قال مكتب إعلام الأسرى إن سلطات الاحتلال تعتقل مئات الأسرى المرضى في سجونها، من بينهم (42) أسيرًا يعانون من مرض السكري المزمن، منهم نواب في المجلس التشريعي الفلسطيني.
وأوضح إعلام الأسرى في تقرير بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة مرض السكري الذي يصادف الرابع عشر من شهر تشرين ثاني من كل عام، بأن الاحتلال لا يتورع عن اعتقال المرضى بما فيهم أصحاب الأمراض المزمنة كمرض السكري، رغم الخطورة الحقيقية على حياتهم في ظل أوضاع السجون القاسية والتي تعتبر أرضية خصبة لانتشار الأمراض وتفاقمها.
وأضاف أن المئات من الأسرى يعانون من أمراض نتيجة استمرار الاحتلال في ممارسة سياسة الإهمال الطبي بحقهم، وهذه الأمراض منها ما هو خطير ومتوسط الخطورة، وبسيط، ومن أكثر الأمراض انتشاراً بين الأسرى أمراض المسالك البولية نتيجة الرطوبة الشديدة، وأمراض قرحة المعدة كون الطعام الذي يقدم لهم سيء جداً، إضافة الى أمراض العظام والمفاصل، والأسنان، والأمراض الجلدية، والأمراض المزمنة منها الضغط، والسكري.
إصابات بالسجن
وأشار إعلام الأسرى إلى أن عددا كبيرا من الأسرى المصابين بالسكري، تعرضوا للإصابة به داخل السجون التي تعتبر أرض خصبة للإصابة به نتيجة الأوضاع السيئة التي يعيشونها، وعدم توفر الظروف الصحية السليمة لهم، وعدم المتابعة السريعة لبعض الأمراض البسيطة.
إضافة إلى تردي الحالة النفسية للأسير بسبب ظروف التعذيب الصعبة وكذلك عدم توفر الحمية الغذائية للأسرى وهي أنواع معينة من الطعام وخاصة الخضروات والفواكه، وحرمان الأسرى في بعض السجون من ممارسة الرياضة.
وكشف إعلام الأسرى أن إدارة السجون لا تقدم لمرضى السكري علاج تخفيض السكر وفق فحوصات محددة تجرى لهم إنما بشكل عشوائي، ولا توفر لهم طعام الحمية "كالخبز الأسمر والخضروات والطعام الخالي من الدهون والسكر والكربوهيدرات" لحمايتهم من مضاعفات السكر وارتفاعه.
وبين إعلام الأسرى أن الاحتلال اضطر بعد جهود مضنية من الأسرى وتنفيذ إضرابات عن الطعام واحتجاجات للتعاطي مع الأسرى المصابين بمرض السكري وتوفير الدواء من أقراص وحقن الأنسولين، ولكنه يتعمد الاستهتار بحياة هؤلاء الأسرى بتأخير تلك الأدوية عنهم، وفى بعض الأحيان يعاقب الأسير المريض بحرمانه من العلاج اللازم له، مما يعرضه للخطر.
إضراب عن الانسولين
واستعرض إعلام الأسرى حالة الأسير المقدسي أمين الشويكي )61) عاماً كنموذج لمعاناه الأسرى المصابين بالسكري في سجون الاحتلال حيث أنه معتقل منذ مايو الماضي وصدر بحقه قرار اعتقال إداري لمدة أربعة أشهر، وقبل الإفراج عنه بيومٍ واحد مدد اعتقاله؛ فقرر أن يلجأ لمقاطعة دواء الأنسولين الخاص بمرض السكري كوسيلةٍ للضغط على الاحتلال حيث انه لا يستطيع الدخول في إضراب مفتوح عن الطعام نظرا لوضعه الصحي الصعب.
هناء شويكي زوجة الأسير أمين قالت إن صحة زوجها لا تزال تتدهور، مؤكدة أن ارتفاع السكر أو هبوطه يؤثر سلبياً عليه فهو لا يقوى على القيام والجلوس ورغم ذلك قرر الامتناع عن تناول دواء مرض السكري؛ احتجاجا على اعتقاله الإداري، حيث خسر ما يزيد عن 10 كيلوغرامات من وزنه بعد 50 يوما على مقاطعته الدواء، وبدأت أعراض التعب والوهن، والجوع والعطش شديد بالظهور عليه، إضافة إلى عدم وضوح الرؤيةوهناك خطورة على حياته.
وأشارت شويكي إلى أن هذه المرة هي التاسعة التي يعتقل بها زوجها، مبينةً أن غالبية اعتقالاته على خلفية عمله الخيري، حيث يعتبر من الناشطين في العمل الخيري وخدمة المسجد الأقصى المبارك، وعمل أمينا للصندوق في لجنة التراث الإسلامي ولجنة زكاة القدس المركزية، وهو متزوج وأب لسبعة أبناء وكان الاحتلال هدم منزله عام 2013.
معاناة مضاعفة
وأكد إعلام الأسرى أن الأسرى المصابين بالسكري في السجون يعانون بشكل مضاعف حيث انهم يتعرضون إلى نوبات إغماء نتيجة انخفاض السكر في الدم، ويحتاجون إلى رعاية صحية سريعة لتجنب تعرضهم للخطر نتيجة عدم إعطائهم جرعة من السكر، وقد لا يعرف رفاق الأسير الذي يصاب بنوبة السكري طريقة التعامل معه، مما يضطرهم إلى الصراخ على إدارة السجن لإحضار طبيب لإنقاذ الأسير، حيث غالباً ما تماطل إدارة السجن وتؤخر إحضار الطبيب.
ولا تقدم إدارة السجن طعام خاص لمرضى السكري من الأسرى، إضافة لعدم توفر كميات من الأكل المسلوق، الأمر الذي أدى إلى تفاقم حالة بعض الأسرى المصابين بالمرض نتيجة عدم اتباع نظام غذائي خاص ينصح به الأطباء في مثل هذه الحالات.
إعدام بطيء
من جانبه قال الباحث رياض الأشقر مدير مركز فلسطين لدراسات الأسرى إن الاستهتار بحياة الأسرى المصابين بالسكري دفعهم لمعالجة أنفسهم بأنفسهم عبر تفادي مخاطر هذا المرض بممارسة الرياضة بشكل مستمر، واستخدام الحمية الغذائية، والتركيز على أكل الخضار، وإدخال بعض الأعشاب الخاصة التي تسمح إدارة السجون بإدخالها عبر الزيارات من الخارج، كنبات الجعدة واللوز المر، وغيرها من الأعشاب، وكذلك محاولة الابتعاد عن الضغوط النفسية التي تفاقم هذا المرض.
وأشار الأشقر الى أن السكري سبب رئيسي ومباشر في ارتقاء عدد من شهداء الحركة الأسيرة داخل السجون ومن بينهم الشهيد (جمعة إسماعيل موسى) 65 عاماً من القدس والذي عانى لفترات طويلة من مرض السكري وأمراض أخرى واستشهد نتيجة الإهمال الطبي.
واعتبر الأشقر ان استمرار الاحتلال في تطبيق سياسة الإهمال الطبي المتعمد للأسرى المرضى هي بمثابة إعدام بطئ لهم، حيث يتعامل معهم الاحتلال بسياسة (لا شفاء ولا موت)، بحيث يبقى الأسير رهين المرض ولا يقدم له العلاج الشافي حتى يصل إلى حد الخطورة القصوى، ومن ثم يعطى بعض الأدوية والمسكنات مع الحفاظ عليه حياً ، لكي تحافظ على صورتها أمام العالم، وعندما تشعر بأن الأسير قد شارف على الموت تقوم بإطلاق سراحه لكي لا تتحمل سلطات الاحتلال مسئولية وفاته وتضطر إلى فتح تحقيق أو مساءلة لمسئولي مصلحة السجون، وهذا ما حدث مؤخراً للأسير الشهيد "حسين المسالمة " قبل حوالى شهر .
وناشد إعلام الأسرى كافة المنظمات الدولية وفى مقدمتها منظمة أطباء بلا حدود ضرورة إرسال لجان طبية لزيارة السجون، والاطلاع على حالات الأسرى المرضى وخاصة اصطحاب الأمراض الخطيرة والمزمنة والضغط على الاحتلال للإفراج عنهم، والى حين ذلك متابعة علاجهم وتقديم الادوية المناسبة لهم إضافة الى الرعاية الطبية الحقيقة لهم.