داخل أروقة مستشفى الولادة بمجمع ناصر الطبي بمدينة خانيونس جنوب القطاع بدت مظاهر الفرح والسعادة البالغة على وجوه أفراد عائلة "القدرة" بعد أن وصل زائراً جديداً للحياة ولكنه مختلف عن بقية أقرانه .
إنه الطفل "مجاهد" الذي وضعته زوجة الأسير "محمد يوسف القدرة" بعد أن تمكن زوجها من تهريب نطفة من داخل سجنه قبل أكثر من عام حيث نجحت المحاولة وأبصر النور طفلاً جديداً من عتمة الزنازين وانتصار جديد على السجان وجبروته .
الأسير "محمد القدرة" 34 عاماً اعتقل بتاريخ 20/7/2014، وأصدرت بحقه محكمة الاحتلال العسكرية في بئر السبع حكماً بالسجن الفعلي لمدة 11 عاماً ، أمضى منها 6 أعوام ونصف حتى الأن، ولم يكن قد مضى على زواجه كثيراً حين اعتقاله.
الأسير "القدرة" قرر خوض مغامرة الإنجاب عبر النطف ليلحق بركب العشرات من الأسرى الذين خاضوا التجربة بنجاح قبله كان آخرهم الأسير "أمجد النجار" من رام الله والذي رزق بطفله "أكرم" وهو أخر أسير استطاع الإنجاب خلال العام الماضي 2020 ، ليكون بذلك الطفل "مجاهد القدرة" هو أول سفير للحرية يبصر النور عبر النطف المهربة خلال العام الجاري 2021 .
إن عمليات تهريب النطف إلى خارج أسوار السجن، بقيت حلماً يراود الأسرى لسنوات طويلة إلى أن أطلقها بشكل فعلى عام 2012 الأسير "عمار الزبن" وهو أول من خاض غمار تلك التجربة، وأنجب أول مولود عبر النطف، أطلق عليه إسم "مهند"، مما فتح الباب أمام العشرات من الأسرى ليحذو حذوه، وتصاعد العدد تباعاً إلى أن وصل إلى (68) أسيراً، أنجبوا (96) طفلاً .
وقد شكل الإنجاب عبر النطف تحدياً حقيقياً للاحتلال الذي يحاول قتل كل معاني الحياة لدى الأسير الفلسطيني، حيث يعتبرها الأسرى انتصاراً معنوياً كبيراً على إرادة الاحتلال ومخططاته وقد عجز حتى الآن على اكتشاف كافة طرق تهريب النطف من داخل السجن، وإن كان تعرف على بعض الطرق إلا أن الأسرى يبدعون في إيجاد بدائل لاستمرار صراعهم مع المحتل الذي يحاول قتل روح الأمل والحياة في نفوسهم.
جدير بالذكر أن الأسير "القدرة" هو العاشر بين أسرى قطاع غزة الذين استطاعوا الإنجاب عبر النطف حيث سبقه 9 أسرى من القطاع كان أخرهم الأسير"أيوب أبو كريم" المحكوم بالسجن لمدة 15 عاماً وأنجب طفل أطلق عليه إسم "مجاهد" ، وقد رزق ثلاثة من أسرى القطاع بتوأم عبر النطف المهربة .
وتبقى إرادة الحياة لدى الأسرى هي الأقوى من جبروت السجان وإجراءاته القمعية التي تهدف إلى قتل الأسرى روحاً وجسداً ، بمواصلة التحدي والاستمرار في استعادة الحياة من قبور الزنازين، وهذا القطار الذي إنطلق عام 2012 لن يتوقف إلا بتبيض السجون بالكامل من آخر أسير فلسطينى .