وقفنَ في حر الصيف يحملن صورهم متعطشات ليس لماء ولا شراب بل لحرية تعيد أبناءهن إليهن؛ يترقبن حضور وسائل الإعلام كي يوزعن مآسيهن لإفهام العالم أو من يريد فقط الاهتمام بالقضية.
وسط مدينة بيت لحم أمام مقر لجنة الصليب الأحمر وقفت أمهات الأسرى الإدارييين المضربين عن الطعام ظهر الأربعاء غير مكترثات لدرجات الحرارة العالية ولا لقلة الحضور؛ بل كل همّهن أن ينتصر أبناؤهن في معركة الأمعاء الخاوية ضد اعتقال إداري بات سكينا يقطع شرايين الأسرى وهم أحياء.
معركة فردية
أقدم الأسرى الذين يخوضون معركة الكرامة بأمعائهم هو الأسير حسن شوكة من سكان شارع الصف في المدينة، حيث تجاوز بإضرابه الأربعين يوما وما زال ينشد حريته.
وتقول والدته لـ مكتب إعلام الأسرى خلال مشاركتها في الوقفة إن قوات الاحتلال اعتقلته في التاسع والعشرين من سبتمبر الماضي بعد شهر فقط من تحرره؛ ثم قرر أن يخوض الإضراب المفتوح عن الطعام ليستمر 35 يوما.
وتضيف الوالدة المكلومة على حال ابنها بأن حسن علق إضرابه في نوفمبر الماضي بعد وعودات من إدارة مصلحة السجون بإلغاء اعتقاله الإداري ووجهت له لائحة اتهام ليكون أحلى الأمرّيْن!
ولكن الاحتلال معروف بنكثه للوعود؛ فبعد أن تم الحكم عليه لستة أشهر وفقا للاتهامات الواردة في لائحة الاتهام؛ تم تحويله إلى الاعتقال الإداري لتقع الصدمة على عائلته التي انتظرته طويلا وفرحت لموعد الإفراج عنه.
وتقول والدته:" رفض حسن كل هذه المهزلة وفي اليوم الذي تم تحويله للاعتقال الإداري أعلن شروعه في الإضراب عن الطعام حتى يتم الإفراج عنه".
الحالة الصحية للأسير متدهورة، فهو اقترب على إكمال 50 يوما من الإضراب دون أن تفصح قوات الاحتلال عن حالته الصحية التي تتدهور بطبيعة الحال نظرا للامتناع عن الطعام والشراب إلا الماء.
وتظهر والدة حسن قلقها البالغ على حالته وخوفها من أن يتضرر جسده بشكل كامل نتيجة تعنت الاحتلال ورفضه المستمر لإلغاء اعتقاله الإداري، مناشدة كل من يملك روحاً حُرة أن يقف مع قضية الإضراب حتى الحرية.
إضراب جماعي
وليس ببعيد عن هذه المعركة أعلن عدد من الأسرى دخولهم معركة الإضراب المفتوح عن الطعام رفضا لسياسة الاعتقال الإداري الجائرة، من بينهم الأسيران محمود عياد وإسلام جواريش من بيت لحم واللذين أنهيا الأسبوعين في إضرابهما.
وتقول أمينة حلبية خطيبة الأسير عياد لـ مكتب إعلام الأسرى إن الاحتلال اعتقله في الخامس من مارس العام الماضي خلال تحضيرات زفافه، حيث تم تحويله فورا للاعتقال الإداري والذي تجدد أربع مرات كانت آخرها لمدة ستة أشهر.
وتوضح بأن الأسير قرر الدخول في هذه المعركة مع مجموعة من الأسرى الإداريين ضمن خطوات تدريجية في محاولة لإنهاء هذا العقاب الجماعي المقيت المسمى بالإداري.
ولم تتمكن حلبية من إخفاء قلقها البالغ على صحة الأسير عياد خاصة وأنه نقل إلى العزل الانفرادي في سجن "عوفر" وانقطعت أخباره عنها منذ بداية الإضراب، ولا تستطيع إلا أن تحمل صورته في قلبها ويدها لتشرح معاناته في الإداري والتي أرغمته على دخول هذه المعركة.
وتتكرر الحكاية ذاتها في منزل كل أسير يخوض الإضراب المفتوح؛ قلق وألم وترقب تتبعه فرحة بالانتصار وإن طال انتظارها.