أبو سلطان، محمد سعيد صالح خليل، من قرية عانين، قضاء مدينة جنين، يعرفه كل من زار محكمة سالم العسكرية شمال جنين لحضور محاكمة أسير، فهو بائع القهوة الذي يحاول التخفيف عن عائلات الأسرى من خلال تنظيم أدوارهم، وتوفير القهوة لهم، والاحتفاظ بأماناتهم، وأهمها الهواتف الخلوية.
المسن أبو سلطان(72عاماً)صاحب نكتة، وخفة دم، ينادي على القهوة، ويتحدث في لقاءٍ معه من أمام محكمة سالم، لمكتب إعلام الأسرى"منذ 17 عاماً وأنا أمام محكمة سالم أبيع القهوة، ففي كل صباح ما عدا أيام الجمع والسبت والأعياد أكون متواجداً ومعي أباريق القهوة، أنتظر عائلات الأسرى التي تأتي من شمال الضفة الغربية كي تحضر محاكمات أولادها".
يضيف أبو سلطان"فعند الصباح يكون زوار المحكمة متوترين، وعند العودة تكون مشاعرهم متباينة بين منتكس حزين على تأجيل المحكمة أو فرض حكم بالسجن يكون قاسياً وطويلاً وغرامة مالية باهظة جداً، وبين مبتسم فرح لقرب الإفراج عن الأسير أو وجود قرار إفراجٍ فوري، هذا هو حال عائلات الأسرى، والانتكاسة الكبيرة تكون عندما تعود عائلة الأسير دون مشاهدته لعدم إحضاره للمحكمة أو إحضاره وإخراجه قبل وصولهم إلى قاعة المحكمة".
يوضح أبو سلطان"من موقعي قرب محكمة سالم يمكنني أن أسرد مئات القصص التي شاهدتها وسمعتها من عائلات الأسرى، فعائلات الأسرى تجد الراحة ولو قليلاً عندما أنادي على القهوة بطريقة فكاهية وأحاول قدر المستطاع التخفيف عنهم ومساعدتهم، فهناك عائلات لديها خبرة لرحلة محكمة سالم العسكرية المذلة".
يبيّن أبو سلطان بأن هناك عائلات أيضاً تكون هذه الرحلة هي الأولى لها، فيضطر إلى توضيح بعض الأمور لهم، فيشرح كيف الدخول والسير في طابور طويل حتى الوصول إلى القاعة الأولى، والانتظار حتى يُنادى على اسم ابنهم، ثم التفتيش والانتظار في القاعة القريبة للمحكمة.
منذ 17 عاماً يتابع أبو سلطان تفاصيل رحلة محكمة سالم العسكرية، يقول"كُتب على الشعب الفلسطيني التنقل بين المحاكم العسكرية والسجون، ومع ذلك أجد عزيمة وإصرار من قبل عائلات الأسرى على الوصول للمحكمة من أجل دعم الأسير نفسياً، ومن أكثر المشاهد ألماً وجود الأطفال الذين لا يدركون إجراءات الاحتلال المذلة فيكون احتجاجهم البكاء، وتضطر العديد من العائلات لترك أطفالها الصغار عندي لأن الاحتلال يرفض إدخال أكثر من شخصين إلى المحكمة".
ويتابع أبو سلطان حديثه، بالقول"إذا كان هناك طفل زيادة عن الشخصين ولو كان عمره عدة أشهر لا يتم إدخاله، وتضطر العائلة إلى تركه عندي حتى تنتهي المحكمة، وهذا المشهد صعب للغاية، فالطفل يبكي حتى تعود والدته ووالده وقد يطول الانتظار لعدة ساعات، فبصمات إجراءات محكمة سالم العسكرية على عائلات الأسرى تبدأ منذ فجر يوم المحكمة حتى العودة للمنزل، وهناك من العائلات من يخرج لرحلة المحكمة منذ ساعات الصباح الباكر".
ويختم الحاج أبو سلطان حديثه لمكتب إعلام الأسرى، قائلاً"مهنتي في بيع القهوة أمام محكمة سالم العسكرية لها طقوس تعودت عليها ومازالت أحافظ عليها، وأتمنى أن تزول المحكمة ولا أبيع القهوة هناك، فزوال المحكمة يعني حرية الأسرى".