تقرير حقوقي: شهادة الأسير المحرر رائد أبو ظاهر "تحررتُ بجسدي لكن قلبي ما زال في الزنزانة

بعد أربعٍ وعشرين عامًا من الاعتقال، أُفرج عن الأسير الفلسطيني رائد أحمد عبد الله أبو ظاهر ضمن الدفعة الثالثة من صفقة طوفان الأحرار، ليخرج إلى النور بجسدٍ منهك وقلبٍ ما زال معلّقًا خلف القضبان.

رائد الذي أمضى أكثر من عقدين في سجون الاحتلال، يقدّم شهادة حية حول التحوّل الجذري الذي شهدته السجون الإسرائيلية بعد حرب الإبادة على قطاع غزة، واصفًا المرحلة الأخيرة بأنها “جحيم لا يشبه السجن الذي عرفناه من قبل”.

يقول الأسير المحرر: "يومٌ واحد بعد حرب الإبادة يعادل سنة من سنوات السجن قبلها، ما بعد الحرب ليس كما قبلها".

يؤكد أبو ظاهر أن السجون الإسرائيلية تحوّلت منذ أكتوبر 2023 إلى ساحات قتلٍ وتعذيبٍ ممنهج، في ظل غياب تام للرقابة الدولية أو تدخل المنظمات الحقوقية.

وأشار إلى أن ما يجري داخل الزنازين هو "مجزرة بطيئة بحق الأسرى"، حيث تُرتكب جرائم التعذيب والإعدام الصامت بلا ضجة أو مساءلة.

روى أبو ظاهر حادثة استشهاد الأسير أحمد خضيرات داخل السجن، مشيرًا إلى أن تعامل إدارة السجن مع الجثمان كان مهينًا ولا إنسانيًا: "عندما استشهد أحمد، جاء السجّان وصادر فراشه وصحنه، لم ينظر إليه كإنسان".

وأضاف أن الطبيب في السجن "يشارك في الضرب بدل العلاج"، في خرقٍ صارخ لمبدأ واجب الدولة في ضمان الرعاية الصحية للمعتقلين الذي نصّت عليه اتفاقية جنيف الرابعة (المادة 91).

بحسب شهادة أبو ظاهر، يتعرّض الأسرى في العزل الانفرادي لعمليات إعدام بطيئة تشمل الضرب المبرح، التجويع، والتعرية في البرد القارس:

" مروان البرغوثي يُصلب يوميًا في البرد، ويُضرب حتى يفقد وعيه. هذه ليست عقوبة، هذه جريمة".

كما أشار إلى اقتحامات متكررة للزنازين ورشّ الغاز السام صباحًا ومساءً، وإطلاق الرصاص المطاطي دون سبب.

وتعد هذه الممارسات انتهاكًا مباشرًا للمادتين 7 و10 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، اللتين تحظران التعذيب والمعاملة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة.

يصف رائد تفاصيل الحياة اليومية قائلًا: "الطعام لقيمات لا تُسمن ولا تُغني من جوع. نصحى جعانين وننام جعانين".

وأكد أن الاحتلال يطبّق سياسة تجويعٍ مقصودة ضد الأسرى منذ الحرب على غزة، عبر تقليص كميات الطعام وإلغاء الفورة والزيارات والاتصال بالمحامين، في محاولة لكسر إرادتهم.

هذه الإجراءات تمثل عقوبات جماعية مخالفة للمادة 33 من اتفاقية جنيف الرابعة.

يقول أبو ظاهر في شهادته: " أحد السجانين قال لنا: أخطأنا لأننا لم نقتل الأسرى بعد الحرب. كان يجب أن نعدم مروان البرغوثي وعبد الله البرغوثي وإبراهيم حامد ومعمر شحرور ومحمد عرمان وبلال البرغوثي وعباس السيد".

هذا التصريح  الذي يعكس خطابًا مؤسسيًا للتحريض على القتل  يندرج ضمن جرائم التحريض على الإبادة، ويكشف عن غياب المساءلة القانونية داخل المنظومة الإسرائيلية.

رغم خروجه من السجن، يقول رائد أبو ظاهر إن الحرية لم تكتمل: " تحررت لكن ما زال فيّ أسير. قلبي هناك، في البرد، في الزنزانة، في الجوع، في وجه مروان وعباس ومعمر وعبد الله وبلال، وفي صرخة من بقي".

كلماته تختصر المأساة الإنسانية التي يعيشها أكثر من 10000 أسير فلسطيني اليوم، بينهم مئات المرضى والمعزولين، في ظروفٍ وصفتها منظمات حقوقية دولية بأنها “أسوأ من أي وقتٍ مضى”.

تؤكد هذه الشهادة وجود نمطٍ ممنهج من الانتهاكات الجسيمة بحق الأسرى الفلسطينيين، تشمل القتل البطيء، التجويع، الإهمال الطبي، والعزل التعسفي، وهي انتهاكات ترقى إلى مستوى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية وفق نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

*وعليه، يطالب مكتب إعلام الأسرى بما يلي:*

1. فتح تحقيق دولي عاجل في جرائم التعذيب والقتل داخل السجون الإسرائيلية.

2. تمكين لجنة الصليب الأحمر من زيارة جميع السجون، خاصة أقسام العزل.

3. الإفراج الفوري عن المرضى وكبار السن والأسرى المعزولين.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020