أكد مركز فلسطين لدراسات الأسرى أن الاحتلال صعد خلال العام الجاري من استهدافه للأطفال الفلسطينيين بالاعتقال والتنكيل، حيث رصد 570 حالة اعتقال استهدفت الفتية خلال النصف الأول من العام غالبيتهم من مدينة القدس.
وقال الناطق الإعلامي للمركز الباحث رياض الأشقر إن الاحتلال يضرب بعرض الحائط كل الاتفاقيات الدولية التي قيّدت سلب الأطفال حريتهم، وجعلت منه "الملاذ الأخير و لأقصر فترة ممكنة" بل يتعامل معهم "كمشروع مخربين".
ويتواصل استهداف الأطفال القاصرين من الجنسين، بالاعتقال والاستدعاء وفرض الأحكام والغرامات المالية الباهظة وتعريضهم لأبشع وسائل التحقيق النفسية والبدنية لانتزاع الاعترافات.
وبيّن أن الاحتلال يبدأ التعذيب والتنكيل بالأطفال منذ اللحظة الأولى للاعتقال باقتيادهم من منازلهم في ساعات متأخرة من الليل، أو اختطافهم من الشوارع وعلى الحواجز، ويتعرضون لأشكال من التنكيل والاهانة بما فيها الضرب المبرح، وتوجيه الشتائم والألفاظ البذيئة بحقهم وتهديدهم وترهيبهم، وإطلاق الكلاب البوليسية المتوحشة كي تنهش أجسادهم.
اعتقالات متصاعدة
وأشار الأشقر إلى أن حالات الاعتقال بين القاصرين ما دون الثامنة عشرة وصلت خلال النصف الأول من العام الحالي إلى 570 حالة، من بينهم 435 حالة بين القاصرين من مدينة القدس لوحدها، وهذا يشكل ارتفاعا بنسبة 15% عن نفس الفترة من العام الماضي والتي بلغت فيها حالات الاعتقال للقاصرين 485 حالة.
ومن بين القاصرين المعتقلين خلال النصف الأول من العام 29 طفلا ما دون ال 12 عاما، من بينهم الطفلان ريان أبو ريان 10 أعوام من بلدة سلوان والطفل عمر النتشة 10 أعوام من حي بطن الهوى، بينما استدعت شرطة الاحتلال الطفل المقدسي "محمد إبراهيم العباسي" الذي لم يتجاوز عمره 6 سنوات فقط للتحقيق في مركز الشرطة بحجة امتلاكه لعبة بلاستيكية على شكل مسدس، بينما اعتقلت الطفلة راما رامي أبو عيشة ( 14 عاماً) من الخليل على أحد الحواجز بالقرب من المسجد الإبراهيمي.
اعتقال أطفال جرحى
وكشف الأشقر أن قوات الاحتلال اعتقلت عددا من القاصرين بعد إطلاق النار عليهم وإصابتهم بجراح مختلفة بعضها خطيرة، كان من بينهم الفتى وديع عزيز أبو رموز 16 عاماً من بلدة سلوان والذي استشهد بعد يومين من اعتقاله مصاباً خلال مواجهات في البلدة، واحتجز جثمانه لخمسة أشهر قبل تسليمه لذويه.
واعتقلت الطفل الجريح "محمود محمد عليوات" 13 عاماً من بلدة سلوان، بعد اصابته بجراح خطرة، برصاص المستوطنين، وتم تحويله الى مؤسسة خاصة نظراً لصغر سنه، والطفل "أمير محمد البس" (12 عاما) من مخيم العروب الذي اعتقل بعد إطلاق النار عليه وإصابته بالرصاص في القدم، والطفل "عمر إبراهيم أبو ميالة" 15 عاماً من بلدة سلوان، واعتقل بعد إصابته فى بطنه وخضع لعمليتين جراحيتين، والفتى محمد يحيى العباسي 17 عاماً من بلدة سلوان الذي اعتقل بحالة حرجة.
وأوضح أن الاحتلال اعتقل الطفل "محمد باسل الزلباني" 13 عاماً من مخيم شعفاط شرق القدس، ونقلته إلى مؤسسة داخلية بالداخل الفلسطيني لصغر سنه، ووجهت له تهمه تنفيذ عملية طعن، وأخذت قرارا بهدم منزل عائلته.
أحكام وحبس منزلي
وأضاف الأشقر أن المحاكم العسكرية للاحتلال واصلت خلال العام 2023 فرض الغرامات المالية الباهظة على الأسرى الأطفال، الأمر الذي يشكل عبئاً على ذويهم في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث وصل مجموع الغرامات المالية التي فرضت على الأطفال في محكمة عوفر فقط خلال النصف الأول من العام (175 ألف شيكل).
وأشار إلى أن سلطات الاحتلال أصدرت خلال النصف الأول من العام العشرات من قرارات الحبس المنزلي بحق الأطفال بعد إطلاق سراحهم وخاصة أطفال مدينة القدس، وأصدرت حكماً بالسجن الفعلي لمدة 15 عاما على الطفل الأسير محمد رجب أبو قطيش (14 عاما) من بلدة عناتا شرق القدس وغرامة مالية كبيرة بلغت 258 ألف شيكل.
الاعتقال الإداري للأطفال
وبين الأشقر أن محاكم الاحتلال صعدت بشكل واضح خلال النصف الأول من العام من اللجوء لإصدار الأوامر الإدارية بحق القاصرين، حيث أصدرت ما يزيد عن 23 قرار اعتقال إداري غالبيتها قرارات جديدة بحق قاصرين ما بين 3 إلى 6 أشهر.
ومن بينهم الفتى "يحيى الريماوي" 17 عاماً من رام الله، و"قاسم حوامدة" ١٧ عاماً من الخليل و "جمال عادي" 17 عاماً من الخليل، و"جهاد بني جابر" (17 عاماً) من نابلس ، والفتى "محمد أسامة محاميد " 17عاماً، من قرية دير أبو ضعيف شرق مدينة جنين، والفتى الأسير "جهاد توفيق عودة" 17 عاما من بلدة كفر ثلث شرق قلقيلية، والفتى محمد غازي سلهب من الخليل، والفتى الأسير براء صقر صبارنة (17 عاماً) من بلدة بيت أمر شمال الخليل، والفتى "علي بسام أبو العسل" (17 عاماً) من مخيم عقبة جبر بأريحا، والفتى "موعد عمر الحاج" (16 عاماً) من سكان مخيم عين السلطان في أريحا والفتى "صامد خالد أبو خلف" (16 عاماً)، من عصيرة القبلية جنوب نابلس.
واعتقلت قوات الاحتلال 18 طالباً من طلاب الثانوية العامة وحرمتهم من تقديم الامتحانات النهائية منهم الطالب الجريح "جمال براهمة" من أريحا، وأصدر الاحتلال بحقّه أمر اعتقال إداري لمدة 6 أشهر، والطالب المقدسي "عبد الله عبيد"، وكذلك الطالب "محمد رويضي" من سلوان بالقدس.
قانون تعسفي
وقال الأشقر إن الاحتلال لم يكتف باستهداف الأطفال بالاعتقال والتنكيل وإطلاق النار إنما لاحقهم بالقوانين العنصرية التي تنم عن عقلية عنصرية ووحشية ضد الأطفال، حيث صادق الكنيست الصهيوني بالقراءة الأولية على مشروع قانون يتيح فرض أحكام بالسجن على الأطفال الفلسطينيين دون سن 12 عاماً من سكان القدس والداخل الفلسطيني في حال اتهامهم بمقاومة الاحتلال بدلًا من إرسالهم إلى مؤسسات (لإعادة التأهيل)، في إجراء لا يدلل سوى على مزيد من العنصرية والوحشية الصهيونية وهو ما يفتح الباب لاستهداف هذه الفئة العمرية الصغيرة التي حماها القانون الدولي.
ويقبع حالياً في سجون الاحتلال (160) طفلاً موزعين على أقسام الأشبال في سجون مجدو وعوفر والدامون، في ظروفٍ معيشية قاسية، يحرمون فيها من كل مقومات الحياة البسيطة ومن حقّهم في التعليم، إضافة إلى وجود عدد في مراكز التوقيف ما زالوا يخضعون للتحقيق.
وطالب مركز فلسطين المجتمع الدولي والمنظمات المعنية بحقوق الطفل أن يتحملوا مسؤولياتهم تجاه أطفال فلسطين، وما يتعرضون له من جرائم فاقت كل الحدود، وإلزام الاحتلال بتطبيق المواثيق والاتفاقيات الخاصة بالأطفال لوضع حدّ لمعاناتهم المتفاقمة بشكل يومي.