لم يكن شهر أيار هذا العام مماثلا للمرات السابقة على عائلة فقها التي عايشت فيه الألم والحرمان، بل كان محملاً بالقلق والانتظار الذي لم ينته إلى الآن.
في منزلها الوادع بقرية كفر اللبد القريبة من مدينة طولكرم شمال الضفة المحتلة تحوّل السكون والهدوء الذي اعتادته العائلة إلى صخب وفوضى أحدثها جنود الاحتلال فجر التاسع والعشرين من أيار/ مايو الماضي حين اقتحموا المنزل وأحدثوا فيه الخراب، ولكن الأهم أنهم خطفوا معهم ابتسامة العائلة الفتاة آلاء حاتم فقها (24 عاما).
بكلمات ثقيلة تائهة يصف لنا والد الأسيرة كيف مرت تلك اللحظات؛ فهو لم يتوقع ولا للحظة واحدة أن الاقتحام الهمجي للمنزل في يوم رمضاني صافٍ كان من أجل اعتقال ابنته التي لا تفارق الابتسامة محياها.
ويقول لـ مكتب إعلام الأسرى إن عشرات الجنود حاصروا البيت في ذاك الفجر بعد أن فرغت العائلة من تناول وجبة السحور وطرقوا الأبواب بشدة وداهموا جميع الغرف؛ وبعد عملية بحث وتفتيش طويلة طلبوا هوية آلاء ودققوا فيها ثم أبلغوها بأنها رهن الاعتقال؛ لم يعرف الأب ماذا يفعل حينها ففلذة كبده تغادر المنزل مكبلة أمام عينيه وتغيب شيئا فشيئا خلف آلياتهم الثقيلة المزعجة.
على الفور نقلت آلاء إلى مركز تحقيق الجلمة في ظروف قاسية لا يعلمها إلا الله؛ جلسات تحقيق مكثفة وعدد من المحققين الصهاينة يتناوبون على استجواب فتاة عشرينية لمدة ٢٧ يوما متواصلة، بينما عززت شهادات الأسرى السابقة عن هذا المركز مخاوف عائلة الأسيرة من قسوة التحقيق والاعتقال خلال تلك الفترة.
ويوضح الوالد بأن الاحتلال نقل ابنته بعد جولات التحقيق تلك إلى سجن "هشارون" الذي يضم معظم الأسيرات الفلسطينيات، مبينا بأنه تم منذ اعتقالها عقد ثماني جلسات محاكمة لها أفضت جميعا إلى تمديد اعتقالها.
الشخصية الجوهرية
حتى الآن لا تعلم عائلة آلاء ما الداعي لكل هذه الإجراءات أو عملية الاعتقال برمتها والتي تصاحبت مع حجم كبير من الألم والقلق، بينما يصف الوالد ابنته بالشخصية الجوهرية في المنزل التي يصعب تجاوزها نظرا لطيبتها وتأثيرها الإيجابي.
ويضيف:" آلاء شخصية محببة جدا في بيتنا وهي الابنة الذكية المطيعة الملتزمة الهادئة التي لا تؤذي أحدا حتى لو بكلمة؛ محبوبة من الجميع والكل يفتقدها خاصة في المناسبات مثل شهر رمضان الذي اعتقلت فيه والأعياد التي مر علينا أحدها في ظل غيابها، آلاء تحمل شهادة البكالوريوس في التربية الإسلامية وهي شخص متزن تساعد الجميع واجتماعية".
ثلاث مرات فقط تمكنت خلالها العائلة من رؤية ابنتها خلال جلسات المحاكم التي كانت تعقد لها، لقاءات قصيرة مبتورة لا تحمل كلاماً ولا شرحاً بل مجرد ملامح على الأوجه تحمل الطمأنة من الأسيرة لأهلها رغم ما تمر به من زنازين وقيود وتحقيق وظلم وتجبّر.