اعتبر مركز فلسطين لدراسات الأسرى السابع عشر من نيسان يوماً وطنياً للوفاء للأسرى وتضحياتهم، وفرصة لتجديد وتكثيف الدعم والاسناد لهم، ويوماً لتكريمهم والوقوف بجانبهم وذويهم، وتوحيد الجهود لنصرتهم ومساندتهم ودعم حقهم بالحرية.
وقال مركز فلسطين في تقرير له بمناسبة ذكرى يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف السابع عشر من نيسان ان (4800) أسير فلسطيني في سجون الاحتلال يحتاجون لكل أشكال الدعم والمساندة والتضامن العربي والدولي في ظل ما يتعرضون له من ظروف قاهرة وانتهاكات جسيمة تعرض حياتهم للخطر الشديد، وأن مساندتهم واجب وطني وأخلاقي وإنساني وديني.
الباحث رياض الأشقر مدير المركز بيَّن أن الاحتلال اعتقل منذ عام 1967 ما يقارب من مليون فلسطيني، أي أن أكثر من 25% من الفلسطينيين في الأراضي المحتلة ذاقوا مرارة الاعتقال، وهذه الاعتقالات لم تمييز بين طفل أو امرأة، أو بين عجوز طاعن في السن وشاب صغير، وطالت الاعتقالات كافة شرائح فئات الشعب الفلسطيني.
وأضاف الأشقر ان سلطات الاحتلال لا تزال تعتقل (4800) أسير فلسطيني من بينهم 29 أسيرة فى سجن الدامون، و 170 طفلا، يقبعون في سجون (عوفر، ومجدو، والدامون)، بينهم طفلة وهي نفوذ حمّاد (16 عاما) من القدس، و6 أطفال معتقلين إداريا، و4 من نواب المجلس التشريعي الفلسطيني، بينما (553) أسيراً صدرت بحقهم أحكاماً بالسجن المؤبد مدى الحياة لمرة واحدة أو لمرات عديدة، وارتفعت أعداد الأسرى القابعين تحت قانون الاعتقال الإداري التعسفي إلى ما يزيد عن (1000) أسير.
واستطرد الأشقر أن 650 اسير يعانون من امراض مختلفة وعدد منهم يعاني من أمراض خطيرة كالسرطان والفشل الكلوي والاعاقات، أخطرهم الأسير "وليد دقة " والذي يصارع الموت في مستشفيات الاحتلال نتيجة اصابته بمرض السرطان وأجريت له مؤخراً عملية استئصال لجزء من الرئتين، ويقبع في العناية المكثفة بحالة خطرة ويرفض الاحتلال إطلاق سراحه.
وقد أدت جريمة الإهمال الطبي الى استشهاد (77) اسيراً، كان آخرهم الأسير "احمد ابوعلى" كذلك أدى الى وفاة العشرات من المحررين الذين أصيبوا بالأمراض الخطيرة داخل السجون، واستشهدوا بعد إطلاق سراحهم بأيام او أسابيع وكان آخرهم الشهيد " حسين محمد المسالمة" من بيت لحم جراء إصابته بالسرطان خلال فترة اعتقاله " حيث أمضي 19 عاماً في الأسر.
بينما بلغ عدد عمداء الاسرى الذين امضوا ما يزيد عن 20 عاماً في سجون الاحتلال (398) اسيراً، منهم 23 معتقلين منذ ما قبل عام 1994، ويعتبر الأسير "محمد احمد الطوس" من الخليل عميد الاسرى الفلسطينيين وأقدمهم، حيث انه معتقل منذ عام 1985، كذلك الأسير "نائل البرغوثي" أمضي 43 عاماً على فترتي اعتقال، ولا يزال الاحتلال يعتقل 47 اسيراً ممن تحرروا في صفقة وفاء الأحرار عام 2011،
وبين الأشقر أن الاسرى يتعرضون لكل أشكال التنكيل والتعذيب والتضييق داخل السجون ويحرمون من كافة حقوقهم الإنسانية، حيث يضرب الاحتلال بعرض الحائط كل الاتفاقيات الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان بدءً من الضرب ومروراً بالشبح والخنق وصولاً إلى الموت في بعض الأحيان كما حدث مع العشرات من الاسرى، وتحولت السجون الى مقابر يدفن بها الأسرى أحياء.
كذلك يمارس سياسة الاقتحام للغرف والاقسام، والاعتداء عليهم بالضرب والشتم والتفتيش العاري، وأحيانا برش الغاز الخانق، والعزل الانفرادي في زنازين ضيقة تفتقر الى كل مقومات الحياة الإنسانية، وقد يمكث الأسير لوحده شهور طويلة او سنوات في بعض الأحيان، كما يعاني الاسرى من التنقلات الكثيرة بين السجون بهدف عدم الاستقرار والتضييق عليهم، عدم توفر الطعام الكافي للأسرى كماً، كذلك سوء الطعام نوعاً.
وكشف الأشقر أن الاسرى ورغم هذه الظروف القاسية والصعبة لم يستسلموا لسياسات الاحتلال، بل قاوموا ودافعوا عن أنفسهم وخاضوا العشرات من المواجهات والإضرابات عن الطعام من أجل تحصيل حقوقهم، واستطاعوا بفضل إرادتهم وأمعائهم الخاوية إجبار الاحتلال في الكثير من المرات على توفير العديد من المستلزمات الحياتية الأساسية التي نصت عليها كافة القوانين والمواثيق الإنسانية.
كما واصل الاسرى زرع ارادة الحياة عبر تهريب النطف وإيجاد سفراء لهم رغم وجودهم في السجن لعشرات السنين، حيث أنجب الأسرى (111) طفلاً حتى الآن عبر النطف المحررة.
ورغم محاولات الاحتلال لقتل الأسرى نفسيا وجسدياً، الا ان الاسرى استغلوا سنوات اعتقالهم في التعليم والحصول على المعارف، وحصل الآلاف منهم على الثانوية العامة والبكالوريوس داخل السجون، بل ان بعضهم استطاع الحصول على شهادة الماجستير والدكتوراه خلف القضبان، وأبدع الاسرى في طرق التواصل مع العالم الخارجي عبر تهريب أجهزة الاتصال وبطريقة سرية وإخفائها عن أعين السجان.
وقد ارتقى في سجون الاحتلال (236) من الشهداء نتيجة التعذيب او القتل العمد بعد الاعتقال أو الإهمال الطبي المتعمد للمرضى، الذين يقبع بعضهم في مستشفى الرملة منذ سنوات ولم يطرأ أي تحسن على وضعه الصحي، حيث لا يقدم لهم سوى المسكنات فقط.
وطالب الأشقر بأن تبقى قضية الاسرى القضية المركزية للجميع، وان نضع على سلم أولوياتنا نصرتهم ومساندتهم والعمل لوقف الانتهاكات الخطيرة بحقهم، والسعي بكل الوسائل المشروعة لضمان تحقيق حريتهم وعودتهم إلى بيوتهم وعائلاتهم معززين مكرمين، بما في ذلك العمل على تنفيذ عمليات تبادل أسري تجبر الاحتلال على تحريرهم.
كما دعا في يوم الأسير المجتمع الدولي ومؤسساته الإنسانية والسياسية إلى تحمل مسؤولياتها القانونية والأخلاقية، تجاه ما يتعرض له الأسرى من جرائم، والعمل الجاد من أجل تشكيل ضغط على الاحتلال لوقف جرائمها المستمرة بحقهم، وعلى رأسها جريمة الاعتقالات المستمرة، وإلزام الاحتلال بتوفير حقوق الاسرى ووقف الهجمة الشرسة بحقهم.