أكد مدير مكتب إعلام الأسرى أ. ناهد الفاخوري أن الإهمال الطبي الذي تنتهجه إدارة سجون الاحتلال بحق الأسرى أدى إلى تفشي فيروس كورونا في السجون.
وقال خلال كلمة ألقاها في مؤتمر بيت المقدس الإلكتروني؛ إن سياسة الإهمال الطبي تركت 700 أسير مريض مصابون بأمراض مختلفة ومتفاوتة؛ بينهم 21 أسيرا يعانون من السرطان؛ وأربعة أسرى مصابون بشلل نصفي يتنقلون على كراسٍ متحركة.
وأشار إلى أنه في ظل جائحة فايروس كورونا ازدادت وتيرة الإهمال المتعمد بحق الأسرى وفي تقديم ما يلزم من سبل وقاية وحماية؛ وتجبر إدارة السجون الأسير على دفع ثمن الكمامة التي من الممكن أن تقيه الفايروس الذي وصل إليه عن طريق السجان.
وأوضح بأن ٩٠ أسيرا أصيبوا سجن جلبوع بفايروس كورونا لا يقدم لهم الفحص اللازم ولا العلاج المناسب أو ما من شأنه أن يخفف من ألم المرض على الأسير؛ حيث يتم وضع كل ستة أسرى في زنزانة مساحتها لا تتجاوز 3*4 أمتار؛ وأقصى ما يقدم لهم ميزان حرارة واحد لـ 90 أسيرا وشريط من دواء "الأكامول" المسكن.
وأضاف:" بالأمس وصلتنا رسالة من سجن جلبوع خطها أسرانا من سطر واحد تعبيراً عن الألم والحرقة فكتبوا فيها
أين ستذهب جثثنا بعد موتنا داخل الزنازين؛ هل ستبقى داخل ثلاجات الموتى أم ستدفن في مقابر الأرقام؟!".
وأكد الفاخوري بأن فصلا آخر من الآلام والمعاناة للأسرى يتمثل في البعد عن الأهل والحرمان؛ حيث يمنعون من زيارة الأهل ولا يسمح لهم بالتواصل مع ذويهم.
وتابع:" كبر الأسرى؛ آباؤهم وأمهاتهم شاخوا وهرموا وطعنوا في السن؛ وأملهم الوحيد رؤية أبنائهم قبل أن ينتهي الأجل، والمثال الحي على ذلك والد الأسير محمد عرمان المعتقل منذ عام 2002 أي قبل ثمانية عشر عاماً والمحكوم بالمؤبد 36 مرة أي 3600 عام.. كان أمله الوحيد أن يرى فلذة كبده قبل أن يدركه الموت .. وللأسف لم يتحقق حلم ذلك الشيخ الذي رسمت على تعابير وجهه تضاريس فلسطين؛ فحان الأجل قبل تحقيق الحلم بعناق ولده".
أما سياسة العزل الانفرادي فتحدث عنها الفاخوري خلال الكلمة بالقول إنها نهج دائم لإدارة سجون الاحتلال؛ بأن يتم عزل الأسير في زنزانة ضيقة لا يكاد يرى فيها الشمس منفرداً لسنوات تتجاوز العشر كما حدث مع الأسير البطل الشيخ جمال أبو الهيجا وعمره تجاوز الستين، حيث كان اعتقل عام 2002 بعد اجتياح قوات الاحتلال لمخيم جنين، فأصيب وبترت إحدى يديه وحكم بالسجن المؤبد 9 مرات أي قرابة 1000 عام.
وأوضح بأن مطلب الشيخ أبو الهيجا الوحيد في العزل أن يكون له رفيق من زملائه الأسرى في زنزانته ليعينه على بعض الأعمال بحكم أنه بذراع واحدة، وكان الأسرى يخوضون خطوات احتجاجية مناصرة للشيخ جمال مطالبين بأن ينتقل أحدهم إلى العزل ليعينه.
وأضاف:" نذكر في إحدى المرات كانت زيارة لمدير إدارة سجون الاحتلال لأقسام الأسرى؛ فطلبوا منه أن يكون مرافقا للشيخ جمال في عزله؛ فكان جواب ذلك الصهيوني الحاقد: سنبحث عن أسير آخر يده مبتورة بشكل مخالف ليد الشيخ جمال وننقله إلى زنزانته ليصبح لهم ذراعان وتحل المشكلة!"
وتحدث الفاخوري كذلك عن سياسة الاعتقال الإداري؛ مبينا أنه منذ عام 1967 إلى اليوم صدر أكثر من 54 ألف قرار اعتقال إداري دون تهمة؛ حيث تهدف هذه القرارات إلى خلق سياسة ردع وعقاب جماعي وورقة ابتزاز يستخدمها الاحتلال ضد الأسرى، وهي تطال القيادات والنخب ومن لهم تأثير في الشارع الفلسطيني.
وقال إن أكثر من 4500 أسير فلسطيني ما زالوا خلف القضبان يتوزعون على 23 سجنا ومعتقلا ومركز توقيف وتحقيق؛ ومنهم 380 أسيرا إداريا و39 أسيرة و155 طفلا لم تتجاوز أعمارهم الثامنة عشر، بينهم 58 محكومين، والباقي موقوفون ينتظرون المحاكمة، وطفل يخضع للاعتقال الإداري، وثمانية نواب من نواب المجلس التشريعي الفلسطيني؛ خمسة منهم يخضعون للاعتقال الإداري، واثنان يخضعون لأحكام عالية، وبينهم كذلك 48 أسيراً من محرري صفقة وفاء الأحرار أعاد الاحتلال اختطافهم مرة أخرى.
ومنهم أيضاً عمداء الأسرى، أي من أمضوا أكثر من 20 عاماً في السجون وعددهم ٥٠ أسيراً، من بينهم الأسير البطل نائل البرغوثي حيث بلغ مجموع ما أمضاه في سجون الاحتلال قرابة 40 عاماً.
وذكر الفاخوري بأن عدد شهداء الحركة الأسيرة منذ عام 1967 وصل 225 شهيداً؛ بينهم 73 أسيرا استشهدوا نتيجة التعذيب؛ و 70 أسيرا نتيجة الإهمال الطبي، و 75 أسيرا نتيجة القتل العمد بعد الاعتقال مباشرة، وسبعة أسرى بعدما أصيبوا بأعيرة نارية وهم داخل المعتقلات.
ومن جهة أخرى أوضح الفاخوري أنه برغم هذا الألم إلا أن هناك آمال تتحقق من خلال التحديات والتضحيات؛ فيأبى الأسرى إلا أن تكون في حياتهم جوانب مشرقة فحولوا المحنة إلى منحة وهذا ما تعلموه من جامعة سيدنا يوسف عليه السلام؛ فالجامعة اليوسفية لم تنقطع ولم تنته إنما باقية إلى اليوم.
وأشار إلى أن الأسرى ابتكروا طريقة تمكنهم من إتمام دراستهم الجامعية والدراسات العليا؛ فأصبح حتى الآن قرابة 160 طالب ماجستير؛ إضافة الى السعي لنيل درجة الدكتوراة كحال الأسير عبد الناصر عيسى الذي لم يكل ولم يمل على الرغم من مرور أكثر من 25 عاما على اعتقاله عام 1995.
ولفت إلى أن من فصول الأمل حب الحياة؛ فكانت فكرة النطف المهربة التي أنتجت أكثر من 90 سفيرا للحرية فأعادت الحياة إلى ذوي الأسرى وأحيت الأمل بحرية أسرانا.
وقال إنه من المعارك الحية في إطار صراع الإرادات توثيق السيرة الجهادية ونقل التجربة وإخراجها بشكل أدبي تفوق بها خيال الأسرى على الواقع؛ فكانت الكتب والروايات التي خطت بمداد أقلام أسرانا الأبطال فكان منها على سبيل المثال رواية "بوابة السماء" والتي تروي قصة شيخة الاستشهاديات الحاجة فاطمة النجار للأسير البطل جمال الهور، وكان كذلك كتاب للأسير البطل محمود عيسى "السياسة بين الواقعية والشرعية"؛ ورواية "الطريق إلى شارع يافا" التي تم إشهارها إلكترونيا قبل أيام للأسير البطل عمار الزبن المحكوم بالسجن اامؤبد ١٦ مرة والمعتقل منذ عام 1997 والتي تلخص حكاية مجموعة شهداء من أجل الأسرى، لتترجم هذه الروايات الأدب المقاوم الذي ينقل التجربة من جيل إلى جيل.
وختم قائلا:" وعلى خلفية مشاهد من وداع الأسرى داخل السجون لإخوانهم المفرج عنهم في صفقة وفاء الأحرار نختم برسالة أسرانا للأمة جمعاء بأن قضية فلسطين والمسجد الأقصى وتحرير الأسرى أمانة في أعناقكم؛ فكاك الأسرى واجب انطلاقاً من قول نبينا محمد صلى الله عليه وسلم: "فكوا العاني ، وأطعموا الجائع، وعودوا المريض".