بمنع الزيارات .. الاحتلال ينتقم من أهالي أسرى النقب
أهالي أسرى سجن النقب
إعلام الأسرى 

لا يمكن أن تمحى أحداث تلك الزيارة غير المكتملة من ذاكرة والدة الأسير حمدي رمانة في سجن النقب الصحراوي؛ فكل فصولها مأساوية بدأت باحتجازها وانتهت بحرمانها من فرصة أخيرة لرؤية نجلها خلف القضبان، لتسجل انتهاكا جديدا في سجل الانتهاكات المتلاحقة بحق الأسرى وعائلاتهم.

ولا يمكن أن تعتبر تلك الإجراءات إلا انتقاما من أسرى سجن النقب الذين يحضّر لهم الاحتلال اعتداء مبيتاً ويحاول الاعتداء عليهم لرفضهم أجهزة التشويش الضارة صحيا ونفسياً، فيقوم بالتضييق على عائلاتهم الذين منعوا أمس من زيارتهم وممن عرف منهم شقيقة الأسير عياش أبو عليا وعائلة الأسير رامي الفاخوري وعائلة الأسير عدنان الرجبي.

تنكيل

وتروي والدة الأسير القسامي حمدي رمانة المحكوم بالسجن لمدة ثمانية أعوام ما حدث معها من تنكيل على يد الجنود حين توجهت لزيارة ابنها بعد أن منحت تصريحا "أمنيا"، حيث كانت منذ عامين تطالب بالسماح لها بزيارته بسبب ما يسمى بالرفض الأمني.

وتقول لـ مكتب إعلام الأسرى إن الاحتلال ينتقم من الأسرى عن طريق أهاليهم، حيث بعد أن حصلت وأخيرا على التصريح للزيارة وغمرتها الفرحة لرؤية نجلها تعرضت لتنكيل مكثف من الجنود وإبلاغ بمنعها من الزيارة نهائيا وحتى من تقديم التصاريح، الأمر الذي زاد من معاناتها.

وتضيف:" توجهت عبر حافلة الصليب الأحمر كبقية أهالي الأسرى وعبر حاجز نعلين غرب رام الله، إلا أنهم حين سلمت التصريح الخاص بي وهويتي بدأت المجندة بالصراخ علي والصراخ على الجنود الآخرين الذين أتوا مسرعين نحوي، واحتجزوني في زاوية من الساعة التاسعة وحتى الحادية عشرة دون أن يتحدثوا معي بكلمة واحدة، وحين شعرت بالتعب قلت لهم ماذا تريدون مني أريد أن أذهب إلى بيتي، وكانت الزيارة انتهت وخرج الأهالي من السجون متجهين نحو الحافلات".

ساعات طويلة من العناء رسمت الزيارة غير المكتملة لزوجة الشهيد القسامي حسنين رمانة والتي تحملت سنوات من الصبر والعذاب، فالاحتلال اعتقل نجلها الأكبر حمدي منذ خمسة أعوام ونصف وحكم عليه بالسجن لثمانية أعوام بحجة المشاركة في خلية عسكرية.

وتتابع القول:" كلما حاولت الحديث مع الجنود أسكتوني واضطررت قبل ذلك لإرسال ملابس ابني مع عائلة أسير آخر كي يدخلوها له فبدأ الجنود بالصراخ علي واقتادوني عبر ممرات طويلة تشبه بعضها إلى غرفة أشبه بالزنزانة قذرة وضيقة وحاولت أن أفهم منهم ماذا يريدون مني ولكنهم يصرخون علي في كل مرة، بقيت هناك حتى الثانية ظهرا واضطررت لوضع شال كنت أرتديه من البرد على الأرض كي أصلي لأن المكان قذر وحين رفعت رأسي وجدت الجنود يراقبونني ولكن لا يتكلمون فبدأت أصرخ وأطرق بشدة على الباب، حتى جاءوا وأخرجوني بقوة من كتفي فبدأت بالصراخ وقلت لهم لا تلمسوني".

ساعات بدت كالدهر على السيدة الصابرة، جاءت مجندة وقامت بتفتيشها بدقة واستولت على حقيبتها وفتشتها بشكل مفصل رغم أنها لا تحتوي على شيء، وبعد ذلك أخرجوها إلى مكان آخر فظنت أنهم يريدون إطلاق سراحها ولكنهم كانوا يهدفون إلى وضعها في منطقة محظورة كي تضل الطريق ويتم اعتقالها بشبهة معينة.

وتضيف:" أحد العمال الذين كانوا على الحاجز قال لي بصوت عال لا تستجيبي لهم وامشي فقط في المنطقة الخضراء حتى لو دفعوك إلى المنطقة الحمراء، وحينها قاموا بأخذه والصراخ عليه ولا أدري أين اقتادوه، فاستجبت له والاستغفار والتسبيح على لساني طيلة الوقت كي يخرجني الله مما أنا فيه".

أحد الجنود قام بدفعها إلى خارج المعبر وأمسك بتصريح الزيارة الخاص بها ومزقه أمامها وقال لها باللغة العربية أنت ممنوعة بأوامر من الشاباك من الزيارة نهائيا، ما بدد أملها في رؤية ابنها خلال العامين والنصف المتبقي له من محكوميته، ولكن الضنك الذي شعرت به أم حمدي لم يجعلها تفكر فيما قاله الجندي فواصلت مسيرها خارج "معبر الموت" ولم تجد أي مركبة وبقيت تسير لمسافة أكثر من كيلومترين حتى وصلت أطراف إحدى القرى وتمكنت من مهاتفة ابنها الثاني وابنتها حتى جاءوا إليها.

وتختتم قائلة:" لم أبك على حالي ولا على المعاملة التي تعرضت لها بل على ابني حمدي الذي ينتظرني في السجن فهو يمنع دائما من الزيارة وفي كل سنة يزوره أحد من عائلته مرة واحدة بسبب التضييق الأمني، وصلت المنزل في الرابعة عصراً وأنا منهكة القوى وأفكر في الكلمات الأخيرة للجندي بأنني لن أزور ابني أبدا فهل يمكنني الانتظار عامين ونصف؟! وهل ينقصنا تعب وتفكير لما يحدث لأبنائنا في سجن النقب والذين يعانون الأمرّين، فابني حمدي موجود في قسم 3 الذي يعاقب الاحتلال الأسرى فيه ويضع أجهزة التشويش ويضيق عليهم ويعزلهم ويمنعهم من رؤية ذويهم.. حسبنا الله ونعم الوكيل".

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020