لا يخفى على أحد ما تنفذه أذرع الاحتلال المختلفة في الداخل المحتل عام 1948 بحق النشطاء والقيادات والفاعلين في الساحة الفلسطينية، حيث تطالهم رزمة من الإجراءات والعقوبات التي تصل إلى السجن لفترات طويلة تحت تهم ملفقة.
ويعتبر الشيخ رائد صلاح رئيس الحركة الإسلامية المحظورة منذ عام 2015 في الداخل؛ من أبرز القيادات الفلسطينية التي تعرضت للاعتقال والتنكيل، حيث تم اعتقاله أكثر من سبع مرات وعزله انفراديا وتحويله للحبس المنزلي عدة مرات، وذلك في محاولة لإقصائه عن دوره الوطني المميز.
وخلال موجة الاستهداف اعتقلت شرطة الاحتلال المسن الشيخ يوسف الباز (64 عاما) إمام مسجد مدينة اللد المحتلة في الثلاثين من نيسان/ أبريل الماضي، وذلك بدعوى تحريضه على عناصر شرطة الاحتلال ودعمه لمن هاجمهم في المسجد الأقصى المبارك خلال الأسابيع الأخيرة من شهر رمضان.
وقال طاقم الدفاع عن الشيخ متمثلا بالمحامي خالد زبارقة إن نيابة الاحتلال العامة قدمت إلى محكمة الصّلح في الرملة لائحة اتهام ضدّ إمام المسجد العمري (الكبير) في مدينة اللد، الشيخ يوسف الباز والتي نسبت إليه "التحريض على العنف"، طالبةً تمديد اعتقاله لغاية الانتهاء من الإجراءات القضائية.
وأوضح زبارقة أن النيابة ذكرت في لائحة الاتهام أنه نشر على الفيسبوك منشورا "يحرض على العنف"، وأنه شارك بمؤتمر عُقد بعد ذلك بيومين بالقرب من الجامع الكبير في اللّد، وكان أحد المتحدثين فيه، و"امتدح وتعاطف مع الأحداث العنيفة التي وقعت في المسجد الأقصى".
ملاحقة متعمدة
وخلال تلفيق هذه التهم يلاحظ المحامون قيام الاحتلال ومحاكمه بالالتفاف على القوانين ومحاولة إدانة النشطاء الفلسطينيين تحت أي مبرر، كما يستحضرون ملفات قديمة لإنشاء لائحة اتهام طويلة تضمن إبقاء النشطاء والقيادات رهن الاعتقال لأطول فترة ممكنة.
واعتبر المحامي زبارقة أن محاكمة الشيخ يوسف الباز تندرج ضمن الملاحقات السياسية للقيادات والناشطين في الداخل الفلسطيني، إلى جانب محاكمة الرواية الإسلامية العروبية الفلسطينية.
وأشار إلى أنه تم رفع دعوى أخرى ضد الشيخ الباز في محكمة الصلح بالرملة، نسبت إليه "التحريض على العنف والتهديد" وذلك بعد نشر منشورات على صفحته الشخصيّة على الفيسبوك قبل نحو عام.
والشيخ الباز يعد واحدا من القياديين البارزين في الحركة الإسلامية المحظورة من قبل الاحتلال، وهو معروف بمواقفه المدافعة والمناصرة عن الحقوق العربية في اللد على مدار أعوام طويلة، وتعرض للاعتقال عدة مرات سابقا بتهمة التحريض.
وعلاوة على ذلك؛ يعاني الشيخ من أمراض عدة أبرزها القلب، حيث تأجلت جلسة محاكمته يوم الثلاثاء الماضي بسبب وضعه الصحي وشعوره بضيق في التنفس وآلام في الصدر وضعف عام.
الحكم العسكري!
الباحث والكاتب السياسي ساهر غزاوي من الداخل المحتل يؤكد أن الاحتلال يهدف بالعموم إلى مواصلة فرض أنظمة الحكم العسكري التي فرضت على الفلسطينيين في أراضي الـ 48 في أول عقدين من النكبة.
ويقول لـ مكتب إعلام الأسرى إن ذلك يتم من خلال ممارسته فعليا بمختلف الأساليب والأشكال وأبرزها الملاحقات السياسية لناشطين من الأحزاب والحركات والأطر السياسية والاجتماعية والثقافية التي يرى في نشاطاتهم مسّا بجوهر يهودية الدولة العبرية.
وأوضح أن هذه الملاحقات تصاعدت بشكل كبير في السنوات الأخيرة خاصة بعد حظر الحركة الإسلامية عام 2015 وبعد قانون القومية عام 2018 الذي فتح شهية الاحتلال للمزيد من ممارسات التمييز العنصري ضد الفلسطينيين في الداخل في كل مجال.
وحول القيادي الإسلامي البارز الشيخ يوسف الباز فرأى الغزاوي أنه في عين الاستهداف الصهيوني منذ عدة سنوات بسبب مواقفه المشرفة والمناصرة والمؤيدة لقضايا الفلسطينيين الدينية والوطنية في مدينة القدس والمسجد الأقصى وسائر المناطق الفلسطينية، وعلى الصعيد المحلي في مدينة اللد بحيث كان هو العنوان الأبرز للملاحقات خلال هذه السنوات، والشيخ الباز اليوم يدفع ضريبة هذه المواقف.