رمضان في الأسر.. صيام عن الحرية ومعاناة لا تنتهي
غزة / إعلام الأسرى

يحل شهر رمضان المبارك في وقت يعاني فيه الأسرى داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي من جميع أشكال الانتهاكات الجسدية والنفسية والصحية، ويُحرمون من أداء الطقوس التي يخططون لها بسبب القمع المستمر.

عادةً ما يكون لشهر رمضان طقوسٌ خاصة داخل الأسر، حيث تعمل الحركة الأسيرة على تنظيم جدول يومي لاستغلال الشهر الفضيل في العبادة، إلا أن ظروف الحياة داخل السجون زادت قساوة بعد اندلاع الحرب على قطاع غزة عقب عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر / تشرين الأول 2023.

حيث يعاني الأسرى الذين يتعرضون لانتهاكات دون حسيبٍ أو رقيب، من فظائع تبدو واضحة عند خروجهم في صفقات التبادل، بينما تغض المؤسسات الدولية المعنية بحقوق الإنسان نظرها عما يحدث من انتهاكات.

الأسرى في رمضان.. معاناة مضاعفة

رمضان هذا العام صعبٌ جدًا على الأسرى، الذين يعانون من انتهاكات غير مسبوقة، ويُحرمون من أداء الطقوس التي يخططون لها بسبب القمع المستمر والتعذيب الممنهج والتنكيل المتواصل والمعاناة التي لا تنتهي .

إن إدارة سجون الاحتلال "لا تحترم قدسية شهر رمضان ولا تراعي طقوسه الدينية، ولا تتيح للأسرى حرية العبادة وممارسة الشعائر الدينية، بل تعرقل ذلك عمدا وتفرض قيودا على قراءة القرآن جهرا والصلاة الجماعية.

ويعاني الأسرى الأمرين في شهر رمضان، ما بين  الحرمان والشوق والحنين للأهل، و ظروف الاحتجاز الصعبة وما يتعرضون له من تعذيب قاسٍ واعتداءات وضرب وتنكيل، إضافة إلى سوء الطعام وقلته، كما ونوعا، وتردي الأوضاع الصحية مع استمرار سياسة الحرمان من العلاج والإهمال الطبي المتعمد.

اشتد كل هذا وأكثر بعد 7 أكتوبر، ما جعل حياة المعتقلين جحيما، ويرجح أن رمضان هذا العام، سيكون مختلفا من حيث اشتداد الظروف قساوة وفظاعة المعاملة، مع استمرار التحريض الإسرائيلي الرسمي على الأسرى؛ في ظل انقطاع زيارات الأهل والقيود المفروضة على زيارات المحامين وعدم السماح لممثلي اللجنة الدولية للصليب الأحمر بزيارة السجون ورفض الاحتلال تزويده بأعداد معتقلي غزة وأسمائهم، ما جعل الآلاف منهم خلال الحرب في عداد المختفين قسرا.

شهادات صادمة.. انتهاكات بلا حدود

بعد الحرب على غزة انقلبت حياة الأسرى الاعتقالية رأسا على عقب

وأطلقت دولة الاحتلال العنان لمصلحة السجون لتعذيبهم بصنوف غير مسبوقة. وبينما الواقع على هذه الحال، حل عليهم شهر رمضان المبارك من العام الماضي، وفيه ضاعف الاحتلال من معاملته الوحشية، إلى جانب الاقتحام.

يروي الأسير المحرر مازن القاضي من مدينة رام الله،  كان الاحتلال يتعمد تأخير الطعام لساعتين وأكثر بعد موعد الإفطار.لم يكن إفطارا، كان أي شيء إلا أكلا يصلح للإنسان. قليل جدا من الطعام التالف وطعام غير مطبوخ جيدا.

ويضيف :" أن كل أسير داخل سجون الاحتلال في فترة الحرب خسر ما بين 30 إلى 50 كيلوغراما من الوزن، بسبب ما وصفها بـ "سياسة التجويع" التي تمارسها مصلحة السجون".

ويشير إلى أت الاحتلال مارس ضد الأسرى فنونا من التعذيب سواء باقتحام الغرف والاعتداء عليهم بالضرب المبرح، أو بالحرمان من الطعام والشراب وحتى الاستحمام".

أما الأسير المحرر صلاح أبو صلاح من مدينة بيت لاهيا في قطاع غزة يقول :" مع مرور الزمن تأقلمنا على أجواء رمضان داخل السجون، غير أن رمضان الماضي كان قاسيا، نصوم ساعات طويلة ونفطر ولا نشبع بسبب سياسة التجويع، والغرف مظلمة طوال الوقت، وتعمدت قوات الاحتلال مضاعفة أعداد الأسرى داخلها من 6 إلى 12، وربما أكثر، وسحبت المصاحف والفرش والأغطية وأدوات الطعام البسيطة".

ويتحدث الأسير المحرر علي السعدي من مدينة جنين، المبعد إلى جمهورية مصر العربية  عن هذه المعاناة بكثير من الحزن فيقول “طوال السنوات السابقة التي عشتها في السجن، كان هذا أصعب شهر رمضان يمر علينا، هل يتخيل أحد أن لا نجد الماء للوضوء طوال اليوم إلا ساعة واحدة خلال النهار، حتى حمامات الغرف لا تتوفر فيها النظافة والطهارة الكافية بسبب شح المياه ".

وفي شهادة أخرى لمكتب إعلام الأسرى يروي الأسير المحرر ماجد أبو القمبز من مدينة غزة معاناة شهر رمضان داخل الأسر ويقول :" لا نعلم اليوم الذي نحن فيه، ولا نعلم الوقت، صباحًا كان أو مساءً. ننام في وقت يحدده لنا السجّان، ونستيقظ على الضرب والقمع في الوقت الذي يحدده لنا السجّان. وأضاف :"نحن تقريبًا صائمون طوال الوقت، لا نأكل سوى لقيمات معدودة"

وأشار إلى أن الأسرى يحاولون ترتيب أوضاعهم، لكن السجانين لا يسمحون لهم بفعل أي شيء، فالقمع مستمر، والتجويع طوال الوقت.

تداعيات عربية ودولية وصمت مريب

رغم إدانة منظمات دولية لهذه الانتهاكات، ووصفها بأنها "خرقٌ فاضح للقانون الدولي"، لا تزال آلة القمع الإسرائيلية تواصل انتهاكاتها، وسط غياب آليات دولية فعّالة لحمایة الأسرى و الأسيرات في السجون و المعتقلات.  

أكد مكتب إعلام الأسرى أن إدارة سجون الاحتلال تواصل انتهاكاتها بحق الأسرى خلال شهر رمضان، حيث تمنعهم من ممارسة شعائرهم الدينية وتفرض قيودًا صارمة على الصلاة الجماعية وقراءة القرآن، ما يزيد من معاناتهم في هذا الشهر المبارك.

وأوضح مدير المكتب، أحمد القدرة، أن الأسرى يواجهون أوضاعًا صعبة تزداد سوءًا، تشمل التعذيب والتنكيل وسوء الطعام والإهمال الطبي، إلى جانب حرمانهم من الزيارات والتواصل مع محاميهم، مما يجعل ظروف احتجازهم أكثر قسوة.

وأشار القدرة إلى أن الانتهاكات اشتدت بعد 7 أكتوبر، حيث تصاعد التحريض الإسرائيلي ضد الأسرى، فيما تواصل سلطات الاحتلال منع الكشف عن أعداد وأسماء معتقلي غزة، ما جعل الآلاف منهم في عداد المختفين قسراً.

ودعا القدرة المؤسسات الحقوقية إلى التحرك العاجل لوقف هذه الجرائم والانتهاكات المستمرة.

هذه الانتهاكات ليست سوى فصلٌ آخر من سجلّ الاحتلال الأسود، الذي يحوّل حتى جدران السجون إلى أدواتٍ لاستهداف كرامة الفلسطينيين.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020