في تكرارٍ للمأساة التي تطارد هذه العائلة المناضلة، اعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، يوم الثلاثاء 7 أيار/مايو 2025، المحامية بنان أبو الهيجا على حاجز جبارة جنوب طولكرم، أثناء مرافقتها لوالدتها المريضة في طريقهما إلى المستشفى الاستشاري بمدينة رام الله.
لم تكن بنان أبو الهيجا تقصد ساحة معركة، كانت تمضي بقلبها المثقل برفقة والدتها المريضة نحو العلاج، حين باغتها الجنود على الحاجز في مشهد بات يتكرر مع عائلة اعتادت أن تدفع من عمرها وأبنائها ضريبة الوفاء لفلسطين.
بنان التي تمتهن المحاماة، ليست أول أفراد هذه العائلة الذين تطالهم قبضة الاحتلال، وإنما حلقة جديدة في سلسلة طويلة من القمع والاستهداف لعائلة فلسطينية عرفت بمقاومتها ودفعت ثمنها بين الشهادة والأسر.
الأب في الأسر منذ 23 عاما
والد بنان الأسير القائد جمال عبد السلام أبو الهيجا (65 عاما)، لا يزال يقبع في سجون الاحتلال منذ اعتقاله في 26 آب/أغسطس 2002، بعد مطاردة استمرت شهورا عقب مشاركته في معركة الدفاع عن مخيم جنين.
أصيب خلالها إصابة بالغة أدت لبتر يده ثم حكم عليه بتسعة مؤبدات وعشرين عاما بتهمة قيادة كتائب القسام والمشاركة في عمليات فدائية والإشراف عليها مثل :عملية مطعم سبارو بالقدس، عملية نهاريا، عملية الحافلة في صفد وغيرها.
أبو الهيجا اللاجئ من قرية عين حوض قضاء حيفا، كان يعمل قبل اعتقاله مديرا لمراكز تحفيظ القرآن الكريم في جنين، ودرّس في اليمن والسعودية، وحصل على دبلوم في التربية الإسلامية.
رفض الاحتلال إطلاق سراحه في صفقة وفاء الأحرار عام 2011 بسبب قوة خطابه الدعوي وتأثيره على الشباب وتشجيعه على المقاومة.
متزوج من أسماء محمد سباعنة وله 6 أبناء، 4 ذكور هم عبد السلام وعماد وعاصم وحمزة، وبنتان هما بنان وساجدة، ساروا جميعا على نهج والدهم في الدفاع عن قضية الأسرى ومقاومة الاحتلال.
طوال مدة سجنه، تعرض أفراد عائلته للملاحقة والمضايقات والاعتقال والحرمان من السفر للعلاج من قبل الاحتلال الإسرائيلي وأجهزة السلطة، وتعرّض منزل العائلة للقصف والحرق عدة مرات.
اعتقل الاحتلال زوجته أسماء عام 2003 وقضت 9 أشهر في الاعتقال الإداري، كما حرمت من السفر للعلاج في الخارج بعد إصابتها بمرض السرطان.
حمزة سيرة شهيد رفض الاستسلام
أما الابن حمزة أبو الهيجا فاستشهد برصاص قوات الاحتلال في آذار/مارس 2014 بعد محاصرته في أحد منازل جنين وحياة مليئة بالمطاردات والاعتقال من جانب الاحتلال ومن جانب الأجهزة الأمنية للسلطة الفلسطينية. حمزة الذي انتمى إلى كتائب عز الدين القسام، قاوم حتى اللحظة الأخيرة ورفض الاستسلام. وصف باستشهاده بأنه أحد أبرز المقاومين الذين قارعوا الاحتلال في المدينة.
ثلاثة أبناء آخرون في الأسر
إلى جانب الوالد والابنة يقبع ثلاثة من أشقاء بنان خلف القضبان:
_ عبد السلام أبو الهيجا: معتقل في سجون الاحتلال.
_ عماد أبو الهيجا: معتقل في سجون الاحتلال.
_ عاصم أبو الهيجا: معتقل لدى الأجهزة الأمنية الفلسطينية في نابلس.
عائلة تصمد على الجبهتين
قصة عائلة أبو الهيجا هي نموذج صارخ لمعاناة العائلات الفلسطينية المقاومة، حيث تحول المنزل إلى هدف دائم لقوات الاحتلال وغدت كل مناسبة أو خروج مرشحا للتحول إلى مأساة.
ورغم امتداد الظلم ليشمل كل أفراد العائلة تبقى هذه العائلة صامدة، شاهدة على ثمن الكرامة، ومتجذرة في أرضها، لا تفتأ تؤكد أن المقاومة ليست خيارا بل مصير.