تختلف مواعيد الزيارة بالنسبة لأمهات الأسيرات عن غيرها من المواعيد التي تحدث داخل سجون الاحتلال، تختص بألمٍ أكبر وتفاصيل أدق ونقلٍ عاجلٍ لكل ما يجري داخل السجون، فأمهات الأسيرات يتحضرن للزيارة كما يتحضرن لفرحة العيد، يترقبن أن يسمح لهن الاحتلال بالدخول لتبدأ الأحدايث الموجعة من خلف زجاج الشباك السميك.
مكتب إعلام الأسرى اختص أمهات الأسيرات بحوارٍ حول ما يحدث لبناتهن داخل السجون، وحول طبيعة حياتهن التي يدركنها حال تنفيذ الزيارة والاستماع لكلامهن.
تفاصيل الغياب
والدة الأسيرة نورهان عواد (16عاماً)والمحكومة بالسجن مدة 13عاماً ونصف، أكدت على أن البيت يخلو من الفرحة منذ غابت ابنتها عنه، وفي شهر رمضان لا تطهو أي طعامٍ كانت ابنتها تحب تناوله، وإن فعلت فلا يستطيع قلبها أن يتناول أي شيءٍ منه.
تقول أم نورهان عواد" ألم فقدها في شهر رمضان والعيد أصعب، حين لا أجد صوتها في البيت، حين أمر عن الأكلات التي تحبها، وحين أرى ملابس العيد التي اشتريتها لها وعلقتها في خزانة الملابس، وتمنيت لو أنها أمامي لتفرح بها، وتعود لتشاركنا فرحة العيد".
والدة الأسيرة شاتيلا أبو عيادة، أكدت لمكتب إعلام الأسرى عقب زيارتها لابنتها بأن أوضاع الأسيرات قد شهدت تحسناً طفيفاً، فقد تمت الاستجابة لبعض من مطالبهن.
تقول والدة الأسيرة شاتيلا" تم تلبية مطالبهن المتعلقة باكتظاظ أعداد الأسيرات المتواجدات في قسمٍ واحد، كما واختفت الضوضاء التي كانت موجودة في الأقسام، لكن بعضهن لا زلن يشتكين من تأخر الكانتينا، وقضايا أخرى لا تزال بحاجة إلى معالجة فورية".
يختلف حال أمهات الأسيرات اللواتي تمكنّ من زيارة بناتهن، عن حال عائلة الأسيرة أنسام شواهنة (19عاماً) من قلقيلية، فهي لا تزال موقوفة، وعائلتها تواجه حرماناً من زيارتها منذ أربعة أشهر ونصف، ولم تتحرك أي جهة رسمية بشكلٍ جدي لمساعدتهم في الحصول على أدنى حقوقهم، وهو رؤيتها والإطمئنان على حالها، خاصة في شهر رمضان.
ملف الأسيرات الجريحات
تتشعب قضية الأسيرات الجريحات من القضية الأولى، والمطلب الرئيسي باستنزاف كامل الجهود للإفراج عنهن، لتصل إلى مطلب توفير العلاج الكريم لهن، فغالبية الأسيرات في سجون الاحتلال، تعرضن فور اعتقالهن إلى إصاباتٍ مختلفة، معظمها إصابات بالرصاص الحي يدعي الاحتلال أنه أطلقها بغية عرقلة حركتهن ومنعهن من تنفيذ عمليات الطعن، في حين تؤكد عائلاتهن على أن إصاباتهن خطيرة ولا تلقى الرعاية الشافية.
من جملة الأسيرات المصابات، تتواجد في سجون الاحتلال أربع أسيرات مقدسيات يعانين من إصاباتٍ متفاوتة، جراء إطلاق الرصاص الحي عليهن من مسافة قريبة، إصاباتٍ حين أطلقها الاحتلال عليهن لم يصيبهن فقط بل أصاب عائلاتهن وآلمهم بذات القدر.
في سجن هشارون، تعيش 19 أسيرة مقدسية وما يقارب الستين أسيرة من كافة أنحاء فلسطين، غالبيتهن أسيرات جريحات، ومنهن الأسيرة إسراء جعابيص، التي يمارس الاحتلال بحقها انتهاكاً صحياً قاسياً.
وضعٌ صحيٌ مهمل
تروي شقيقة الأسيرة إسراء جعابيص الوضع الصحي لشقيقتها الأسيرة لمكتب إعلام الأسرى، فتقول" شقيقتي الأسيرة تتعرض إلى تجاهل تام تمارسه إدارة مصلحة السجون بحقها، فهي لا تتلقى أي رعاية طبية، ويتم إعطائها أدوية خطيرة".
إدارة مصلحة السجون تتعمد إعطاء الأسيرة جعابيص نوعاً من المسكنات الخطيرة، والتي يؤدي استمرار تناولها إلى الإدمان، ومن المرجح أن تحدث آثاراً جانبية أبرزها حدوث خلل في الدماغ.
تضيف شقيقة الأسيرة جعابيص" شقيقتي تعاني من تشوهاتٍ خطيرة في أنفها وفمها وأذنها، ولا يلقي الاحتلال بالاً لمعالجة هذه التشوهات".
الأسيرة جعابيص، أمٌ لطفلٍ وحيد يفتقدها، إنسانة تحب العمل التطوعي، وتحب مساعدة الآخرين وتقديم يد العون لكل من يحتاجها، ولكن آثار الإصابة التي تعرضت لها عقب اعتقالها، زادت من آلامها النفسية كما الجسدية، ورغم ذلك لا تزال تملك فسحة من القوة تعجز العقول أن تتخيلها.
خلال فترة الاعتقال تستثمر الأسيرة جعابيص وقتها بعمل مطرزات يصعب على أيٍ كان وخاصة إن كان يعاني من وضعها الصحي، أن ينتج مثلها، وتمسك الأسيرة جعابيص بهذه الفسحة الضيقة من القوة بكلتا يديها.
عائلة الأسيرة الجريحة إسراء جعابيص، تطالب بتوفير علاجٍ لها، علاجٍ يتكفل به طبيبٌ خارجي، حتى تجبر مصلحة السجون على تقديم الرعاية الصحية الجادة لها، وتنفي عائلتها أن يكون العلاج الذي تحتاج إليه ابنتهم هو عملياتٍ تجميلية، بل وتؤكد على أن هذا العلاج وظيفي، يعينها على تناول الطعام وأداء أعمالها اليومية بصورة صحيحة.
آثار الرصاص الحي
والدة الأسيرة الجريحة المقدسية مرح باكير، والمحكومة بالسجن مدة ثماني سنوات، تروي الواقع الصحي لابنتها الأسيرة فتقول" مرح أصيبت ب10 رصاصات، ويوجد في يديها بلاتين يجعل منها ساخنة صيفاً وشتاءً، وتنتظر علاجاً وظيفياً لإنقاذ يدها، ولكن الاحتلال يهمل في إعطائها العلاج المناسب.
تشير والدة الأسيرة الجريحة باكير إلى أن بقاء حال يد ابنتها على ما هي عليه، قد يعرضها للشلل والقطع، وتطالب كافة المؤسسات والجهات المختصة بالتدخل من أجل إنقاذ ابنتها من الوضع الحي الخطير الذي تقاسيه داخل سجون الاحتلال.
الأسيرة نورهان عواد تعاني هي الأخرى من إصابات بالغة، تقول والدتها" ابنتي أصيبت بأربع رصاصات في القدم والظهر، وأخرى تحت الكبد، ولم يتم إخراج تلك الرصاصة لما سيشكل ذلك من خطرٍ على حياتها".
نورهان تقاسي عذاباً يومياً نتيجة الألم الذي تحدثه الرصاصة العالقة في جسدها، ففي حال تحركت تشكلت آلام حادة لديها، كما وتعاني من درجة حرارة متفاوتة بسبب إصابتها، تقول والدتها" لقد اكتشفت ابنتي نورهان أنها عاجزة عن الركض عندما حاولت الهروب إلى داخل غرفة السجن لارتداء الملابس الشرعية قبل دخول ضباط السجن إلى القسم، وهذا الأمر زاد من ألمها وعذابها".
علاجٌ غير مكتمل
والدة الأسيرة الجريحة شروق دويات أشارت أيضاً إلى أن ابنتها تحتاج إلى علاجٍ طبيعيٍ ليدها، وتحتاج لجلسات عاجلة حتى تستطيع تحريك يدها من جديد بشكلٍ طبيعي.
تقول والدة الأسيرة دويات" شروق تؤدي جلساتٍ طبيعية ليدها، بنفسها، فهي تحاول رفع دلو الماء للأعلى وإنزاله للأسفل كتمرينٍ يومي، حتى تعود لديها القدرة على استعادة الوظائف الحركية ليدها".
الأسيرة دويات مثال على عدد كبير من الأسيرات المصابات اللواتي أجبرن على معالجة أنفسهن بأنفسهن، في الوقت الذي ترفض فيه إدارة مصلحة السجون تقديم العلاج الطبيعي لهن، انتقاماً منهن.