يطلق عليه الأسرى داخل السجن شيخ الأسرى كونه أكبر الأسرى سناً وقد تجاوز عمره الثمانون عاماً، لكنه يمتلك روح الشباب وحكمة الشيوخ، معنوياته عالية تعانق السماء رغم ما يعانيه من أمراض متعددة أخطرها مرض السرطان بينما يتلاعب الاحتلال بملفه الطبي للتأثيرعلى نفسيته.
يحلو للأسرى أيضاً إطلاق لقب "الجد" إنه الأسير" فؤاد حجازي الشوبكي" 81 عاماً والمعتقل منذ 15 عاماً وجسده مثقل بالأمراض وآثار السجن القاسية، نقل قبل أيام قليلة إلى عيادة سجن النقب، وهناك شخّصَ طبيب العيادة أنه يعاني من سرطان في المعدة.
لم يصدق الشوبكي طبيب العيادة، فكيف شخّصَ حالته بهذه السرعة دون إجراء الفحوصات اللازمة، ومن بينها الخزعة التي يحتاج فحصها لأيام، لذلك رفض الشوبكي تشخيص الاحتلال، وأصر على تحويله لمستشفى مدني، ورضخت له إدارة السجون، وجرى نقله إلى مستشفى "سوروكا" في بئر السبع.
بعد إجراء التحاليل وصور الأشعة اللازمة، تبين أن تشخيص الأطباء لحالة "الشوبكى" في عيادة النقب لا يمت للحقيقة بصلة، والتي أظهرت أنه عانى من اضطرابات في الجهاز الهضمي وإمساك شديد، سببت له صعوبة في التنفس، وهبوطاً في نبضات القلب .
ولد الأسير الشوبكي في الثاني عشر من مارس عام 1940 في حي التّفاح بمدينة غزة، يحمل الشوبكي رتبة لواء، وكان مسؤولا عن الإدارة المالية المركزية العسكرية في الأجهزة الأمنية الفلسطينية، انخرط في صفوف حركة التحرير الوطني الفلسطيني "فتح"، وتنقل مع قادتها إلى الأردن ولبنان وسوريا وتونس، في الثالث من يناير 2002، شن جيش الاحتلال الإسرائيلي عملية عسكرية أسماها "سفينة نوح"، بهدف إيقاف السفينة المسماة "كارين A" في البحر الأحمر والسيطرة عليها.
واختطفت قوّات الاحتلال الشوبكى في الرابع عشر من مارس 2006، من سجن أريحا، وادّعى الاحتلال آنذاك أن السفينة تحمل معدّات عسكرية للفلسطينيين، واتّهمته بالمسؤولية المباشرة وبأنه العقل المدبر في تمويل وتهريب سفينة الأسلحة، وحكمت عليه بالسّجن 20 عاما، ولاحقا تم تخفيضها إلى 17 عاما.
وأوضح إعلام الأسرى بأن الأسير "الشوبكى" تنقل إلى كافة سجون الاحتلال من شمال فلسطين إلى جنوبها ويقبع حالياً في سجن النقب الصحراوي تحت ظروف صحية واعتقاليه صعبة تفتقر لأدنى مقومات الحياة للعيش بكرامة وانسانية، ويحتاج إلى رعاية خاصة وطعام مخصص وإجراء فحوصات دورية لمعرفة سبب معاناته وتراجع صحته.
وبين إعلام الأسرى بأن الأسير "الشوبكي" يعاني من قائمة طويلة من الأمراض ووضعه الصحي في تراجع مستمر، نظرا لكبر سنه، ونتيجة ظروف السجن الصعبة والإهمال الطبي، حيث يعاني من سرطان البروستاتا، ومن مرض في عينيه ومعدته وقلبه، ومن ارتفاع في ضغط الدم، ومرض السكري والضغط والبواسير، وقد نقل إلى مستشفى الرملة أكثر من مرة لكنه لا يتلقى علاج مناسب من قبل الإدارة.
الاحتلال رفض العشرات من المناشدات التي صدرت عبر جهات مختلفة لإنهاء معاناة شيخ الأسرى نظراً لخطورة وضعه الصحي، بينما تهمل السلطة الفلسطينية قضيته ولم تسعى بشكل جدي لإطلاق سراحه، وقد تحدث في رسالة معاتباً إياها لهذا الإهمال، وتساءل اللواء الشوبكي في رسالته عن سبب تجاهل قادة "فتح" خلال اجتماعاتها لمعاناته في الأسر، وهو الذي تجاوز الثمانين عامًا، مذكّرًا إيّاهم بوقوفه إلى جوارهم في وقت الحرب والسلم وأنه لم يتوانى عن تقديم الدعم لفلسطين وقضيتها.
يقول حازم نجل الأسير الشوبكي: "زرته آخر مرة قبل عامين، هو بذات النفس الذي عاهدناه دائما، مُحبا للخير، ومحثا عليه، يركز خلال الزيارة على أهمية مساعدة الناس، ويقدم مصلحة الناس فوق كل الاعتبارات الخاصة، ورغم ما يعانيه من أمراض إلا أن همه الوحيد هو الوقوف إلى جانب كل محتاج".
يعد الأسير فؤاد الشوبكي الأكبر سنا في سجون الاحتلال، وسيفرج عنه بعد عام وثلاثة أشهر، ومنذ ستة أشهر طلب من عائلته عدم زيارته خشية عليهم من الإصابة بفيروس "كورونا"، ومن مشقة الوصول إلى السجن.
يحاول الشوبكي الذي فقد زوجته عام 2011، أن يحافظ على صحته قدر الإمكان، حيث يصحو عند الثالثة فجرا، ويسير في ساحة المعتقل لعدة ساعات يوميا، وتسمح إدارة سجون الاحتلال للأسيرالشوبكي بعلبة دواء واحدة في الشهر لمعالجة الأمراض المزمنة لديه، وبما أنها لا تكفيه إلا لمدة أسبوعين، يضطر لتناول المسكنات حتى بداية الشهر الذي يليه، ويواظب الشوبكي على قراءة القرآن بشكل يومي، ولأنه يعاني من ضعف في البصر فإن مصحفه مميز بحجمه الكبير .
الأسر المحرر رأفت القروي، رفيق اللواء الشوبكي لسنوات في السجون يقول أن الشوبكي يعتبر الأب الحاني للأسرى، ويحمل كل مشاعر الأبوة والطيبة ويحن على الأسرى، ويسدي بنصائحه للحركة الأسيرة، وهو من عصر الوفاء والتضحية والمقاومة، ولديه من العزة والكرامة ما قل نظيرها، وكان سباقا للمشاركة في أفراح وأتراح الأسرى، حيث يقدم الحلويات والتمور على حسابه الشخصي".
يروي المحرر القروي أن اللواء الشوبكي كان يتناول الثوم والبصل والفلفل والليمون، والذي يعتبره بديلا اضطراريا عن الدواء الذي تحرمه منه إدارة سجون الاحتلال، ورغم أنها غير متوفرة بشكل دائم، إلا أن رفاقه في المعتقل يحرصون على إعطائه حصتهم من هذه الخضراوات في حال توفرت.
الأسير الشوبكي يتعرض للموت البطيء في سجون الاحتلال وكانت رفضت محكمة الاحتلال والمعروفة باسم محكمة "الشليش" أكثر من مرة اطلاق سراحه بعد أن أمضى أكثر من ثلثي محكوميته، ولا يزال ينتظر من ينتصر له ويفك قيوده قبل فوات الآوان .