تعتبر ذكرى الانطلاقة لأي فصيل فلسطيني فرصة لتجديد العهد من قبل شبانها وقادتها، وتمر كل عام لتبث الأمل من جديد في نفوسهم وتشحذ هممهم نحو مقاومة الاحتلال.
وفي سجون الاحتلال لا ينسلخ الأسرى عن واقعهم الفلسطيني، فتراهم يحتفلون بذكرى الانطلاقة وبمواعيد المناسبات الوطنية وذكرى استشهاد أحبائهم أو أسرى كانوا بينهم.
ولأن السجن قهر يفرضه الاحتلال على الأسرى كان تحديهم أن يكسروا هذا القيد ولو معنوياً، فصنعوا من الأسر فرصةً لتوثيق الصلة بوطنهم وانتمائهم الذي لم يخفت والذي لأجله يدفعون زهرة أعمارهم في السجون الصهيونية.
وضمن ذكرى انطلاقة حركة حماس في منتصف شهر كانون الأول/ ديسمبر من كل عام؛ يقوم أسرى الحركة بإحياء هذه الذكرى عبر عدة طرق ليبثوا في أنفسهم روح التحرر من جديد.
ويقول أحد الأسرى المحررين إنه رغم الأجواء الباردة في كانون الأول إلا أن الأسرى يكملون تحضيراتهم بما لديهم من إمكانيات بسيطة لإتمام احتفال الانطلاقة، حيث يتجمعون في عدة سجون أبرزها نفحه وعوفر، ويبدأون بترديد الأناشيد الحماسية والوطنية احتفالا بذكرى الانطلاقة.
وعبر إبداعاتهم التي اكتنزوها خلال سنوات اعتقالهم يقوم الأسرى بتصميم الشعارات وكتابة العبارات الحماسية بخطوط جميلة، وتعليقها كلافتات في أروقة السجن والغرف، حيث أن عملهم الحرفي أصبح خبرة اكتسبوها عبر الساعات الطويلة لهم في الزنازين والانتظار ليوم الحرية المأمول.
ويقوم الأسرى بتقديم التهاني لبعضهم البعض بمناسبة انطلاقة الحركة التي توافق يوم 14/12 من كل عام، كما يقوم الأسرى من بقية الفصائل الوطنية والإسلامية بتقديم التهاني لزملائهم من حركة حماس بمناسبة الانطلاقة، وهذا أمر معتاد ومستحب داخل السجون لما يخلفه من خلق روح الوحدة والترابط بين الفصائل.
وخلال الاحتفال بذكرى الانطلاقة يقوم بعض القادة من الأسرى بإلقاء كلمات قوية تؤكد على نهج المقاومة الذي تسير به حماس منذ انطلاقتها ولم تحد عنه، بينما يقوم آخرون بسرد المراحل التي مرت بها الحركة على مدار خمسة وثلاثين عاما، ويشرح عدد منهم على مسامع بقية الأسرى بعض النقاط البارزة في مسيرة حماس وثباتها على خيار المقاومة الذي سيبقى خيارها الوحيد لدحر الاحتلال وإنهاء معاناة الشعب الفلسطيني سواء في غزة أو الضفة والقدس.
ويوضح المحرر بأن الأسرى يقومون كذلك ضمن فعاليات الانطلاقة بتنظيم مجموعات تنسقها لجان معينة؛ ويلقي القائمون عليها محاضرات سياسية وتحليلية وثقافية تبرز مسيرة حماس وعطائها ودورها في القضية الفلسطينية.
ولا يخلو الأمر من مضايقات لإدارة سجون الاحتلال خاصة خلال السنوات الأخيرة، حيث يقوم بمعاقبة بعض الأسرى القائمين على احتفالات الانطلاقة ونقلهم إلى سجون أخرى أو عزلهم انفراديا، كما يفرض تضييقات على أقسام بأكملها بحجة تنظيم حفل انطلاقة ويمنعهم من التنقل بين الأقسام أو يفرض عليهم عقوبات جماعية مثل تقليص العديد من الحقوق.
فعاليات تحدٍ
بدوره يؤكد الناطق باسم مكتب إعلام الأسرى حازم حسنين أن فعاليات الانطلاقة في سجون الاحتلال تحمل نوعا من التحدي مع السجان وتبث فيهم الأمل والعزيمة.
وأوضح أن إدارة سجون الاحتلال تقوم بالاستنفار منذ بداية كانون الأول من كل عام خشية تنظيم فعاليات لإحياء ذكرى الانطلاقة، حيث يقوم بتهديد الأسرى والتنبيه عليهم بعدم القيام بأي فعاليات أو احتفالات أو مظاهر لانطلاقة حركة حماس.
وأضاف بأن أول مظاهر الاحتفال بذكرى الانطلاقة هو خطب الجمعة التي يتم التأكيد من خلالها على نهج المقاومة الذي تسير فيه حماس، ولكن الاحتلال يضيق على هذه الجزئية ويقوم أحيانا بفرض عقوبات على خطيب الجمعة بتهمة قيامه بالتحريض.
وأشار إلى أن الأسرى يقومون بتعليق مجلات على الحائط للتأكيد على نهج الحركة المقاوم، ولكن الاحتلال يقوم بإزالتها بشكل متعمد.
وأضاف:" أبرز هذه الفعاليات هي اليوم الجهادي وهو عبارة عن يوم ترفيهي رياضي تقوم به الحركة في السجون وتقوم خلاله بتنظيم أنشطة للأسرى تبدأ منذ صلاة الفجر وتتضمن فقرات ترفيهية عدة، كما يتم تنظيم مسابقات ثقافية للتذكير بتاريخ الحركة".
وقال إن أبرز ما يساعد على تنظيم هذه الفعاليات هي البنية التنظيمية للحركة في السجون والتي تتكون من لجان عدة أبرزها الدعوية والثقافية والتي تقوم على هذه الفعاليات وتنظيمها في السجون وتراعي ظروف كل سجن.
وأكد حسنين على أن هذه الفعاليات مهمة لرفع معنويات الأسرى في سجون الاحتلال وتعزيز ثقتهم بالمقاومة التي تعمل لأجل حريتهم ليل نهار".