مساء يوم الخميس، الموافق 30/11/2017، لم يكن يوماً عادياً بالنسبة للأسير المحرر لطفي جعيدي (36عاماً) من قلقيلية، فقد غادر الأسر عقب 13عاماً من القهر والعزل والتنقل المستمر في سجون الاحتلال، إلى الحرية نحو حي النقار الذي نشأ فيه.
مكتب إعلام الأسرى التقى المحرر لطفي جعيدي، وهو الذي دخل السجن ابن 23 عاماً، وخرج منه بعمر 36 عاماً، وذلك للحديث عن واقع الأسر والأسرى.
الإبادة لثقافية
آثر المحرر لطفي جعيدي التحدث عن الإبادة الثقافية التي يتعرض لها الأسرى في السجون من قبل مصلحة السجون العنصرية، يوضح جعيدي"أريد الحديث عن قضية مهمة تتمثل بسياسة التجهيل المتعمدة للأسرى والتي يطلق عليها الإبادة الثقافية، فمصلحة السجون تمنع الأسرى من التعلم الذاتي من خلال الالتحاق بالجامعة العبرية كعقاب لهم".
يضيف جعيدي"ثم في داخل السجن تكون الملاحقة لكل ما يتعلق بالتعليم ويبدأ من عدم إدخال الكتب وحظر المواعظ ومراقبة خطب الجمعة ومنع القراءة في الساحة العامة والجلوس إلى طاولة للقراءة، فكل هذه المظاهر محظورة وممنوعة في عرف مصلحة السجون العنصرية".
يرى جعيدي أن هذه السياسة التجهيلية للأسرى تهدف إلى ضرب الهوية الفلسطينية الثقافية ومنع الأسير من النهوض بنفسه والاستعداد ليوم الحرية والاندماج في الحياة عند التحرر، ويشير إلى أن هذا العقاب له أبعاد خطيرة على حياة الأسير.
يقول جعيدي" الأسرى الذين يمضون سنوات طويلة يشعرون بخطورة هذه السياسة، لذا كان للأسرى خطط بديلة في تثقيف أنفسهم والالتحاق بجامعة القدس والحصول على شهادات علمية رغماً عن قادة مصلحة السجون، وحصلوا بجهد ذاتي وبعيداً عن سطوة مصلحة السجون وضباطها على ما يريدون من شهادات علمية، ودورات علمية، واكتساب مهارات ذات قيمة تعجز جامعات عريقة عن تقديمها".
القتل البطيء
وعن الأسرى المرضى ومعاملتهم من قبل ضباط مصلحة السجون يروي المحرر لطفي جعيدي"أكثر نموذج مؤلم للأسرى المرضى المريض الأسير بسام السائح من مدينة نابلس الذي يعاني من عدة أمراض خطيرة في الدم والعظم، شاهدته مقيداً بالقيود في زنزانة باردة لا يستطيع الأصحاء البقاء فيها، وهو لا يستطيع الحراك لوحده ومع ذلك يعامل معاملة عنصرية بامتياز، وهناك مئات الأسرى يعيشون ذات الوضع الصحي المتدهور".
تمكن المحرر جعيدي خلال رحلة 13 عاماً من الأسر من مشاهدة حالات مرضية في حالة صحية متدهورة وينقلون في بوسطة تزيد من مرضهم وعذابهم، ومازالت ذات الأساليب متبعة، فكل أسير مريض يعامل معاملة القتل البطيء من قبل مصلحة السجون، ويتم إخفاء الملفات الطبية للأسرى المرضى حتى لا ينكشف أمر الاحتلال في أية مسائلة قد تحدث في المستقبل ويحاكم فيها قادة مصلحة السجون.
يشير الجعيدي إلى أنه وهنا يأتي دور المؤسسات الحقوقية والإنسانية والجهات السياسية الفلسطينية، في قضية ملاحقة قادة مصلحة السجون في المنابر الدولية ومحكمة الجنايات الدولية.
رسالة الأسرى
حمل المحرر لطفي جعيدي رسائل عديدة من الأسرى، يوضح"الأسرى يطالبون بأن تستمر المصالحة الفلسطينية، وتتجاوز العقبات مهما كانت طبيعتها فالأسرى شعروا بانتكاسة عندما ظهرت المناكفات في وسائل الاعلام، فالمصالحة مصلحة عليا فلسطينية وهي للأسرى بمثابة طوق نجاة".
يشير جعيدي إلى أن الأسرى يطالبون القيادة السياسية الفلسطينية بضرورة العمل على تحريرهم وعدم استمرار بقائهم في السجون فترات طويلة، فوجود أسرى أمضوا في الأسر أكثر من ثلاثة عقود هو بمثابة طعنة للنضال الفلسطيني برمته، والأصل العمل على تحريرهم وعدم التساهل في هذه القضية".
قصته الشخصية
تجربة المحرر لطفي جعيدي في الأسر تجربة فريدة من نوعها فهو دخل السجن بدون شهادات، وخرج منه مسلحاً بشهادة جامعية إضافة إلى أمور أخرى.
يقول المحرر لطفي جعيدي"دخلت السجن ولم أكن أمتلك شيئاً، وعندما دخلت صدر بحقي الحكم الظالم بالسجن 13 عاماً، فقررت أن تكون تجربة الأسر محطة نهوض لي، فحصلت على شهادة البكالوريوس في العلوم السياسية من جامعة القدس في أبو ديس، وتعلمت اللغة الانكليزية والعبرية بطلاقة، وعقدت للأسرى دورات علمية متخصصة في عدة مجالات، ووثقت حالة الأسر في مقالات علمية".