في كل صباح تعانق صورته وتقبّلها وتدعو له بالفرج القريب؛ فهي لا تنسى مرات اعتقاله الكثيرة التي جرحت قلبها مراراً وأبعدت عنها فلذة كبدها شادي خلف القضبان، ولم تكد تتعافى بعد من سنوات اعتقاله الطويلة حتى أعيد اعتقاله من جديد.
وتحاول الأم الصابرة أن تعوض طفليه غيابه المتكرر؛ فتحملهما وتداعبهما وتحكي لهما عن والدهما الذي غيبته السجون؛ ولكنها حاليا تمضي كل وقتها في الدعاء والبكاء خشية على حياته وهو يخوض معركة الكرامة بأمعائه الخاوية رفضا لاعتقاله الإداري.
الاعتقالات المكثفة
في عام ٢٠٠٤ اعتقل الاحتلال الشاب شادي أبو عكر من مخيم عايدة شمال بيت لحم جنوب الضفة المحتلة؛ وحكم عليه بالسجن حينها لمدة عشر سنوات أنهاها في عام ٢٠١٤.
وتقول والدته لـ مكتب إعلام الأسرى إنه بعد أشهر من الإفراج عنه تم اعتقاله وتحويله للاعتقال الإداري وأمضى فيه عامين، ثم أعيد اعتقاله مرتين بعد ذلك إداريا وأمضى في كل منهما ما يقارب العامين حتى أصبح مجموع ما أمضاه في سجون الاحتلال ١٦ عاما.
وخلال سنوات اعتقاله رُزق الأسير بطفل وطفلة؛ ولكن بعد ولادتهما بشهر واحد كان يتم اعتقاله فلا يتعرف عليهما إلا بعد خروجه من السجن أي بعد عامين من الاعتقال الإداري.
وتوضح الوالدة بأنها كانت تحضر له صور أطفاله خلال الزيارات ولكنه لا يتعرف عليهم ولا يصدق أنهم كبروا وهو في السجن.
الإضراب حتى الحرية
في شهر تشرين الأول من العام الماضي ٢٠٢٠ وبينما كان شادي يعمل لإحضار بضاعة لمحله التجاري الصغير؛ هاتفه ضابط المخابرات الصهيوني واستدعاه للمقابلة، وبعد ذلك لم يعد إلى منزله فتم اعتقاله وتم تحويله للاعتقال الإداري.
وتؤكد والدته أنه لا يكاد يمضي في منزله بضعة أشهر حتى يسلط سيف الاعتقال الإداري عليه دون أي تهمة أو محاكمة؛ مبينة أن السنوات العشر التي أمضاها سابقا هي أهون من هذا الاعتقال المقيت الذي لا تعرف له بداية ولا نهاية.
ومع تجديد اعتقاله إداريا عدة مرات أبلغ شادي أمه أنه سيخوض إضرابا عن الطعام رفضا للإداري؛ ورغم وجعها عليه وخشيتها على صحته إلا أنها ترى أنه السلاح الوحيد لتحقيق حريته.
وأضافت:" نأمل أن يكون هذا الإضراب منهياً لاعتقالاته الإدارية المتكررة؛ وأن يكون هذا السلاح رادعا لهم وألا يعودوا لاعتقاله من جديد، فقد مللنا كثرة الاعتقالات والاقتحامات والتفتيش وبعد شادي عنا طيلة الوقت".
وقارب شادي الآن على إتمام ٤٠ يوما من إضرابه عن الطعام دون أي مستجيب؛ حيث تم نقله لعيادة سجن الرملة قبل ثلاثة أيام وسط منع زيارة المحامي له فلا تعرف عائلته عنه شيئا، ولكن والدته تشعر بآلامه وتناشد لإنقاذه.
وتوضح أن ابنها كان خاض إضرابا جماعيا سابقا لمدة ٢٥ يوما في سجن النقل؛ ولكن الإضراب الفردي أشد قسوة لأن الاحتلال يحاول الاستفراد بالمضربين والتأثير على قرارهم.