سجل تاريخ السادس من سبتمبر من العام 2021 منعطف هام في تاريخ الحركة الأسيرة وتوقف العالم مبهوراً أمام حدث استثنائي غير معهود حيث نجح ستة أسرى في تحطيم نظرية الأمن الصهيونية بتمكنهم من اختراق أكثر السجون تحصيناً وحراسة وحرروا أنفسهم من سجن جلبوع.
ستة أسرى من مدينة جنين وهم محمود عبد الله عارضة وأيهم فؤاد كممجي ومحمد قاسم العارضة ويعقوب محمود قادري، ومناضل يعقوب انفيعات وزكريا محمد الزبيدي وجهوا صفعة للمنظومة الأمنية والاستخباراتية للاحتلال واستنشقوا لأول مرة ومنذ سنوات طويلة هواء الوطن بعد خروجهم من نفق حفروه بأدوات بسيطة على مدار شهور وتجولوا فى أراضينا المحتلة عام 1948 لأيام قبل تمكن الاحتلال من إعادة اعتقالهم، ولكنه لم يتمكن من إعادة هيبته وكرامته التي فقدها بتلك العملية البطولية.
بعد مرور 5 أيام على عملية الهروب البطولية، استطاع الاحتلال إعادة اعتقال اثنين من محرري نفق الحرية الستة وهم محمود عارضة ويعقوب قادري في منطقة جبل القفزة بمدينة الناصرة بالداخل المحتل، وفى اليوم التالي استطاع الاحتلال اعتقال اثنين آخرين وهما زكريا الزبيدي، ومحمد عارضه، قرب مدينة الناصرة، بينما تمكن الأسيرين المحررين أيهم كممجي ومناضل انفيعات من الوصول إلى مدينة جنين والاختباء في أحد المنازل، قبل تمكن الاحتلال من محاصرتهم واعتقالهم بعد تهديد الاحتلال بقصف المنزل على رؤوس أصحابه.
أعادت هذه العملية وما رافقها من أحداث داخل السجون ملف الأسرى في سجون الاحتلال إلى الصدارة، ليوحّد الفلسطينيين على اختلاف مشاربهم، وأصبحت قضية الأسرى جوهر القضية الوطنية، وكرست هذه الحادثة مبدأ مهم جداً وهو أن قضية الأسرى هي قضية حرية، وليست قضية حاجة لعلاج أو إضراب عن الطعام، كما تعود العالم عليها في السنوات الأخيرة.
وحشد الفلسطينيون على مواقع التواصل كافة نشاطاتهم، للتفاعل مع قضية الأسرى الستة، والأسرى عمومًا، وتداولوا بكثافة صورا وفيديوهات الأسرى المعاد اعتقالهم، وأخبار التضامن معهم، وتعالت الأصوات المطالبة بحمايتهم.
وتعرض الأسرى الستة فور إعادة اعتقالهم إلى عملية تنكيل همجية واعتداء بالضرب والتعذيب ولم يسمح لهم بالنوم لأيام، وقامت إدارة السجون بعزل الاسرى الستة فى زنازين ضيقة ومعتمة وقذرة للغاية ذات رائحة كريهة تخضع لمراقبة مشددة، وسط ظروف معيشية مأساوية تفتقر إلى أدنى مقومات الحياة الآدمية، يوجد داخل الزنازين كاميرات مراقبة طيلة الوقت ومعزولة تماما عن العالم الخارجي وبدون أي أدوات كهربائية عدا عن رداءة وجبات الطعام المقدمة لهم.
وتتعمد إدارة السجن تنفيذ حملات تفتيش قمعية للزنازين طوال الوقت، عدا عن الفحص الأمني المستمر ومعاناتهم على مدار الساعة من الإزعاج بسبب الصراخ والمضايقات المستمرة نتيجة احتجاز عدد منهم بجوار السجناء الجنائيين، ونقلهم من عزل إلى آخر.
وتعمد الاحتلال تشديد عزلهم بعد تصنيفهم بالخطيرين وحرمهم من زيارة الأهل والمحامين والكانتين وفرض رقابة مشددة عليهم وتفتيش زنازينهم لأكثر من 5 مرات يومياً، وتم عرضهم على المحاكم أكثر من مرة ومعهم 5 أسرى آخرين بتهمة المساعدة لإصدار أحكام جديدة بحقهم بعد تقديم لائحة اتهام لهم من نيابة الاحتلال العسكرية تتضمن تهم بالهروب من السجن، والانتماء إلى "تنظيم محظور" والتخطيط لتنفيذ "عملية إرهابية" خلال فترة الهروب.
تم إصدار أحكام إضافية بحقهم بالسجن لمدة 5 سنوات، إضافة إلى الأحكام التي يقضونها وفي غالبيتها حكم بالمؤبد المتكرر.
خلال تلك الفترة حرم الأسرى من لقاء ذويهم وقد فقدوا العديد من أفراد عائلاتهم ولم يسمح لهم الاحتلال بإلقاء نظرة الوداع عليهم، وكان آخرهم ارتقاء الشاب محمد نجل الأسير زكريا الزبيدي مع عدد آخر من رفاقه بعد قصف الاحتلال لسيارتهم في طوباس تزامنا مع الذكرى الثالثة للعملية البطولية.