أسفرت قضية إعادة الاعتقال للأسرى المحررين في صفقة وفاء الأحرار عام 2011، عن تأجيل كثيرٍ من المناسبات الاجتماعية، فأبدلت أفراح ذوي الأسرى المحررين أحزاناً، وعاشت العائلات من جديد غصة الاعتقال الذي تجاوز أذى المرة الأولى، وألم إعادة الأحكام السابقة بحقهم.
عائلة الأسير إسماعيل مسالمة (59عاماً) من سكان بيت عوا، قضاء الخليل، إحدى هذه العائلات التي نغّص الاحتلال أفراحهم بالحرية، وجعل من زوجة الأسير مسالمة أم فراس، أباً للعائلة من جديد، تقول أم فراس في حديثٍ لمكتب إعلام الأسرى"عشنا لحظاتٍ صعبة بعد اعتقال زوجي، خاصةً في فرحة زفاف ابننا زاهد".
تضيف الزوجة الصابرة أم فراس "بدلاً من الفرح والسرور عاشت العائلة حالةً من النكد والتنغيص، فحفل زفاف ابني زاهد كان بدون طقوسٍ معهودة، فوجود زوجي في السجن بعد أن أعاد الاحتلال اعتقاله عام 2014 لم يترك لأي مناسبة فرح معنىً حقيقياً".
لم يكن اعتقال الزوج الألم الوحيد في حياة أم فراس، فالاحتلال اعتقل أيضاً ثلاثة من أبنائها، توضح أم فراس"الاحتلال عاقب زوجي وأولادي بالاعتقال، فاعتقل ثلاثة من الأبناء، فابني ساجد قضى ثماني سنوات في الأسر، أما فراس فأربع سنوات، وسراج خمسة أشهر".
تشير أم فراس إلى أن هذه الاعتقالات حولت حياتها لجحيمٍ لا يطاق، فهي كزوجة أسير ووالدة أسرى، أمضت حياتها على أعتاب السجون وبواباتها تتنقل من زيارةٍ إلى أخرى، تقول أم فراس"الاحتلال اعتقل زوجي عام 2003، وأخضعه لتحقيقٍ قاسٍ، وأصدر بحقه حكماً مدته 27 عاماً، وبعد دعاءٍ لله تعالى تحرر عام 2011 في صفقة وفاء الأحرار، ومن ثم أعاد الاحتلال اعتقاله مرة أخرى، وأعاد له حكمه السابق".
تستذكر أم فراس انتقام الاحتلال منها وهي تزور أبنائها وهم في الأسر قائلة" كنت أزورهم دفعةً واحدة في 45 دقيقة أو أقل، ولم يسمح لي بزيارتهم بشكلٍ فردي، وكانت تمر الزيارة بسرعة فائقة وبدون راحة، وبعد تحررهم وزواجهم ذهبت المعاناة، ولكن بقيت أرواحنا متعلقة برب الأسرة زوجي الأسير إسماعيل الذي أعيد للأسر ظلماً مع بقية إخوانه الأسرى".
وعن ألم الزيارة تقول الزوجة الصابرة"زيارة زوجي تعثرت كثيراً وتعمد الاحتلال حرمان والدته لمدة خمس سنوات متتالية من هذا الحق، وتوفيت وهو في الاعتقال ولم تستطع رؤيته في لحظاتها الأخيرة في الحياة".
الأسير مسالمة وبسبب تعرضه للمطاردة خلال الشطر الأول من حياته النضالية لم يستطع إكمال الدراسة، فقد كان أنهى الثانوية العامة بتفوق، ودخل جامعة الخليل لدراسة اللغة العربية، وعمل موظفاً في بلدية بيت عوا حتى جرى اعتقاله.
تختم أم فراس حديثها بالقول"وجع أمراضي من السكري والضغط والغضروف، ليس كوجع ألم الاعتقال وإعادة الحكم السابق لزوجي الأسير، فهذا هو الوجع الأكبر، فهو كان عامود البيت والراعي لنا، كنا نستظل بظله في زحمة الحياة ومعاناتها".