شادي عودة : أسيرٌ يتخلى عن حقه في العلاج تلافياً لآلام البوسطة
الأسير شادي عودة
إعلام الأسرى 

يمر الليل ثقيلاً على إنسانٍ مريضٍ في بيته، فكيف إذا كان قابعاً في مدافن الأحياء وتعترف إدارة السجون بحقه في العلاج لسوء حالته في حين يرفض هو هذا الحق تلافياً لآلام البوسطة، فبالنسبة للأسرى تعتبر البوسطة قبراً متحركاً يغلق على أنفاسهم، وأقسم أحدهم بأنه ينطق بالشهادة في كل مرة يركب فيها البوسطة، ويحاول جهده كي لا يصاب بالإغماء.

شادي زايد صالح عودة (36عاماً)من سكان قلقيلية، أحد أسرى صفقة وفاء الأحرار الذين أعاد الاحتلال اعتقالهم مجدداً، بعد أن نال حريته عقب تسع سنوات وأربع أشهر من حكمٍ فعلي مدته 23 عاماً، اتهمه الاحتلال لأجلها بتنفيذ عملية استشهادية قرب قلقيلية، وهو إحدى قصص البوسطة الشاهدة على ألمٍ كبير.

شادي عودة كان شاباً معافاً في جسده مقبلاً على الحياة، وحين رزقه الله بفرصة جديدة للفرح، تزوج ورزق بمولودة جميلة أسماها عائشة، ومرت أربع سنوات على أنفاس حريته حتى أعاد الاحتلال اعتقاله بتاريخ 18/6/2014، ليكون قد أمضى برفقة زوجته إخلاص حماد، وابنته البكر عائشة قرابة الثلاث سنوات، وأعيد إليه حكمه السابق.

القبر المتحرك

إخلاص حماد، زوجة الأسير شادي عودة تحدثت لمكتب إعلام الأسرى حول الوضع الصحي السيء لزوجها، تقول" شادي يعاني من أمراض مزمنة ألحقها به الأسر، كالضغط والسكري، وفي اعتقاله الأخير أضيف له مرض في القلب، ورغم ذلك يرفض التسجيل للعيادة بسبب تعب البوسطة".

تضيف زوجة الأسير عودة"يفضل شادي أن يتعرض لآلام كثيرة على أن ينزل للبوسطة، فيلغي دائماً مواعيد ذهابه إلى المتشفى، ومع كل ذلك يتبقى له المسِّكن فقط، ويتعرض للحمى بشكل متكرر".

يخبر الأسير شادي عودة زوجته في كل زيارة بأنه يفضل الموت على أن ينزل للبوسطة، ففيها يشعر بالاختناق والغثيان والحر تارة والبرد تارة، وعدم القدرة على التنفس، كما أن حركته تكون مقيدة ومحدودة، ويعاني أيضاً إرهاقاً، عدا عن الجوع الشديد، لأنه مريض سكري، وبحاجة لكميات أكل ونوعيات مختلفة وكثيرة.

تستذكر إخلاص حماد كيف تعرض زوجها قبل عام لاختناق شديد، وعدم انتظام في دقات القلب، ما اضطر إدارة السجن لنقله في الإسعاف، ومنتصف الطريق تم نقله لسيارة إسعاف أكثر تطوراً فيها غرفة إنعاش، ومنذ ذلك الوقت يعاني شادي من مرض القلب.

يتواجد الأسير عودة حالياً في سجن النقب، وبعد سجنته الأخيرة رزقه الله بطفلٍ جديد اسماه محمد، وقد تمكن من احتضانه بعد ثلاث سنوت، وتلاحظ والدته كيف أن ابنتها عائشة ترفض الدخول إليه حين يدخل محمد، وكأنها تفضل أن يكون أباها فقط.

تتذكر أم محمد فرحتها بابنها فتقول"عقب اعتقال زوجي بأسبوع علمت بأني حامل بمحمد، وعلم زوجي بعد شهرين، ففي أول محكمة له كنت أود إخباره، لكن المحكمة ألغيت ذلك الوقت، واعتقل شقيقي نتيجة مشاجرة مع الجندي".

الأسير شادي عودة منذ اعتقاله تنقل بين سجن مجدو والنقب وبئر السبع، ولم يترك الاحتلال له فرصة أن يستقر في سجنٍ واحد، لا تزال زوجته تتذكر كيف نشأ في جوٍ عصامي وأكمل حياته هكذا، تقول" توفي شقيقه فارس ووالده لذات المرض، وهو السرطان، واضطرت والدته آنذاك رغم حملها بمحمد أن تعيل أيتامها السبعة، وكبر أطفالها ليغدوا مناضلين في أوطانهم فشقيق الأسير شادي، فادي عودة تحرر بعد أن قضى ست سنوات في الأسر، والتقى به آنذاك في سجن النقب.

محمد الصغير

في إحدى زيارات محمد الصغير لأبيه وهو الطفل صاحب الثلاث سنوات، رفض أن تنتهي الزيارة دون أن يرى والده وظل يبكي حتى اضطرت إدارة السجن لإدخاله، ولا تزال صورة فرحته متعلقة بذاكرة والدته حين رفعه في الهواء مراتٍ متتتالية وهو يضحك.

تقول أم محمد"كان الجنود محيطين بشادي بشكلٍ كبير وبمحمد خوفاً من أن يحدث خرق، لكن محمد لم يخف، كان جل همه أن يعانق والده ويحظى بفرصة أن يطير في الهواء على يده".

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020