تحاول السيدة أم عبد الرحمن التأقلم كل مرة مع الواقع الذي يفرضه الاحتلال على عائلتها، فلا يكاد أحد أبنائها يتحرر حتى يتم اعتقال الآخر، وما إن يفرج عنه حتى يفرض على غيره الحبس المنزلي، وما إن ينتهي حتى يُعرض الثالث على المحكمة لمخالفة مفبركة.
هكذا هي الحياة باختصار في بلدة العيسوية شمال شرق القدس المحتلة، فعناصر شرطة الاحتلال يتواجدون فيها أكثر من أهاليها أحيانا، ويقومون بحملات اعتقال تطال كل فئات المجتمع فيها دون تمييز أو خصوصية أو مراعاة للأعمار والظروف الحياتية.
نقطة استراتيجية
يشكل الموقع الاستراتيجي للبلدة شوكة في حلق الاحتلال، فمدخلها الغربي يقع من داخل مستوطنة التلة الفرنسية وهي الحي الاستيطاني الذي تتواجد فيه مقرات الشرطة والجيش وحرس الحدود والجامعة العبرية ومستشفى هداسا، أما المدخل الشرقي فيطل على الشارع الرئيسي لمستوطنة "معاليه أدوميم" وعلى معسكر كبير مقام على أراضي العيسوية وعناتا.
هذا جعل الاحتلال دوما يتابع العيسوية ليلا ونهارا ويقوم بإجراءات ظالمة مثل الاعتقالات والتفتيش والحواجز، وهذا الظلم الواقع على أهالي العيسوية جعل منهم أندادا للاحتلال، فهم مخزون بشري هائل وتحديدا الشباب الذين يمتلئون بالقيم الوطنية.
أما الظلم المستمر من الاحتلال والهدم الذي طال عددا كبيرا من المنازل فجعل أبناء العيسوية في طليعة النضال، حيث نشاهدهم في المسجد الأقصى وباب العامود والشيخ جراح وبقية الأحياء ويتمتعون بعلاقات اجتماعية طيبة مع كل أبناء القدس.
اعتقالات بالجملة
وخلال السنوات الأربعة الأخيرة احتلت العيسوية الرقم الأول في أعداد الاعتقالات في محافظة القدس وأيضا على مستوى محافظات الوطن، فالاعتقالات يومية فيها والحملات تستهدف مجموعات من الشبان، ومجموعة من أهاليها بينهم أطفال أصيبوا كذلك خلال اعتداءات الاحتلال.
ويقول رئيس لجنة أهالي أسرى القدس أمجد أبو عصب لـ مكتب إعلام الأسرى إن التهم الموجهة لأبناء العيسوية هي إلقاء الحجارة والزجاجات الحارقة، وهي تهم منتشرة بشكل كبير، ومؤخرا اعتقلت مجموعة من البلدة ووجهت لهم تهم إطلاق الرصاص على جنود الاحتلال وهي مكونة من ثمانية معتقلين على الأقل ومكثوا فترة طويلة في التحقيق وتم تحويلهم لاحقا للسجون.
وأوضح أن أبناء بلدة العيسوية خضعت مجموعة كبيرة منهم لسياسة الحبس المنزلي سواء كان المؤقت أو المفتوح، كما أن مجموعة كبيرة منهم أبعدت عن البلدة القديمة والمسجد الأقصى لأن الاحتلال لمس بشكل كبير أن أبناء العيسوية متواجدون هناك دائما، فالتهم الموجهة لهم هو نشاطهم في الأقصى ومحيطه.
وأضاف:" شاهدنا قبل عامين حين أقدمت شرطة الاحتلال على تصوير مقاطع توثق كيفية عمل شرطة الاحتلال في القدس وتحديدا العيسوية ويحاول أن يبرز من خلال ذلك إظهار قادة أجهزته وضباطه بأنهم أبطال ويقومون بالتفتيش، وفي أحد المشاهد تم اعتقال شاب بتهمة أنهم وجدوا أسفل منزله قطعة سلاح وذخيرة ثم تبين لاحقا أن التسجيل مفبرك ويهدف إلى تلميع قادة أجهزة الاحتلال الأمنية في القدس".
وليس هذا فقط، فيؤكد أبو عصب أنه حتى في حملات الضرائب تستهدف قوات الاحتلال أهالي الأسرى حيث قامت بهدم منزل شقيق الأسير سامر العيساوي وهدم منزل حارس الأقصى فادي عليان الذي تم اعتقاله مؤخرا، وحكم بالسجن لثلاث سنوات وفرضت عليه غرامة مالية.
وأشار إلى أن المحررين وأهاليهم يعانون بشكل كبير من سياسات الاحتلال المتمثلة بالحملات الضريبية وهدم المنازل وإعادة الاعتقال.
وتابع:" قبل فترة حدث أن دخلت مجموعة من عناصر شرطة الاحتلال البلدة وهم سكارى باللباس المدني وظن عدد من الشبان أنهم مجموعة من الزعران فتصدوا لهم وجاءت شرطة الاحتلال واعتقلت عددا من أفراد عائلة عليان ثم تبين أن عناصر الشرطة باللباس المدني هم من هددوا السلم الأهلي في البلدة وتم الإفراج عن معظم الشبان ولكن بقي اثنان منهم في الأسر بحجة التعرض لعناصر الشرطة رغم أنهم كانوا بالزي المدني وأن المحامين دحضوا رواية العناصر".