الأسير عاهد النتشة.. الشهيد الحي!
إعلام الأسرى

رام الله- مكتب إعلام الأسرى

حروق وجراح غائرة ملأت جسد الأسير عاهد النتشة من القدس المحتلة حين تم اعتقاله؛ هو ظن أنه في طريق الشهادة ولكن الله شاء أن تُكتب له الحياة من جديد.

خرج عاهد (٢١ عاما)  في الثالث من أيلول/ سبتمبر من عام ٢٠٠١  من منزله في بلدة بيت حنينا شمال غرب القدس المحتلة؛ كان متوجها لتنفيذ عملية فدائية؛ وبدلا من الشهادة أصيب بتفجير العبوة التي كانت بحوزته والتي سببت له جراحا بالغة.

تقول والدته أم علي لـ مكتب إعلام الأسرى إن نجلها خرج من المنزل كعادته دون أن يعرف أحد إلى أين يتوجه؛ وبعد ساعات هاجم عشرات الجنود المنزل بوحشية وفتشوه وخربوا محتوياته، وحينها تم إبلاغ العائلة أن عاهد معتقل ومصاب.

حالة من القلق والتوتر لازمت عائلته خوفا عليه وسط تكتم الاحتلال على وضعه الصحي، وهناك في إحدى المستشفيات كان يرقد مكبلا بالسرير من يديه وقدميه، أما إصابته فكانت بالغة حيث استقرت مسامير العبوة التي كان يحملها في أحشائه؛ وتسببت بتفتت الطحال واستئصاله وإصابته بحروق شديدة في الوجه والصدر وكذلك تضرر إحدى عينيه.

وتوضح الوالدة بأنه رغم وجوده في المستشفى بهذه الحالة إلا أنه تعرض لتحقيق قاس؛ حيث كان الاحتلال يستغل حالته الصحية الخطيرة ويحرمه من النوم ويحاول إجباره على الإدلاء باعترافات.

وبعد شهر من مكوثه في المستشفى تم تحويل الأسير للمحاكم وتمكنت عائلته من رؤيته بعد ٤٥ يوما من اعتقاله؛ وهناك كانت المفاجأة لهم، حيث كان شخصا آخر لم يتعرفوا عليه إلا من صوته.

وتضيف والدته:" كان عاهد في المحكمة شخصا لا نعرفه؛ فقد من وزنه أكثر من ٣٠ كيلوغراما وكانت الحروق تملأ وجهه وجلده مقشر؛ كما كان بطيء الحركة ومن الظاهر أنه يعاني.. لا يمكن أن أنسى هذا المنظر ما حييت".

بعد عدة أشهر صدر الحكم على عاهد، كان المحامون يتوقعون أن يكون في أقصاه ١٥ عاما؛ ولكن المفاجأة أنه تم الحكم عليه بالسجن لمدة ٢٥ عاما، لتكون الصدمة الأكبر والصاعقة التي وقعت على العائلة.

وتبين والدته بأن ابنها تلقى الحكم بالاستغفار والتسبيح؛ ولكنها شعرت بأن قلبها ينفطر وكأنها لن تراه مجددا، وبدأت بعد ذلك دوامة الانتظار والقهر مع السجون القاتمة.

الأمل لا يتوقف

أما والده فكان يشعر بالقهر الشديد لأن عاهد دائما كان يده اليمنى، وبعد عامين من اعتقاله زاره في يوم أحد وبكى من شدة قهره، وحين عاد لمنزله قال للوالدة هذه آخر زيارة لي لعاهد فلا أقوى على رؤيته مكبلا خلف القضبان، وفي يوم الخميس فاضت روحه لبارئها تشكو ظلم الظالمين وهو في عمر ٤٩ عاما فقط.

ومن أشكال الضغط النفسي التي تعرضت لها العائلة كانت محاولات الاحتلال لإغلاق منزلها بالأسمنت المسلح؛ ولكنها باءت بالفشل لأن المنزل لم يكن مسجلا باسمها.

ومرت السنوات وعاهد يعاني الأمرّين جراء الإهمال الطبي المتعمد؛ حيث بقي لفترة طويلة يعاني من آثار الإصابة دون الاكتراث بحالته الصحية، وبدأ بعدها يعاني من الكوليسترول وآلام الأسنان واللثة وغيرها من الأمراض التي يخفيها عن عائلته كي لا تشعر بالقلق.

وتضيف والدته:" حياتنا ناقصة تماما فلا نشعر بطعم الفرح؛ تزوج جميع أبنائي ولكنني غير سعيدة أبدا، كلما دخلت المطبخ لأطهو الطعام تذكرت عاهد وكلما استيقظت تذكرته وكلما خلدت للنوم كانت صورته في مخيلتي، لا يغيب عنا أبدا وننتظر لحظة الفرج بشوق وبفارغ الصبر".

ورغم الحكم الخيالي والإصابة القاسية والظروف الاعتقالية السيئة وفقدان الوالد إلا أن الأسير لم يفقد أملا بالحرية؛ بل حوّل سجنه إلى منحة وشرع بالدراسة وحصل على شهادة الثانوية العامة ثم البكالوريوس وبعدها الدراسات العليا، وحصل على شهادات كثيرة في دورات عدة وتعانق معنوياته السماء.




جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020