لم يكن يوماً عادياً في قاموس حياة عائلة الكرد المقدسية التي تقطن بلدة كفر عقب شمال مدينة القدس المحتلة، فالنبأ الذي وصلها في ذلك اليوم كان كفيلا بتغيير نمط الحياة كلياً وتغييب أحد أفرادها قسراً وقهرا في سجون الاحتلال.
لم يتمكن الشاب العشريني أيمن حسن الكرد أن يبقى مكتوف الأيدي أمام انتهاكات الاحتلال خاصة في المدينة المقدسة، فاستل سكينه وتوجه إلى منطقة باب الساهرة وراقب الأوضاع لفترة من الوقت قبل أن يطعن اثنين من عناصر شرطة الاحتلال ويصيبهما بجروح خطيرة.
13 رصاصة أطلقها الجنود صوب الشاب المفعم بالحياة ذي الوجه الحسن؛ ظن كل من تواجد في المنطقة أن الجسد المسجى أرضاً ينزف دون أي رعاية طبية قد فارق الحياة ولكن الله شاء له أن يعيش كي يكون شاهدا على ظلم القيد والأسر.
ويقول علاء شقيق أيمن لـ مكتب إعلام الأسرى بأن قوات الاحتلال رفضت تقديم أي مساعدة طبية له بعد إصابته؛ وبقي ينزف ملقياً على الأرض لأكثر من ساعة حتى ظن الجميع أنه استشهد وبدأت وسائل الإعلام بتناقل خبر استشهاده، ولكنه إرادة الله كانت أكبر من حقدهم وكتبت له الحياة.
ويروي علاء اللحظات الأولى في حياة العائلة حين أبلغها الاحتلال رسميا أن أيمن هو منفذ العملية، فيوضح بأن الخبر كان وقعه ضخماً عليها خاصة أنها لم تتوقع أن يمتلك أيمن كل هذه الإرادة وهو شاب في مقتبل العمر وذو بنية جسدية عادية.
قام الاحتلال باستدعاء عدد من أفراد عائلة الكرد للتحقيق معهم بينما كان يقبع في مستشفى "هداسا عين كارم" مكبلاً إلى السرير فاقدا للوعي، حيث أصابت الرصاصات ظهره وعموده الفقري تحديدا وتركزت الأخريات في أرجاء جسده.
إصابة قاسية
استفاق أيمن بعد ساعات طويلة من إصابته ليجد نفسه مكبلا إلى السرير محاطا بعناصر شرطة الاحتلال بأسلحتهم الأتوماتيكية؛ حاول أن يحرك ساقيه فلم يتمكن، بينما استطاع أن يحرك ذراعيه بصعوبة بالغة.
ويقول أبو علاء الكرد والد أيمن لـ مكتب إعلام الأسرى بأن نجله عاش ظروفا قاسية جدا في بداية اعتقاله حيث كان عليه أن يتقبل حقيقة إصابته بالشلل النصفي وعدم قدرته على استعمال ساقيه مجددا رغم أنه ما زال صغيرا في عمره.
ويبين بأن أيمن تعرض للمعاملة القاسية على يد السجان تمثلت بالاعتداء عليه بالضرب أثناء نقله للمحاكمة حيث وصل هناك دون أن تتمكن العائلة من التعرف إلى وجهه، ويقبع في عيادة سجن الرملة دون أن يقدم له العلاج اللازم.
ويضيف:" تعرض أيمن لتحقيق قاس دون مراعاة ظروف إصابته وصغر سنه، كما أنه ما زال إلى الآن يتعرض للإهمال الطبي ولو أنه خارج الأسر لربما تمكن من استعادة السير على قدميه، وحاولنا أكثر من مرة أن نضغط كي يحصل على علاج ملائم أكثر ولكن بالطبع لم نتلق أي إجابة من الاحتلال".
ويقاسي أيمن ويلات وعذابات الأسر في مقبرة الرملة التي تضم عددا من الأسرى الجرحى ممن أفقدتهم رصاصات الاحتلال أجزاء حيوية من أجسادهم.
ويختتم والده قائلا:" رغم كل ما أصاب نجلي إلا أنه يتمتع بمعنويات عالية وهو يحلم بالحرية في كل لحظة ما يجعله يتحدى قهر السجن والشلل والإصابة".