنوات أسره وعذابات عائلته.
ستة أشهرٍ فقط، هي عدادٌ للاعتقال لم يخطر على بال الأسير الريماوي أن يطلقه مرةً أخرى، ستة أشهر، لم تكن كافية لأي شيء، ولم تكد والدته تهنأ به حراً منتصراً، حتى أعاد الاحتلال طرق منزل عائلته بالاعتقال مجدداً.
بتاريخ 19/7/2018، تم إرسال طلب استدعاء للأسير محمد الريماوي لمقابلة مخابرات الاحتلال في عوفر، وتم تحويله لمركز تحقيق عسقلان، ومددت محكمة الاحتلال فترة توقيفه لثمانية أيام ما دعاه للإعلان عن إضراب مفتوح عن الطعام؛ رداً على أسلوب التحقيق المجحف بحقه، ورفضاً لقرار التمديد، الذي طال أمس الاثنين، لثمانية أيام أخرى لا تعرف العائلة أبعادها حتى الآن.
لم يكتف الاحتلال باعتقال محمد، فعاد قبل يومين واعتقل والده الحاج نمر الريماوي(54عاماً)بعد إرسال طلب استدعاء له كذلك لمقابة مخابرات الاحتلال في مركز تحقيق عسقلان، وحتى اليوم لم تصل أخباره للعائلة بعد ولا تزال هواجس القلق تطاردهم.
مكتب إعلام الأسرى تحدث مع شقيق الأسير محمد ريماوي للوقوف على تفاصيل اعتقاله واعتقال والده وتفاصيل إضراب الأسير محمد ومطالب العائلة، يقول عز الريماوي"أخي محمد يدخل اليوم ال13 في إضرابه المفتوح عن الطعام ضد أسلوب التحقيق وقرارات التمديد، كل ما نعرفه عنه الآن هو أنه متواجد في مركز تحقيق عسقلان ولا يزال التحقيق بحقه قائماً، ولا زالت لائحة الاتهام له قيد الإعداد".
يضيف عز الريماوي"محمد مضرب عن الطعام واعتماده على الماء فقط، أبلغنا المحامي بأنه بات يشعر بدوخة مستمرة وإعياء وأن وضعه الصحي آخذٌ في التدهور، وقد طالبنا بإرسال لجنة طبية للوقوف على تفاصيل وضعه الصحي، ولكن تم إبلاغنا بأن الصليب الأحمر لا يستطيع التدخل في هذا الأمر إلا بعد مرور 15 يوماً على إضراب الأسير".
الأسير الريماوي وعبر وصف شقيقه شابٌ لم يقف اعتقاله الأول عقبةً في طريقه، فقد خضع لامتحان الثانوية العامة في الأسر، ونال النجاح، ودخل في حيز دراسته لتخصص علم الاجتماع في جامعة القدس المفتوحة عقب حريته، وكان المستقبل مفتوحاً أمامه للأفراح ورصد رزمٍ من السعادة، لكن أجواء الاعتقال والتحقيق والانتظار القاتل عادت لتداهم قلبه وقلب عائلته من جديد.
العائلة لا تتخوف اليوم فقط على الوضع الصحي لنجلهم محمد الريماوي، بل على قضية اعتقال والده قبل يومين عقب استدعائه، يقول عز الريماوي"والدي مصاب بمرض السكري ولديه التهاب في المفاصل وهو بحاجة إلى رعاية واهتمام، ولا يسمح وضعه الصحي ببقائه في السجون، تم إبلاغنا بأن التحقيق معه قائم في مركز عسقلان، ونعلم أنه اعتقل للضغط على شقيقي محمد لأجل وقف خطوة إعلانه عن الإضراب، ورغم ذلك يخضع لتحقيق كأي أسير".
تترقب عائلة الحاج نمر الريماوي عقد جلسة محاكمة له يوم الخميس القادم، ولا تعلم العائلة تفاصيل قضيته، ولا يملكون إلا أن يرون في اعتقاله ورقةً للضغط على محمد، ويؤرقهم أن لا أخبار أخرى بحوزتهم حول حال والدهم بعد.
دوامة إعادة الاعتقال للأسرى كابوسٌ يطارد عائلاتهم، محمد اعتقل في العام 2015، وأفرج عنه بعد أن قضى ثلاث سنوات في الأسر، وكل هذا القدر من الأعوام تؤخذ من حياته على مرأى من الجميع، عائلته لا تملك إلا أن تطالب كل صاحب ضمير حي أن يقف عند مسؤولياته وأن يتكاتف أبناء الشعب لأجل قضيته وقضية إضرابه وسرقة عمره من جديد.
مساءً تتحضر بلدة بيت ريما لوقفة تضامنية لأجل ابن البلد، الأسير المعاد اعتقاله محمد الريماوي، ولأجل والده الحاج المريض نمر الريماوي، ولمؤازرة قلب والدته المنهك وقلب شقيقتيه ووأشقائه الباحثين عن الاستقرار في حياتهم ليس إلا.