تقرير خاص
لم تكن الاعتقالات في مدينة القدس يومًا من الأيام حدثًا عاديًا أو عابرًا في حياة المقدسيين أو أمرا لا يتكرر كثيرًا، إنما هي سياسة ممنهجة ومقصودة لاستنزافهم وخلق واقع معيشي واقتصادي وأمني يُصَّعب الحياة عليهم ويدفعهم الى الابتعاد عن المدينة ضمن سياسة التهجير.
مكتب إعلام الاسرى قال إن الاعتقالات غدت في صفوف المقدسيين ظاهرة يومية ملازمة لهم وأداة لممارسة الضغوطات عليهم واخضاعهم وارهابهم وفرض سياسة الأمر الواقع، لتهجير السكان و إفراغ المدينة من أهلها الأصليين لصالح الاحتلال وردعهم عن التصدي لمخططات الاحتلال بحق المدينة المقدسة.
وأضاف إعلام الأسرى، أن الاحتلال صعّد خلال العام الجاري من سياسة الاعتقالات بحق المقدسيين وخاصة تلك التي جرت خلال شهري مايو ويونيو تزامنًا مع الاعتداء على أهالي الشيخ جراح، ومحاولة طرد السكان من منازلهم، حيث تم اعتقال ما يزيد عن (1300) مقدسي من كافة الفئات خلال النصف الأول من العام مع التركيز على فئة الأطفال.
وأوضح إعلام الأسرى أن قوات الاحتلال اعتقلت خلال الربع الثالث من العام أي خلال تموز وأغسطس وأيلول ما يزيد عن 525 مقدسياً، أي ما نسبته 41% من إجمالي الاعتقالات التي شهدتها الأراضي الفلسطينية خلال تلك الفترة والتي بلغت ما حوالي 1280 حالة اعتقال، بينهم 130 طفلاً مقدسياً، والتي تشكل نسبة 80% من إجمالي اعتقالات الأطفال خلال الشهور الثلاثة، أصغرهم الطفلان المقدسيان "محمود أبو جمعة" و "محمد رجائي خويص" اللذان لا تتجاوز أعمارهما الـ 11 عاماً، إضافة الى اعتقال 21 امرأة وفتاة مقدسية.
وأفاد إعلام الأسرى أن قوات الاحتلال اعتقلت خلال الثلاثة شهور الماضية عضو المجلس التشريعي الفلسطيني عن القدس الشيخ "محمد محمود ابو طير"، (71 عاماً)، وهو مبعد عن القدس منذ 11 عاما، وأمضى في سجون الاحتلال ما يزيد عن 36 عاما.
كذلك اعتقلت الطفلة "رؤى رويضي" 16 عامًا، أثناء تواجدها على مدرجات باب العمود، وسط مدينة القدس الشرقية المحتلة، بعد ان اعتدت عليها بالضرب والدفع، واعتقلت المرابطات "عايدة الصيداوي 59 عامًا، وآية أبو ناب وسها عيد.
كما اعتقلت الفتاة "ندى العباسي" أثناء تواجدها قرب باب العامود، بالقدس القديمة، والفتاة " تالا يونس الغول"، 19 عاماً، بعد دهم منزلها وتفتيشه خلال اقتحام حي راس العمود، بمدينة القدس المحتلة، والسيدة "اسماء عاصي"، 29 عاماً، من مدينة القدس. والمقدسية رائدة سعيد أثناء تواجدهم في المسجد الأقصى.
كما اعتقلت الفتاة "منار قندس" بعد استدعائها لمقابلة المخابرات، وكذلك اعتقلت والدتها وفاء قندس، بينما استدعت السيدة نهى عطية والدة الأسير مراد عطية من حي الشيخ جراح بالقدس للتحقيق.
وأشار إعلام الأسرى الى أن الاعتقالات بحق المقدسيين استهدفت كافة الفئات من الأطفال والنساء والقيادات الإسلامية والوطنية، وحتى المرضى وكبار السن والمرابطين في المسجد الاقصى، اضافة الى أوامر الابعاد والحبس المنزلي.
رئيس لجنة أهالي الأسرى المقدسيين أمجد أبو عصب قال إن تصاعد وتيرة الاعتقالات والاعتداءات في مدينة القدس المحتلة تهدف لتفريغ المدينة من الفلسطينيين، وصولًا لحسم قضية المسجد الأقصى المبارك، إضافة إلى محاولة ترميم حالة الردع التي تآكلت خلال معركة "سيف القدس".
وأوضح أبو عصب أن قوات الاحتلال لم تُوقف سياسة الاعتقال في المدينة المقدسة، و مؤخرًا شهدت تصاعدًا كبيرًا في الهجمة الشرسة على المقدسيين في منطقة باب العامود، وتحديدًا الأطفال مشيراً الى أن قوات الاحتلال اعتقلت في ذكرى المولد النبوي الثلاثاء الماضي فقط، نحو 23 فلسطينيًا، بينهم 16 طفلًا تم نقلهم إلى مراكز التحقيق في المدينة، مبينًا أن ارتفاع نسبة اعتقال الأطفال المقدسيين بهدف ترهيبهم واخافتهم.
وأوضح أبو عصب أن الاعتقالات طالت في الفترة الاخيرة الصحفيين والنشطاء المقدسيين، الذين تم استهدافهم أثناء تغطيتهم الأحداث في منطقة باب العامود، وجرى الاعتداء عليهم واعتقالهم.
وانتقد أبو عصب دور المؤسسات الدولية والصليب الأحمر بمتابعة المعتقلين الفلسطينيين، قائلًا:" هناك غياب كامل لهذه المؤسسات عن المشهد الفلسطيني، وصمت مريب إزاء ما يتعرض له أبناء شعبنا من هجمة إسرائيلية شرسة"، معتبراً أن صمت تلك المؤسسات يمثل مشاركة واضحة وتواطؤ مع الاحتلال في اعتداءاته وظلمه بحق أبناء شعبنا الفلسطيني في مدينة القدس.
وكشف إعلام الأسرى أن الاحتلال يتعمد اعتقال الرموز الدينية في القدس وفي مقدمتهم الشيخ عكرمة صبري رئيس الهيئة الإسلامية العليا وخطيب المسجد الأقصى ، وذلك بهدف إحباط رمزية رجال الدين لإرهابهم ومنعهم من تحريض المواطنين على التصدي لاقتحامات المستوطنين وعمليات التهويد المستمرة.
ودعا إعلام الأسرى الى ضرورة تعزيز مقومات الصمود لدى المقدسيين لدعمهم في مواجهة الاعتقالات التعسفية، وإجراءات الاحتلال القمعية التي تهدف الى إفراغ المدينة من أهلها، وتوفير الدعم المالي والنفسي والاجتماعي والقانوني للمقدسيين لمساعدتهم على الصمود ، وخاصة الأطفال الذين يستهدفون بشكل خاص .