لا تكاد أعداد الأسيرات في السجون الصهيونية تثبت عند رقم معين حتى يزيدها المحتل ببطشه وعربدته، فبات يقتحم منازل المواطنين كي يعتقل النساء والفتيات من داخلها ويزجهن في السجون دون مراعاة لحقوقهن وضعفهن، فهناك في الأسر لا يميز جهاز المخابرات الصهيوني بين أسير وأسيرة تحت سياط تعذيبه وقمعه.
من بين الأسيرات "الجدد" اللواتي تم إضافتهن إلى قائمة المنتظرات لنخوة المعتصم كانت الأسيرة أريج أمجد حوشية (19 عاما) من بلدة قطنة شمال غرب القدس المحتلة.
قهر وتجاهل
تقف والدة أريج حائرة لا تدري ما تفعل، هي ليست ذات خبرة في التعامل مع مواضيع الاعتقال والمتابعة في أوضاع الأسرى، تريد أن تشكو همها ولكن لا تدري لمن وكيف وأين، ثم تجلس على شرفة منزلها غير قادرة على شرح ما بداخلها.
تروي الأم الحزينة لـ مكتب إعلام الأسرى كيفية اعتقال ابنتها والتي تعدها كاليد اليمنى لها، وتشرح لنا كم فقدت من فرح وبهجة في المنزل وأجوائه بغياب أريج وابتسامتها وعنايتها اللا منتهية بأمور البيت.
وتقول:" لدي طفلة صغيرة تبلغ من العمر ثلاثة أعوام تعاني من متلازمة داون، أريج ابنتي الكبرى هي من تعتني بها ومن ترافقها في أي مكان كأنها والدتها، وفي الثامن والعشرين من ديسمبر الماضي كانت أريج متوجهة عبر حاجز قلنديا برفقة أختها الصغيرة إلى القدس عبر تصريح طبي لعمل فحوصات، ولكن كما الكل يعلم فالأطفال الذين يعانون من متلازمة داون لا يسيطرون على تحركاتهم فبدأت بالجري عبر مسارات الحاجز لتلحق بها أريج".
كان كل همّ أريج أن تلحق بشقيقتها كي توقفها وهي تعلم أن الجري في أماكن كهذه قد يحمل الكثير من المعاني، ولكنها لم تكترث لأنها ظنت بنسبة ضئيلة أن الجنود قد يحملون معهم قليلا من التفهم!
وتوضح الوالدة بأن أريج وهي تحاول اللحاق بأختها سمعت صوت طلقات نارية ليتبين أن الجنود ظنوا أنها تريد تنفيذ عملية طعن فأطلقوا الرصاص في الهواء تحذيراً كي يوقفوها، وحين توقفت حاصرتها مجموعة من الجنود والمجندات واعتقلوها ونقلوها إلى مركز للتحقيق.
ربما لم تكترث أريج بالاعتقال ولكن بقي عقلها معلقاً بشقيقتها، ما الذي جرى لها وأين ذهبت، لتعلم لاحقا أن أهالي الخير الذين كانوا يتواجدون على الحاجز احتفظوا بالصغيرة وأعادوها إلى عائلتها.
مرت الأيام وأريج تخضع لتحقيق قاس، يريدها الاحتلال أن تعترف أنها كانت تنوي تنفيذ عملية فدائية، كانت تقول لهم ما حصل وتطلب منهم رؤية التصريح الطبي، ولكن ظلمهم فاق الحدود.
تبين الوالدة بأن ابنتها ما زالت تعرض على محاكم الاحتلال، وبعد انتهاء التحقيق معها تم نقلها إلى سجن هشارون الخاص بالأسيرات، ولكنها تعاني من ظروف السجن القاسية أسوة ببقية المعتقلات ومن تجاهل قضيتها التي قد تتكرر مع أي فتاة فلسطينية.
وتضيف:" لا أدري لماذا هذا التجاهل لقضايا الأسيرات، لماذا قضة مثل قضية أريج لا تعرض على وسائل الإعلام وهي من كانت تريد أن تساعد أختها المريضة، أليس الاحتلال يزعم أنه كيان ديمقراطي وإنساني ويهتم بذوي الاحتياجات الخاصة؟ لماذا يعتقل فتاة كانت برفقة شقيقتها المريضة لإجراء فحوصات طبية؟".
وتشكو العائلة من قلة تواصل الجهات المعنية بقضايا الأسرى، حيث يتهم الاحتلال أريج بمحاولة قتل مجندة بواسطة دبوس شعر! لتعرب العائلة عن استيائها ممن يزعمون اهتمامهم بقضايا الأسيرات بينما أريج تعاني وحدها ظلم دولة بأكملها تريد لها السجن لفترة طويلة.