لا تنتهي معاناة الأسيرة المحررة بعد التحرر من الأسر وعذاباته، نظراً لصعوبة اندماج المحررة في المجتمع ومؤسسات القطاع الخاص؛ نتيجة سياسة الانتقام الجماعي التي يفرضها الاحتلال على الفلسطينيين، وخاصةً المحررين والمحررات من الأسر، وما يبثه من تخويف المجتمع من استيعابهم، عبر التلويح بإجراءات أمنية .
المحررة مريم عرفات تحدث لمكتب إعلام الأسرى عن تجربة الأسر التي استمرت معها قرابة العامين، وتحررت بتاريخ 17/10/2017، بعد أن تم اعتقالها على حاجز الحمرا في الأغوار، بتاريخ 28/11/2015.
تتحدث المحررة عرفات حول ظروف اعتقالها فتقول" تم احتجازي على حاجز الحمرا لعدة ساعات، وبعدها سرقوا مصاغي الذهبي ونقلوني إلى منطقة الجسر وتم التحقيق معي هناك، ومن ثم نقلت إلى مركز تحقيق بيتح تكفا، وحاولوا إرغامي على التوقيع على إفادة تتضمن عدم تعرضي للضرب والسرقة، فرفضت ليتم نقلي لمركز تحقيق الجلمة، وأمكث شهراً هناك، قبل ان يتم نقلي للدامون ومنه لهشارون".
تؤكد المحررة عرفات على أن الأسيرات يصارعن أوضاعاً أكثر صعوبة من الأسرى داخل الأسر وبعد التحرر، كون الأسيرة لها خصوصية في المجتمع الفلسطيني، ففي داخل السجن تمارس ضدهن الإدارة إجراءات أمنية داخل الأقسام، وفي عملية التنقل في البوسطة إلى المحاكم العسكرية وعند الرجوع من المحكمة، كما لا يتم توفير العلاج لهن، علماً أن أجساد الأسيرات أكثر تعرضاً للمرض من الأسرى، ومع ذلك تكون معاملة إدارة السجن لهن سيئة.
تضيف المحررة عرفات"عند التحرر من الأسر يكون تقبل المجتمع للأسيرة المحررة متفاوتاً، فالاحتلال نتيجة سياسة العقاب الجماعي جعل من الأسيرة المحررة مصدر إزعاج، لا يتم الزواج منها أو استيعابها في وظيفة في القطاع الخاص؛ لأن سياسة الاحتلال تعتمد على تدفيع الثمن لكل من يساعد أسير محرر أو أسيرة محررة، كما حدث تماماً مع المطاردين، عندما فرض الاحتلال عقوبة قاسية لكل من يقدم لهم المساعدة".
ترى الأسيرة عرفات بأن الأمل في الجيل القادم من الفلسطينيين لا زال موجوداً، كالأسرى الجدد من صغار السن، فالأسيرات القاصرات عندما كنا نستقبلهن نجد في عيونهن الإرادة القوية وعدم الخوف بالرغم من حداثة عمرهن، وبعضهن تعرض لإصابات قاتلة، ومعظم الأسيرات بأعمار لا تتجاوز الـ 25 عاماً.
وعن الأوجاع التي صادفتها المحررة مريم عرفات، تقول" أكثر ما يؤلم هن الأسيرات الجريحات، فالأسيرة إسراء كتلة من الوجع الدائم، فحرارة جسدها مرتفعة دائماً ويتم تشغيل المروحة اتجاهها في كل وقت رغم البرد، وهي تحصل على مرهم لدهن 70% من جسدها المحترق ولا يكفيها أيداً".
تتذكر مريم عرفات كيف صنعت لها قناعاً نظراً لخبرتها في مجال فن التجميل، وكان هذا القناع لها بمثابة طوق النجاة، تقول" كانت لا تنام من شدة الوجع وقد رافقتها قرابة الأربعة أشهر".
أما الوجع الثاني فتمثل بالأسيرة عبلة العدم من الخليل، وهي تحتاج إلى رعاية كاملة، فنصف جمجمتها استهدف من خلال الإصابة، ولا تستطيع المشي بصورة عادية، وتأثر استيعابها نتيجة الإصابة إضافة إلى تدهور الحالة النفسية لديها.
ولفتت المحررة عرفات إلى أن الأحكام التي تصدر بحق الأسيرات القاصرات صادمة، ويبقى تأثيرها حتى بعد فترة من نطق الحكم.
المحررة عرفات تطالب المؤسسات المجتمعية بضرورة دمج الأسيرة المحررة في المجتمع، وإيصال رسالة الأسيرات المحررات، بأن نضالهن شرف لهن وللمجتمع ولفلسطين، فالأسيرة المحررة لها الحق كاملاً في كافة الفرص.
كما تشير المحررة عرفات إلى وجوب ورفض فكرة أن الاحتلال سيتسبب بعقاب لمن يستوعب المحررة في وظيفة في القطاع الخاص أو من يتزوج منها، فبالنسبة للشعب الفلسطيني لا يخلو بيت من أسير أو شهيد أو جريح، والوطن يحتاج إلى الكل الفلسطيني حتى يتم تحريره واسترداد حقوقه.