كالعادة داهمت خفافيش الظلام منزل عائلة أبوالرب في ساعات ما قبل الفجر وبثت الرعب بين الأطفال والنساء وكان الهدف هذه المرة نجلهم الفتى "أنس" الذي لا يتجاوز عمره 17 عاما حيث قاموا باعتقاله وتقييد يديه ونقله عبر الآليات العسكرية إلى معسكر سالم.
الطفل "أنس عبد الرحمن محمد أبو الرب" من قباطية هو واحد من عشرات الأطفال الذين يقوم الاحتلال باعتقالهم شهرياً من أنحاء الضفة الغربية والقدس، ويمارس بحقهم كل أشكال الانتهاك والتعذيب والاهانات خلال الاعتقال والتحقيق وفترة قضاء محكومياتهم في السجون، كما أنه يتميز بكونه معتقلا اداريا دون تهمة.
مكتب إعلام الأسرى أوضح أن قوات الاحتلال كانت داهمت منزل الفتى أنس بتاريخ 17/3/2022 واعتقلته بعد تفتيش المنزل واجبروا والده على التوقيع على ورقة تفيد باعتقال نجله، وبالكاد سمحوا له بتبديل ملابسه ثم نُقل بواسطة الجيب العسكري إلى معسكر سالم، حيث مكث هناك حتى ساعات المساء المتأخرة قبل أن يُنقل إلى سجن مجدو حيث ما زال يقبع حتى الآن.
وأضاف أن الطفل "أنس" خضع للتحقيق ليومين لم يستطيع الاحتلال خلالها اثبات أي تهمة بحقه، حيث جرى تمديد اعتقاله من قبل محكمة سالم العسكرية عدة مرات، ليصدر بعدها قرار اعتقال إداري بحق الطفل أنس لمدة 4 شهور.
خلال تلك الفترة لم يكن أنس لوحدة يخضع للاعتقال الإداري كان هناك طفلين آخرين وهما أمل نخله من رام الله ومحمد منصور من جنين، حيث أمضيا ما يزيد عن 14 شهراً في الإداري قبل إطلاق سراحهما، بينما بقى أنس لوحده يصارع هذا الاعتقال التعسفي الذي يستنزف اعمار الأسرى دون تهمة.
عائلة أبو الرب تعيش حالة من القلق على مستقبل نجلها "أنس" مع اقتراب موعد انتهاء الشهور الأربعة الإدارية الأولى والتي تنتهي منتصف شهر يوليو القادم حيث تخشى من إمكانية تجديد الإداري له لمرة ثانية أو أكثر من مرة، كما جرى مع أطفال آخرين.
حيث كانت المحكمة قد ثبتت الإداري له بعد شهر من اعتقاله دون حضوره أو محاميه بسبب مقاطعة المعتقلين الإداريين لمحاكم الاحتلال، وطلبت النيابة العسكرية مصادقة المحكمة على اعتقال الطفل أنس لكامل المدة بادعاء وجود مواد سرية تشير إلى أن الطفل "يحرض على العمليات العسكرية" عبر وسائل التواصل الاجتماعي وهو ما دفع الاحتلال الى اعتقاله وإصدار قرار اداري بحقه.
وأكد إعلام الأسرى أن سلطات الاحتلال تستخدم الاعتقال الإداري دون تهمة أو محاكمة بشكلٍ ممنهج وعلى نطاق واسع بحق مختلف فئات الشعب الفلسطيني، ولا تستثني الأطفال من الاعتقال التعسفي المبني على ملف سري لا يمكن للمعتقل أو محاميه الاطلاع عليه، حيث أصدرت محاكم الاحتلال خلال العام 2021 ما يزيد عن 14 قراراً إدارياً بحق أطفال، سوءا كانت جديدة او تجديد اعتقال.
وكشف إعلام الأسرى أن الاحتلال خلال العام الجاري 2022 أصدر أربعة أوامر إدارية بحق الأطفال، اثنين منهم أتموا سن 18 عاماً ووصلوا الى سن البلوغ، وجرى نقلهم من أقسام الاشبال الى أقسام البالغين وهم الفتى "موسى همام" من بيت لحم اعتقل في يونيو العام الماضي وكان عمره 17 عاما، وخضع للتحقيق القاسي في معسكر سالم لمدة 3 ساعات قبل أن يُنقل إلى عصيون في ظروفٍ صعبة، ثم نقل إلى قسم الأشبال بسجن مجدو وصدر بحقه أمر اعتقال إداري وجدد له 3 مرات متتالية، وقبل شهر بلغ سن 18 عاما ، ونقل من قسم الأشبال إلى الأقسام العادية.
كذلك الطفل "أصيل دويكات" من نابلس اعتقل في نيسان الماضي ولم يتجاوز عمره 18 عاما، بعد اقتحام منزل عائلته ونُقل إلى مركز توقيف حوارة لمدة يومين في ظروفٍ سيئة، قبل أن ينقل إلى قسم الأشبال سجن مجدو، وبعد 10 أيام صدر بحقه أمر اعتقال إداري لمدة 6 أشهر، وقبل ثلاثة أسابيع بلغ الطفل أصيل سن الـ18 عاماً ، ليُنقل من قسم الأشبال إلى الأقسام العادية.
بذلك يبقى الطفل أنس أبو الرب هو الوحيد القاصر الذي يخضع للاعتقال الإداري في سجون الاحتلال، ولكنه لن يكون الأخير حيث يضرب الاحتلال بعرض الحائط كل الاتفاقيات التي نصت على أن اعتقال الأطفال يجب أن يكون الملاذ الأخير و لأقصر فترة ممكنة، وعلى ألا يُحرم أي طفل من حريته بشكلٍ تعسفي وغير قانوني، وهو ما تناقضه سلطات الاحتلال بشكل مستمر عند اعتقال الأطفال الفلسطينيين إدارياً لأشهر دون تهمة أو محاكمة وتجدد لهم لفترات اضافية.
تستمر سلطات الاحتلال في انتهاكاتها الجسيمة باعتقال الأطفال تعسفياً ليكبروا ويبلغوا داخل السجن بعيداً عن عائلاتهم ومدارسهم ومحيطهم الاجتماعي، في مخالفة لكافة الاتفاقيات والمواثيق والأعراف الدولية التي تكفل للطفل حقه في الحرية والحياة وعدم التعرض لأي من أشكال التعذيب وسوء المعاملة.، حيث تنص اتفاقية حقوق الطفل التي وقعت عليها دولة الاحتلال منذ العام 1991، على أن الطفل يحتاج نظرا لعدم نضجه العقلي والبدني إلى إجراءات وقاية ورعاية خاصة، بما في ذلك حماية قانونية مناسبة، وهذا ما تنتهكه سلطات الاحتلال عند زجّ المعتقلين الأطفال في زنازين وسجون تفتقر إلى الحد الأدنى من متطلبات الحياة الآدمية، إضافة إلى إخضاعهم للمحاكمة في محاكم عسكرية تفتقر لمعايير المحاكمة العادلة.
وطالب إعلام الأسرى كافة المؤسسات الدولية المعنية بحق الأطفال التدخل لحماية أطفال فلسطين من جرائم الاحتلال بحقهم، وخاصة اعتقالهم تعسفياً دون تهمه والزج بهم في ظروف الاعتقال القاسية لمجرد أوهام ضباط المخابرات الذين يتذرعون بوجود ملفات سرية للأطفال تبرر اعتقالهم لفترات طويلة.