تقرير خاص
لم يعد الأمر كونه اعتقال لأسباب أمنية بل أصبح الهدف أبعد وأشمل من ذلك، حيث شكل أداة للعقاب الجماعي وسيفاً مسلطاً على رقاب أبناء الشعب الفلسطيني.. إنه الاعتقال الإداري التعسفي دون تهمة.
الاعتقال الإداري هو قرار الزج بالأسير في المعتقل دون محاكمة أو معرفة سبب الاعتقال أو تحديد المدة التي ينبغي له أن يقضيها الأسر، ويصدر القرار عن أكثر من جهة في كيان الاحتلال من بينها وزير أمن الاحتلال نفسه وذلك في حال كان الأسير من سكان القدس أو الأراضي التي احتلت عام 1948.
مكتب إعلام الأسرى أوضح أن هذا الاعتقال بالنسبة للاحتلال يشكل بديلاً عن عقوبة السجن للناشطين الفلسطينيين والقيادات والتي لا تملك أجهزة أمن الاحتلال مواد الإدانة ضدهم، وترغب في الوقت نفسه في تغييب هؤلاء الناشطين عن محيطهم بحيث ترى أن لديهم التفاف شعبي، أو قدرات عالية، أو أنهم يمثلون خطراً على أمن الدولة، ولا تتوفر لدى تلك الأجهزة مواد تصلح لإدانتهم أمام المحاكم.
وقال إعلام الأسرى أن الاحتلال يهدف من وراء استخدام سياسة الاعتقال الإداري الإبقاء على مئات الأسرى الفلسطينيين أطول فترة ممكنة خلف القضبان دون محاكمة أو تهمة بحجة وجود ملف سري له، مما يجعل من هؤلاء الأسرى رهائن سياسيين لدى الاحتلال، وخاصة الناشطين والصحفيين وقيادات العمل الوطني والإسلامي ونواب المجلس التشريعي والأكاديميين.
وكشف إعلام الأسرى أن الاحتلال صعد خلال العام 2021 من اللجوء لأوامر الاعتقال الإداري والتي وصلت الى ما يزيد عن 1300 أمر إداري ما بين جديد وتجديد، وذلك نتيجة الاعتقالات الواسعة التي شهدتها المدن الفلسطينية سواء في الضفة والقدس أو الداخل الفلسطيني، وخاصه خلال شهري مايو ويوليو والتي جاءت لمنع الهبة الشعبية التي خرجت تضامناً مع أهالي الشيخ جراح، وقطاع غزة الذي تعرض لاعتداء همجي، وقد ارتفع عدد الأسرى الاداريين إلى ما يزيد عن 500 أسير.
واعتبر إعلام الأسرى أن الاعتقال الإداري سيفاً مسلطاً على رقاب الفلسطينيين وأداة بيد أجهزة مخابرات الاحتلال بهدف إذلال وتعذيب الفلسطينيين والنيل من معنوياتهم وتحطيم إرادتهم وتعطيل حركتهم السياسية والاجتماعية لاستهدافه النخب السياسية والاجتماعية ونواب المجلس التشريعي.
وفي الوقت الذي أجاز فيه القانون الدولي اللجوء إلى الإجراء الأشد قسوة وهو الاعتقال الإداري كإجراء شاذ واستثنائي، فإنه وضع قيوداً وشروطاً صارمة على تنفيذه، وحدد مجموعة من المبادئ والإجراءات القضائية، والضمانات الإجرائية التي تتعلق بوسائل الاعتقال الإداري وظروف الاحتجاز وحقوق المعتقل الإداري، على أن تكون فترة الاحتجاز لأقصر فترة ممكنة، كما حظر الاحتجاز الجماعي، أو تطبيقه بشكل جماعي، لأن ذلك يصل إلى مستوى العقاب الجماعي والذي يُعتبر جريمة.
وكشف إعلام الأسرى أنه بالنظر الى الشروط التي حددها القانون الدولي فإن الاحتلال لا يلتزم بأي منها بشكل قاطع فهو يستخدم الاعتقال الإداري كسياسة عقاب جماعي دون سقف محدد ودون معرفة التهمة التي يعتقل من أجلها الأسير ولا يسمح له بالدفاع عن نفسه، وتعقد محاكم الاحتلال جلسات صورية، يتم من خلالها اقرار توصيات جهاز المخابرات الذي يدير هذا الملف ضد الأسرى، سواء بإصدار أوامر اعتقال إداري أو تجديد الإداري لفترات أخرى لأسرى معتقلين إدارياً.
مؤكداً أن سلطات الاحتلال أساءت استخدام إجراء الاعتقال الإداري، فاستغلت الإجازة القانونية المسموح بها في الظروف الاستثنائية، وتوسعت في تطبيقها، دون التزام بالمبادئ والإجراءات القضائية المنصوص عليها، ولا بالضمانات الإجرائية التي حددها القانون الدولي، تلك الضمانات التي أكدت على أولوية المبادئ والحقوق الإنسانية في كل الأحوال وأصبحت تستخدمه كأداة عقاب جماعي.
واستشهد إعلام الأسرى بالمادة (42-78) من اتفاقية جنيف الرابعة، والتي اعتبرت أن الاعتقال الإداري يُعد تدبيرا شديد القسوة، للسيطرة على الأمور، والوسيلة الأكثر تطرفاً، التي يسمح القانون الدولي للقوة المحتلة بإتباعها، تجاه سكان المناطق المحتلة.
وأشار إعلام الأسرى الى أن فرض الاعتقال الإداري من الاحتلال لم يقتصر على فئة معينة حيث طالت النساء والاطفال حيث لا تزال اسيرتين تخضعان للاعتقال الإداري وهما المحررة المعاد اعتقالها "شروق البدن" من بيت لحم والتي أعيد اعتقالها وصدر بحقها قرار إداري، والأسيرة الناشطة "ختام السعافين" من رام الله والتي جدد لها مريتن حتى الآن.
كذلك يعتقل الاحتلال 3 أطفال قاصرين تحت هذا القانون التعسفي، وجدد لهم الإداري على الأقل مريتن، اضافة الى وجود 6 نواب من المجلس التشريعي يقبعون في الاعتقال الإداري المتجدد، وجميعهم أسري محررين، كانوا اعتقلوا مرات متعددة وغالبتها في الاعتقال الإداري، إضافة الى العشرات من الناشطين والصحفيين وقادة العمل الوطني والإسلامي.
ونتيجة تصاعد هذه السياسة التعسفية والقاسية بحق الأسرى الاداريين فقد قرر الأسرى الإداريين اتخاذ خطوة احتجاجية موسعة بداية العام 2022 ضد تصاعد هذا الاعتقال التعسفي بحقهم، وهي مقاطعة محاكمة الاحتلال الإدارية بكافة اشكالها ومستوياتها، والامتناع عن المثول امامها بشكل قاطع، بينما يدرسون تنفيذ خطوات أخرى في الفترة القادمة دفاعاً عن أعمارهم التي تستنزف دون وجه حق.
وطالب إعلام الأسرى المؤسسات الدولية التدخل الحقيقي لوضع حد لهذه السياسة التعسفية بحق الاسرى، والتي تخالف كل المعايير التي وضعها القانون الدولي، مما يصنف كجريمة حرب يرتكبها الاحتلال بحق الفلسطينيين.