وراء القضبان الحديدية، تكتب فصول من معاناة إنسانية يصعب وصفها، تحت ذرائعَ واهية تنتهك أبسط حقوق الأسير، تجويع ممنهج، تعذيب مدروس، وإهمال طبي مقصود، جرائم منظمة، وإنتهاكات مروعة.
في ظل ظروف الاعتقال اللاإنسانية التي يعاني منها آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال الإسرائيلي، تبرز معاناة جديدة وعدو خفي يفتك بأجساد الأسرى ويزيد ألمهم ، إنه مرض الجرب(سكابيوس) الذي ينتشر بشكلٍ مُخيف. هذا المرض المعدي يُسبـــب آلامًا جسدية ونفسية شديدة، ويُهدد حياة الأسرى، خاصة المرضى وكبار السن والأطفال منهم، دون أيّ رحمة من قبل إدارة السجون.
الجرب ينغص حياة الأسرى
يُنغص مرض الجرب(سكابيوس) حياة آلاف الأسرى الفلسطينيين في سجون الاحتلال، ويُسبب لهم آلامًا تفوق وطأة الضرب والجوع. ينجم هذا المرض المُعدي عن حشرة العثة، التي تقوم أنثاها بحفر خنادق داخل الطبقة العليا من الجلد وتضع بيضها فيه، بمعـدل 3 بيضات يوميا وعلى مدار شهر. بعد أسبوعين يفقس البيض وتخرج الحشرات الجديدة.
يُسبب مرض الجرب(سكابيوس) حكة شديدة تُؤدي إلى تقرحات دموية تُزيد طالما لم يتم علاجها. كما يُصيب المناطق الحساسة والعضو التناسلي والخصيتين، مما يُسبب احمرارًا وألما شديدا يُحرم الأسرى من النوم. وتزداد معاناة ذوي الأمراض المزمنة وأمـراض القلب، الذين لا يحصلون على علاجهم، وتتضاعف معاناتهم مع الحكة والطفح الجلدي.
سجون الاحتلال .. بيئة تصنع المرض وتزيد الألم
يُصبح علاج مرض الجرب شبه مستحيل في سجون الاحتلال، في ظل نقص حاد في الملابس والمنظفـات، وانعدام فـــــرص التعرض لأشعة الشمس. كما أن الطعام رديء وكمياته قليلة، مما يُضعف مناعة الأسرى ويُزيد من صعوبة مقاومتهم للمرض
تُشير إحصائيات نادي الأسير الفلسطيني إلى أن غالبية الأسرى مصابون بمرض الجرب(سكابيوس). كما تُؤكد هيئة الأسرى والمحررين الفلسطينية على تفاقم معاناة الأسرى الأطفال في سجن “مجدو” والأسرى المرضى في سجن " النقب" وسجن " جلبوع" جراء انتشار المرض بشكل كثيف.
شهادات من الواقع .. ألم لا يتوقف
يتربص مرض جديد بآلاف الأسرى الفلسطينيين في السجون الإسرائيلية، لدرجة جعلت أحد المصابين يصفه بأنه أشد وأخطر من الضرب والجوع.
وبحسب شهادات بعض الأسرى المفرج عنهم والذين أصيبوا بمرض الجرب .
يقول أحد الأسرى المحررين واصفا السكابيوس بأنه مرض جلدي يأكل جسم الأسير، بحيث تزداد الحبوب يوما بعد يوم، ويسبب حكة شديدة، ويؤدي لتقرحات دموية،. وتزيد طالما لم يتم علاجها وقال إن أصعب ما في المرض انتشاره بشكل رهيب في منطقة الإبط والمناطق الحساسة والعضو التناسلي والخصيتين، حيث يسبب احمرارا وألما شديدا، "لدرجة أننا لم نكن نعرف النوم".
وقال آخر : " إنهم كانوا في حالة يرثى لها، وغالبيتهم مصابون بالجرب، وعندما كشف بعضهم عن أجسادهم كانت المشاهد تقشعر لها الأبدان لكثرة انتشار المرض عليها". مؤكدا أن إدارة السجن تعمدت خلط الأسرى، وذلك لنشر المرض بينهم؛ أولاً كعقاب جماعي، ثم بحجة انتشار المرض، يقومون بإغلاق السجن أمام اللجان الدولية المختصة بقضايا الأسرى، وأيضاً منع زيارات المحامين، والاستفراد بالأسرى بطبيعة الحال.
ويبين آخر قائلا :" لقد فقدنا السيطرة على المرض داخل السجون؛ فلا يوجد علاج، ولا مواد تنظيف، ولا نتعرض للشمس، والوضع داخل السجون مأساوي، والأصعب عندما تتحرر كمصاب فلا تستطيع احتضان عائلتك، وهذا أمر يصعب شرحه بالكلمات، فالمعاناة التي تعتقد أنها انتهت، تبقى معك حتى بعد أن تتحرر".
مسؤوليةٌ دولية تنتظر التحرك
تُمثل معاناة الأسرى الفلسطينيين مع مرض الجرب(سكابيوس) كارثة صحية تُهدد حياتهم.
وأوضح مكتب إعلام الأسرى أن إدارة سجون الاحتلال تواصل التّصعيد من "جرائمها الطبيّة الممنهجة"، وتتعمد ترك الأسرى دون علاج، بل إن "الجريمة الأكبر التي تنفّذها اليوم بحقّ الأسرى هي تعمّد نقل المصابين منهم بأمراض معدية من قسم إلى آخر"، الأمر الذي ساهم في تصاعد أعداد الإصابات.
وطالب مكتب إعلام الأسرى منظمات حقوق الإنسان والمؤسسات الدولية بالتدخل الفوري لوقف هذه الانتهاكات، وضمان حصول الأسرى على العلاج اللازم في بيئة صحية مناسبة.
حيث باتت جرائم تعذيب الأسرى بشتى الأدوات واحدة من بين سيل جرائم الحرب التي ترتكبها قوات الاحتلال بحق الأسرى في السجون و المعتقلات الصهيونية.