تحت عنوان "كفى للاعتقالات الإدارية" استعرضت صحيفة "هآرتس" الصهيونية عدم قانونية هذا النوع من الاعتقال، لتؤكد على نهجٍ ظالم بلسان الاحتلال نفسه يكشف حقيقة هذه الاعتقالات، ليس إنصافا للفلسطينيين ولكن خوفا على الصورة الصهيونية أمام العالم.
وخلال حديثها وصفت الصحيفة الاعتقال الإداري بأنه إحدى الوسائل الأكثر تعسفاً، حيث لا يمكن خلاله الاعتماد على المحاكم وعلى رأسها ما تسمى بمحكمة العدل العليا.
وطوال تاريخ احتلال فلسطين كانت الاعتقالات الإدارية هي ما يؤرق أهلها وحتى يومنا هذا، حيث يستخدمها الاحتلال وسيلةً لإذلالهم ومحاولة كسر إرادتهم، كما يرفض الإفراج عنهم أو توجيه تهم واضحة لهم أو عرضهم على المحاكم، ليكون "الملف السري" هو سلاحه غير القانوني الذي يستخدمه في المحاكم ضدهم، والمثير للسخرية أن المحاكم التي تدعي اتباع القانون تستخدم هذا الملف للموافقة على الاعتقال الإداري.
وتسرد الصحيفة إثباتاتها على عدم قانونية هذا الاعتقال؛ فتؤكد أنه لا يمكن الاعتماد على محكمة العدل العليا، والتي ووفقاً لفحص الصحيفة " منذ بداية العام لم تحصل حالة واحدة قبلت فيها المحكمة التماساً لإلغاء أمر الاعتقال الإداري.
وعلاوة على ذلك تستخدم الصحيفة وصف المحكمة العليا باسم "الختم الجاهز للشاباك والجيش في كل ما يتعلق بالاعتقالات الإدارية"، الأمر الذي يعتبر مقلقاً جدا، وذلك على ضوء الاستخدام بالجملة لهذا الاعتقال.
عدد المعتقلين الإداريين في سجون الاحتلال وصل إلى 723 دون محاكمة وهو العدد الأعلى منذ عام 2008، ومن بينهم 11 من فلسطينيي الداخل المحتل والبقية فلسطينيون.
عدم وجود لائحة اتهام هو الإشكالية الأساسية في الاعتقال الإداري، حيث يتم تصنيف هذا الإجراء بحقهم احترازيا ولا يتم عقد محاكمة بالإثباتات، كما لا يتم إطلاع محاميهم على الأدلة المتوفرة ضدهم عدا ملخص بعدة جمل والذي يعرض الشبهات بحقهم.
أما دوليا؛ فالقانون الدولي يعترف بهذا النوع من بالاعتقال ولكن كوسيلة تستخدم بشكل مقلص وفي حالات تعرض الجمهور للخطر وفي ظل عدم وجود وسيلة لمنعه.
واعتبرت "هآرتس" أن الأمر بالغ القلق هو أن الاحتلال يواصل طريقه بحرية في هذا الاعتقال لأن الجمهور لا مبالٍ للموضوع بتاتاً، والرأي الرائج بأن أي فلسطيني معتقل فهو مذنب وطالما ليس يهوديا فلا يهم أحداً، لتتجلى العنصرية الصهيونية في أبشع صورها.
غير قانوني
يكترث المحتل كثيرا لصورته أمام العالم الغربي، وهو ما يدفع "هآرتس" وغيرها من وسائل الإعلام إلى تسليط الضوء على مثل هذا الملف غير القانوني، ولكنهم يغضون الطرف عن كثير من القضايا المماثلة بل الأشد قسوة كالقتل بدم بارد، أو قمع الأسرى، أو قضية الأسرى المرضى الذين يموتون في سجون كالقبور، أو الأسرى الأطفال الذين يحرمون من دفء عائلاتهم، أو الأسيرات الأمهات والمصابات اللواتي يقاسين عذاب السجان، أو دفع الأسير للموت ثم احتجاز جثمانه لسنوات.
ويرى بعض الكتاب في الصحيفة أن الاعتقال الإداري معيب لأنه غير قانوني متناسين آلام العائلات جراء ذلك، حيث يكبر الطفل ووالده في المعتقل دون تهمة وتكبر الابنة غريبة عن أبيها، بل تصبح تخشى وجوده في المنزل لأنها ببساطة لم تعتد على ذلك!
يقول أحد الكتاب في الصحيفة:" كل قاض ومحامٍ وكل من لا زال يؤمن بحقوق المواطن، هذه معطيات جزئية فقط وهي تعبر عن صورة الوضع حتى هذه اللحظة ، في يوم واحد ولا تشمل تاريخ التمييز في استخدام الاعتقال الاداري ضد آلاف البشر طيلة سنوات الاحتلال".
ومن الناحية القانونية فالاعتقال الإداري إجراء يمس بحقوق الإنسان بشدة والذي تسلب فيه الحرية ولا يستطيع المعتقل إثبات براءته والتشاور مع محاميه وأن يخمن كم من الوقت سيستمر الاعتقال (والذي يتم تجديده عدة مرات) وفعلياً لا يوجد عليه استئناف، لأن المحكمة العليا ترفض هذه الاستئنافات بشكل ثابت، والمعتقل يعتقد أحيانا أن ملفه تتم دراسته في نظام قضائي محايد، إلا أن التعاون الوثيق بين القضاة (وقضاة العليا بشكل عام) والذي يصادقون أوامر الاعتقال وبين الجيش والشاباك الذين يملون عليهم قواعد اللعبة ويحددون لهم نتائجها، يحول النظام القضائي الى ذراع تنفيذي للجهات الأمنية الصهيونية.