حياة منقوصة تعيشها آلاف العائلات في الضفة الغربية المحتلة؛ فشبح الاعتقال يخيم على أيامها وجميع لحظاتها ويسلب منها طعم الاستقرار والهدوء.
ومن رحم هذه المعاناة كانت عائلة الأسير المربي نافذ الشوامرة الذي اعتقل عدة مرات على يد الاحتلال؛ حيث أعاد الاحتلال اعتقاله فجر الخميس بعد مداهمة منزله في قرية المجد غرب مدينة دورا جنوب الخليل.
ولعل سياسة الاحتلال تتمثل في قتل كل نوع من الفرحة؛ فنجل الأسير كان نجح في امتحانات الثانوية العامة وتقدم للدراسة في تركيا، وبينما هو يستعد لذلك تم اعتقال والده لتنغيص أي فرحة ولإحداث الإرباك لدى كل فرد فيها.
وتقول أم حمزة زوجة الأسير لـ مكتب إعلام الأسرى إن هذا الاعتقال هو الخامس على يد الاحتلال؛ حيث تم بدأت الاعتقالات بحق زوجها منذ عام ٢٠٠٣ وأمضى فيها ما مجموعه أكثر من خمس سنوات.
وتوضح بأن جنود الاحتلال وفي تمام الساعة الواحدة فجرا اقتحموا المنزل وقاموا بكسر نافذة الباب بشكل متعمد لترهيب الأطفال؛ ثم داهم عشرات الجنود غرف المنزل وفتشوها وأحدثوا فيها خراباً متعمدا بحجة التفتيش.
حاولت الأم إنقاذ أطفالها من هذا المشهد الذي سيلازم ذاكرتهم طويلا؛ فأبلغت الجنود أنها تريد إيقاظ طفلتها النائمة في غرفتها بالطابق الثاني؛ وبعد مجهود كبير تمكنت من ذلك واصطحبت الطفلة ابنة السادسة من عمرها لتجلس بجانبها.
وأضافت بأن الجنود كانوا وحوشا في التعامل؛ حيث كانوا يصرخون ويعاملون أفراد العائلة بقسوة دون أي مبرر؛ لافتة إلى أن هذا الأسلوب متعمد كي يخاف الأطفال ولبث الرعب في قلوبهم وتوتير المعتقل.
المربي الشوامرة كان تعرض لإصابة خلال عمله في محيط منزله قبل عدة أيام؛ وحاولت زوجته إقناع الجنود بضرورة اصطحاب الدواء الذي يجب أن يأخذه يوميا، فرفضوا ذلك وتذرعوا بأنه سيتم توفيره له في السجن، ولكنها أصرت عليهم أن يأخذوه كي لا يتعرض لأي انتكاسة صحية.
خوف دائم
الاعتقالات المتتالية التي يتعرض لها الأسير الشوامرة جعلت حياة أطفاله تتمحور حول مصطلحات بعيدة كل البعد عن حياة أي طفل؛ كالاعتقال والاقتحام والقيود والسجن والحكم.
وتصف أم حمزة موقف طفلتها الصغرى حين رأت الجنود؛ حيث كانت تزيح بنظرها بعيدا عنهم وكأنها لا تريد تذكر هذه اللحظات تحديداً كي لا تطبع في ذاكرتها.
وأضافت:" كانت ابنتي ليلى تقول لي غطي عيناي فلا أريد رؤيتهم؛ وبعد ذهابهم واعتقال والدها نامت بجانبي وقالت لي ضعي يديك على وجهي فلا أريد أن أتصورهم في ذاكرتي، أريد أن أنسى ما حصل اليوم".
وخلال أحد الاعتقالات السابقة اصطحب الجنود كلابا بوليسية معهم لتفتيش منزل الشوامرة؛ فهاجم أحد الكلاب طفله الصغير ليمر بحالة نفسية قاسية لعدة سنوات احتاجت علاجا مطولا ليتعافى منها.
وأشارت الزوجة إلى أن نجلها الآخر كان تعرض لاعتداء من الجنود حين كان والده معتقلا سابقاً؛ حيث داهم الجنود المنزل وفتشوه واعتدوا على نجله بالضرب.
وأضافت:" هذه الحياة التي نعيشها بفضل الله؛ فلا تمر بضعة أشهر حتى يتعرض زوجي لاعتقال أو استدعاء أو ترهيب، كما اعتقل مرارا على يد أجهزة السلطة.. هذه ضريبة الكرامة وهذا الطريق الذي ارتضيناه".