رام الله- إعلام الأسرى
يقلقها رنين الهاتف في كل مرة؛ فهي تخشى أن يحمل المتصل أخبارا سيئة عن وضع زوجها المتدهور في سجون الاحتلال، وتملأ يومها بالدعاء أن يمر دون قلق أو ترقب.
هذا حال "أم منصور" زوجة الأسير شرحبيل بدوي المسالمة (٤٩ عاما) من بلدة بيت عوا جنوب غرب الخليل، فهو واحد من مئات الأسرى الذين يعانون من أمراض وأوضاع صحية متدهورة في ظل سياسة الإهمال الطبي المتعمدة.
في شهر أيلول/ سبتمبر الماضي عانى شرحبيل من آلام في منطقة القلب ومضاعفات استدعت خضوعه لعملية القسطرة الجراحية في إحدى مشافي مدينة الخليل، وبعد ثلاثة أيام فقط من خروجه من المستشفى اقتحمت قوات الاحتلال منزله وقامت بتفتيشه والعبث بمحتوياته.
وتقول الزوجة لـ مكتب إعلام الأسرى إن جنود الاحتلال دققوا في بطاقة هوية زوجها الذي لم يكن قادرا على الوقوف من شدة الآلام التي حلت به نتيحة المرض؛ ولكنهم لم يكترثوا لذلك وأخبروه أنه رهن الاعتقال.
وتضيف:" صرخت بهم وقلت لهم هذا مريض جدا ولا يقوى على الاعتقال والسجون؛ ولكن الضابط الذي رافقهم قال لي هي فقط ساعات وسيعود لمنزله نريده في دردشة صغيرة؛ وكنت أعلم أن هذه الساعات ستتحول إلى أشهر طويلة".
وبعد ثلاثة أيام فقط من اعتقاله تم تحويله للاعتقال الإداري لمدة أربعة أشهر قابلة للتجديد، وبعد انتهائها تم تجديدها له كما كان متوقعا رغم وضعه الصحي ومعاناته الشديدة.
وتبين الزوجة بأنه يعاني من عدة أمراض تتمثل أبرزها في ضعف عضلة القلب وارتفاع ضغط الدم والنقرص واحتمالية حدوث فشل كلوي بسبب الأدوية التي يضطر لتناولها.
والأسير منذ اعتقاله يعتمد على إخوانه الأسرى فقط؛ فهو يستخدم أحيانا الكرسي المتحرك للتنقل لأنه لا يقوى على المشي، وفوق ذلك يتعرض للإغماءات المتكررة والتي تستمر لساعتين أو أكثر في كل مرة وهو ما يهدد حياته بشكل خطير.
وتنقل زوجته عن محاميه قوله إن الأسير معرض لخطر الموت بحسب التقارير الطبية التي حاول عرضها على إدارة سجون الاحتلال ولكنها ترفض التجاوب معها.
وهذا الاعتقال هو الرابع للأسير الأب لاثني عشر ابنا وابنة؛ فرغم مرضه كان هو المسؤول الوحيد عن توفير قوتهم اليومي؛ والآن باتت العائلة قلقة على صحته من جهة وعلى معيشتها من جهة أخرى جراء سياسات الاحتلال الظالمة.
وتوضح أم منصور بأن زوجها يحتاج إلى جهاز لتنظيم ضربات القلب وتقويتها حيث يعمل بنسبة ٢٠٪ فقط بحسب الفحوصات الطبية وعملية القسطرة التي خضع لها قبيل اعتقاله بأيام.
الاحتلال يعلم تماما خطورة الوضع الصحي للأسير؛ حيث قام بنقله مؤخرا إلى سجن بئر السبع "ايشل" ليكون قريبا من مستشفى سوروكا في النقب المحتل إذا طرأ أي تدهور مفاجئ عليه، ورغم ذلك يمتنع عن تقديم أي دواء أو علاج جدي له بل يقدم له المسكنات فقط.
وتشير زوجته إلى أنه قبل فترة قصيرة تم نقل زوجها للمستشفى وإخضاعه للفحوصات وهو مقيد؛ وقررت إدارة المستشفى إجراء عملية جراحية له لتقوية القلب ولكنها تراجعت عن ذلك بعد إصرار إدارة السجون على إعادته للسجن.
وتحاول العائلة جاهدة أن توصل صوتها للمؤسسات الحقوقية خاصة الصليب الأحمر من أجل الضغط على الاحتلال للإفراج عنه أو علاجه على الأقل، ولكن صوتها لا يبدو مسموعا، كما أنها منذ اعتقاله لم تتمكن من زيارته أبدا.
وتتابع أم منصور القول:" السجون كذلك لا تحتوي على طعام صحي وكل ما يقدم للأسرى يكون طعاما معلبا؛ وبالتالي هذا يجعل حالته الصحية تسوء أكثر".
ولا شك أن انتشار فيروس كورونا يزيد من قلق العائلة التي تؤكد أن مناعة الأسير لا تحتمل على الإطلاق إصابته بهذا الفيروس في ظل عدم وجود علاج والإهمال الطبي المتعمد بحق الأسرى.