الطفل شريف نزال: 5 سنواتٍ من الانتظار واللهفة لزيارة والده الأسير واحتضانه
الأسير علي نزال ونجله شريف نزال
إعلام الأسرى 

رغم أنه طفلٌ بخمس سنوات، ولم ير والده من قبل إلا صوراً وأحاديث مسائية تقصها والدته عليه وعلى شقيقاته الثلاثة، إلى أنه كان شديد الحرص في صباحٍ باكرٍ مطلع هذا الأسبوع على أن يكون الطفل الأكثر أناقة من بين الأطفال المتوجهين لرؤية أبائهم في سجون الاحتلال، فهو يختلف عنهم جميعاً، إنها المرة الأولى التي سيرى فيها والده حقيقةً أمامه، بل وسيتاح له أن يحتضنه ويشتم رائحته.

لم يعلمه أحد أن عليه أن يرتدي أجمل ثيابه، وأن يضع أطيب العطور، وأن يسرح شعره بشكلٍ جميل، تارةً يرفعه لليمين وتارةً لليسار، يسرحه على مرآة الغرفة ثم يعود ليأخذ رأي والدته به، وبرائحة العطر الذي وضعه.

شريف علي نزال(5 سنوات) من سكان قلقيلية، طفلٌ حرمه الاحتلال حقه في زيارة والده الأسير علي نزال والمحكوم بالسجن مدة 20 عاماً، لأن وفوده للحياة كان علامةً فارقة في حياة عائلته وصفعةً للاحتلال، فقد رزق الأسير علي نزال بطفله شريف قبل أربع سنوات عبر النطف المهربة، ليكون الأخ الوحيد لثلاث شقيقاتٍ هن، جنان(14عاماً)، دانية(12عاماً)، ونور(10 سنوات).

الزيارة الأولى

عقب خوض جولاتٍ خلال الخمس سنوات، من محاولة السماح للصغير شريف بزيارة والده، نجحت العائلة أخيراً في الحصول على تصريح زيارة له، تقول والدته أم شريف"حاولنا كثيراً قبل أن يسمح لشريف بالزيارة، مرت سنوات حتى تم قبول الطلب المقدم للصليب الأحمر، وكنت قد قدمت طلباً بمكتب الشكاوي إضافة للصليب حتى ينال شريف حق الزيارة".

أم شريف نزال لم تتمكن من أن ترافق نجلها الصغير وبناتها الثلاثة فرحة الزيارة الفريدة هذه المرة، فمنذ 10 سنوات لم يسمح لها الاحتلال بزيارة زوجها، بحجة المنع الأمني، وهي لم تحصل حتى على حقها في الشهادة على اللقاء الأول بين شريف ووالده.

تقول أم شريف"شعور أبو الشريف كان لا يوصف كما أتخيل، طفلاتي الثلاثة أخبرنني بأن والدهن كان سعيداً جداً برؤية ابنه للمرة الأولى، وباحتضانه، فقد تمكن من أن يشتم رائحته بعد طول انتظار، ووصفت لي الصغيرات كيف كان المشهد ممزوجاً بالفرح والدموع معاً".

الأسير علي نزال تقدم بطلبٍ لإدارة السجن قبل وقتٍ من تحديد موعد زيارته لابنه كي يسمحوا له بالدخول خلف زجاج الزيارة ليتاح له أن يحتضنه ووافقت الإدارة على هذا الطلب.

تحدي التربية

ليست تربية طفلٍ بمعزلٍ عن والده بالهينة، خاصةً إن كان لا يراه، وإن كان يشهد على تجهيزات الصباح لشقيقاته أثناء ذهابهن للزيارة في حين يبقى هو مع والدته ولا يستطيع عقله الطفولي أن يقنعه عن سبب تمكن شقيقاته من الزيارة في حين يحرم هو من ذلك.

بعينه التي أخبرته أن عليه أن يبدو أنيقاً في زيارته لوالده كان شريف يراقب سابقاً تحركات جنان ودانية ونور الصباحية وما قبل النوم التي يعلم بعدها بأنهن سيذهبن لزيارة والده، كان ينظر كيف كنَّ يرتدين أجمل الثياب ويحضرنَ الحديث والأخبار التي سيخبرنها لأبيهن، حتى أتيح له أن يمارس ذات الطقوس.

تتحدث والدته أم الشريف عن التحديات التي تواجه الأم في رحلة زوجها الأسير، خاصةً تلك التي يحرمها الاحتلال ويحرم أطفالها حق الزيارة، تقول"تلعب الفطرة دوراً كبيراً في كلامي لشريف عن والده، رغم أنه صغير، إضافة إلى صور والده التي كنا نحرص على أن يراها دائماً، حتى أنه حين عاد من الزيارة قال لي: رأيت والدي تماماً كما في الصورة".

تضيف أم شريف"نخبر شريف دائماً باسم والده، نقول له بأنه جلب له هدية، بالطبع نكون نحن من اشترى الهدية باسم والده، ونخبره بأنه هو من أرسلها، يسأل دائماً عن سبب غياب والده عن البيت، ونقول له بأنه في سجون الاحتلال، ونحرص على أن نقول له بأن أباه إنسانٌ طيب ويحبه، ولكن الاحتلال هو من حرمه منه، بقدر ما نستطيع نشرح له الحالة التي نعيشها".

تمكن شريف بعد خمس سنوات من أن يدمل رأسه في حضن والده وأن يحتفظ لأمه بتفاصيل الزيارة حتى يخبرها بها حين يعود، فهو علم ما معنى أن يحرم من رؤية والده، ويعلم أن أمه لم تنل هذا الحق منذ 10 سنوات.

الأسير علي الشريف أردني الجنسية وتنحدر أصول عائلته من قلقيلية، معتقل منذ تاريخ 5/4/2007، ويقضي حكماً بالسجن مدة 20 عاماً، بتهمة الانتماء لحركة حماس، ومحاولة تفخيخ سيارة في الداخل المحتل، وقد أضافت محكمة الاحتلال مؤخراً ستة أشهرٍ جديدةٍ إلى حكمه، بحجة وجود اعترافات جديدة عليه.

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020