الإضراب في مواجهة الإداري .. إصرارٌ حتى الحرية!
إعلام الأسرى

تربت بيديها على وجنتيه ورأسه وهي تتمتم بالذكر والدعاء والتسبيح كي تنقذ فلذة كبدها من غطرسة عدو لا يفقه للحرية معنى؛ ولا يدرك أن الأسير مستعد لخوض أقسى المعارك من أجل الحصول عليها!

وتواصل المربية إيمان بدر من مدينة الخليل رباطها بجانب نجلها المضرب عن الطعام منذ ثلاثة أشهر مقداد القواسمي (٢٥ عاما) في مستشفى "كابلان" الصهيوني بالداخل المحتل، وتأخذ على عاتقها نشر الأخبار المتعلقة به وتفعيل قضيته إعلاميا وتوجيه المناشدات للعالم العربي والإسلامي وللشارع الفلسطيني بضرورة إنقاذه عبر المساندة والضغط على الاحتلال للإفراج عنه.

ورغم تجميد اعتقاله الإداري؛ الورقة التي يسعى الاحتلال من خلالها إلى زيادة الضغط على الأسير؛ إلا أن القواسمي يصر على إضرابه؛ غير مكترث بالحالة الصحية التي وصل إليها والتي حولته من شاب رياضي يافع إلى جسد هزيل مسجى على سرير المستشفى بلا حول ولا قوة.

تقول والدته لـ مكتب إعلام الأسرى إنها تقضي يومها ما بين الدعاء وقراءة القرآن واستقبال المكالمات والحديث مع وسائل الإعلام؛ وأنها تخشى في أي لحظة من فقدان ابنها الذي يرفض وقف إضرابه أو تناول المدعمات أو حتى تلقي أي فحص طبي.

وفي ساعات عصر الثلاثاء تدهورت حالة المقداد أكثر؛ حتى اضطر طاقم الأطباء في المستشفى نقله إلى قسم العناية المكثفة دون أن تعرف العائلة شيئا عن حالته؛ وهو ما زاد القلق لديها.

وتوضح بدر أن نجلها "يموت أمامها"؛ ولكنها رغم ذلك ورغم ما تشعر به من خوف إلا أنها تسانده في إضرابه وتريده أن يحقق حريته وأن ينتصر على ظلم الاعتقال الإداري.

أما بقية أفراد العائلة فيتابعون وضعه بقلق كبير؛ حيث يقودون الفعاليات في محافظة الخليل ويستقبلون المتضامنين في خيمة الاعتصام ويرقبون نصرا يسجل بمداد من صبرٍ وتحد للسجان.

وتشير بدر إلى أنها كانت تنتظر اليوم الذي تلتقي فيه مع مقداد خلال إضرابه لتزيد من عزيمته ولتثبته أمام عدو لا يرحم؛ ورغم أنها تشعر بضيق على حاله وتذرف الدموع أمامه أحيانا إلا أنها تريد الخلاص من هذا الاعتقال الجائر الذي لا تعرف له مدة ولا تهمة ويتم تغليفه بجملة الملف السري لتغطي على ظلم أعمق تقوده مخابرات الاحتلال ضد الأسرى الفلسطينيين.

تعنتٌ ممنهج

وأمام استمرار ثمانية أسرى فلسطينيين في إضرابهم المفتوح عن الطعام ضد اعتقالهم إداريا؛ ورغم أن ثلاثة منهم وصلوا إلى حالة صحية خطيرة إلا أن الاحتلال يتعنت في الاستجابة لمطالبهم ويحاول كسر عزائمهم في الاستمرار بتجاهل أوضاعهم ورفض إلغاء اعتقالهم الإداري رغم عدم وجود أي تهم بحقهم.

الناشط الحقوقي ومدير مركز حريات للحقوق المدنية حلمي الأعرج قال لـ مكتب إعلام الأسرى إنه ينظر بخطورة لهذا الموقف المتعنت من قبل الاحتلال الذي يعرض حياة المعتقلين الإداريين جميعهم لخطر الموت الحقيقي.

وأوضح أن هذا ما أفاد به محامو الأسرى المضربين عن الطعام؛ وأن هذه المدة الطويلة من الإضراب المفتوح لهم جميعا وخاصة كايد الفسفوس ومقداد القواسمي وعلاء الأعرج والبقية تجعل خطرا حقيقيا على حياتهم في ظل تعنت الاحتلال ورفضه الاستجابة لمطالبهم بإلغاء اعتقالهم الإداري.

ورأى أن الاحتلال يضرب بعرض الحائط كل القوانين الدولية فيما يتعلق بالأسرى المضربين والاعتقال الإداري؛ كما أن اتخاذه قرارات بتجميد الاعتقال الإداري يجعل المحكمة العليا تتحمل كامل المسؤولية عن هذه الجريمة؛ حيث يحاولون التنصل من المسؤولية ويلقونها على الأسير والمستشفى؛ بمعنى أنه لا يعتقل هؤلاء ويجمد الإداري لهم فيما يمنعون من الانتقال للمستشفيات.

وأضاف:" هذا يعني أنهم ما زالوا أسرى؛ من قرر الاحتلال تجميد اعتقالهم الإداري ما زالوا مستمرين بالإضراب وهذا يزيد من الخطر المحدق في حياتهم".

وأشار إلى أن الاحتلال يريد إيصال رسالة لهم وللأسرى الإداريين أن سلاح الإضراب ليس مجديا؛ وأن من سيخوض الإضراب سيتوقع مدة طويلة تتجاوز ٣ أشهر قبل انتزاع حريته.

تكتم وقلق

وتعيش عائلات الأسرى المضربين حياة لا يفقهون تفاصيلها؛ فكل تفكيرهم ينحصر بأبنائهم الذين يجوعون طمعا بالحرية ويخوضون بأمعائهم أرقى معركة ضد اعتقالهم التعسفي.

أسماء قزمار زوجة الأسير المضرب عن الطعام منذ أكثر من ٧٠ يوما المهندس علاء الأعرج تقول لـ مكتب إعلام الأسرى إن الاحتلال يرفض إعطاء أي معلومة عن ظروف زوجها؛ ويتعنت في إنهاء ملفه الإداري ويرفض السماح للمحامي بزيارته.

ورغم تدهور وضعه الصحي منذ عدة أسابيع إلا أن محكمة الاحتلال ترفض تجميد اعتقاله الإداري في محاولة للضغط عليه أكثر وإجباره على إنهاء إضرابه دون أي إنجازات، وهو ما يرفضه ويصر على الاستمرار في الإضراب حتى تحقيق مطالبه.

وتوضح قزمار أن الاحتلال يتعنت في ملف زوجها ويرفض نقاش قضيته؛ وهو ما يجعل الأسير يصر أكثر على الاستمرار في الإضراب، لافتة إلى أنها لا تعلم شيئا عن وضعه الصحي سوى أن الاحتلال يتلكأ في نقله للمستشفى ويعيده منها إلى سجن الرملة في كل مرة.

وتضيف:" الفعاليات ما زالت بحاجة لأن تتكثف ليصبح حديث الشارع الفلسطيني كله عن الأسرى المضربين؛ والمناشدات ما زلنا نوجهها لكل من له ضمير أن ينقذهم لأن عائلاتهم بانتظارهم ولا نريد أن يعودوا لنا شهداء بل أن يحيوا بكرامة لنعلم أبناءهم أن الظلم لا يدوم".

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020