في يوم الأسير الفلسطيني 
ما يزيد عن 20 سجناً ومعتقلاً تطبق على أنفاس حرية 6500 أسيراً داخل وطنهم
يوم الأسير الفلسطيني
إعلام الأسرى 

في ساعات الصباح الأولى وقبل أن ينطلق الناس إلى أحلامهم وحياتهم الطبيعية، تتحرك حافلاتٌ بصمتٍ وهمساتٍ من الدعاء تناجي أن لا يحدث شيءٌ ما من شأنه تعكير مسار زيارة طيفٍ في سجونٍ بعيدة، قبيل ذلك بساعتين تكون خفافيش الليل قد غادرت برفقة لائحةٍ جديدة من الأعمار المستنزفة، وبين ليلةٍ وليلة ترتفع الإحصائيات التي تلخص الأوضاع اللإنسانية لأعداد الأسرى داخل سجون الاحتلال.

نحو 6500 أسيراً ينتظرون مواقيتاً لحريةٍ تتراوح ما بين أشهرٍ وأحكامٍ مؤبدة، قرابة 1200 اسماً ينتظرون علاجاً حاسماً لأمراضهم، بينهم أسرى مصابون بأمراض خطيرة ومزمنة وأسيرات لا زلن بحاجة لعمليات وظيفية لآثار الاعتقال التي ألحقها الاحتلال بهن، علاوة على ما يقارب 63 أسيرة بينهن 20 أماً يخضعن لما يخضع له الأسرى في أقبية التحقيق وحافلات البوسطة ومحاكم الاعتقال الإدارية التي تنتهك عمر ثلاثةٍ منهن بأحكامٍ مؤجلة.

علاوةً على ذلك يرصد مكتب إعلام الأسرى طفولة 350 أسيراً تضيع خلف السجون، بينهم سبعة أسيراتٍ اختطفن من بيوتهن بأعمارٍ طفولية، بعضهن دخلت عامها الـ18 خلف السجون وغادرت مسميات الصغار والألعاب والأحلام الوردية، ونحو 450 أسيراً إدارياً يرفضون المثول أمام المحاكم التي تتذرع بملفاتٍ سرية لتمدد لهم أعماراً أخرى في السجن ينظر في أمرها لاحقاً.

كل هذه الأرقام بطريقةٍ ما تبدو واضحةً غير مصنفة لآلام الأسرى في سجون الاحتلال إلا أرقاماً تخبأ ورائها قصص آلاف العائلات وملايين الأطفال الذين جُرِّدوا من طفولتهم لأن لهم أباً أو أماً في السجن وبات عليهم أن يتداركو معاني الزيارت في السجون، ومعاني أن الأسير الفلسطيني يختلف أسره عن أي أسرٍ في العالم.

مكتب إعلام الأسرى، في يوم الأسير الفلسطيني الذي يصادف السابع عشر من نيسان من كل عام، ألقى الضوء على عددٍ من قصص الأسرى الإداريين والإداريات، وقصص الأطفال الأسرى والقاصرات، وقصص أسرى المؤبدات وأسيرات الأحكام العالية، والأسرى المرضى، وترك فسحةً لتدارك معنى الألم في زوايا بيوتهم التي أصبحت هي أيضاً سجوناً لمن فيها تزامناً مع فقد فردٍ من العائلة في مكانٍ بعيدٍ يحتاج إلى تصريحٍ وموافقةٍ لدخوله، ومن ثم الوقوف أمام زجاجٍ وسماعة هاتفٍ تمارس مصلحة السجون هوايتها في التشويش عليها.

الأسرى القدامى

قرابة 92 أسيراً تصنفهم الأرقام على أنهم من الأسرى القدامى المتواجدين في سجون الاحتلال، ولفظ القدامى يعني أن بعضهم معتقل منذ العام 1985 وأن دولاً سقطت وحكوماتٍ قامت وفصولاً وأفراحاً مواسم وأحفاداً جُدد وأمهاتٍ شيعت جنازتهن ولا زالوا في السجون.

يحيى إغبارية، بشير الخطيب، محمد عاشور، نائل البرغوثي، محمد عفانة، عماد عبد الرحيم، كريم يونس، حسن سلامة، عبد الناصر عيسى، و83 اسماً آخر، ليسوا حكاياتٍ أسطورية بل هم أسرى بأسماء حقيقية، وسنوات طويلة انتهكها الاحتلال من قلوب عائلاتهم.

في بيت أسيرين شقيقين مقدسيين، معتقلين منذ العام 1993، تتلخص حكايات الأسرى القدامى، يتلخص رفض ذويهم للحديث عنهم للإعلام، والقول بأن الأمر لن يغير شيئاً، ورغم ذلك لا يزال لديهم بعضٌ من أمل.

التضحية، كانت يجب أن تكون عنواناً لكتابٍ خاص، كتابٍ يهتم به النشئُ بادئ الفصل الدراسي أكثر من غيره، يحيطونه بغلافٍ يحمل صورة علم فلسطين، يمارسون طقوس تجليد الكتب عليه بحرفية، ويكتبون أعلاه شخصياتهم التي يودون أن يصلوا إليها لاحقاً، ربما هكذا فكر الأسيرين الشقيقين محمد وعبد الجواد شماسنة حين دخلا معترك الحياة من أوسع أبوابه.

الحاج يوسف عبد الجواد، في أحد بيوت القدس لا زال لديه كرسيٌ يجلس عليه ويرقب فتح بوابة المنزل ودخول وجوه أبنائه التي لم يرها منذ 25 عاماً، انتظر فيها صفقاتٍ كثيرة للإفراج عنهما، وبجانبه يحتفظ بكرسيٍ آخر لزوجته، وهي التي حرمت منذ عامين من حقها في رؤية أبناءٍ لا تزال ترى فيهم أطفالاً.

كبر الأطفال بالنسبة لأم عبد الجواد، تزوجوا وناضلوا، وأنجبوا أطفالاً واعتقلوا وحكم محمد بالمؤبد ثلاث مرات إضافة إلى 30 عام، بينما صدر بحق عبد الجواد حكم المؤبد المكرر ثلاث مرات، و20 عاماً أخرى، لكن أم عبد الجواد، لا تنتظر انقضاء هذه الأحكام، بل تنتظر كل يومٍ بيومه أن يفتح باب الحرية لابنيها، ولأحفادها الذين تزوجوا وآباؤهم في الأسر، وأنجبوا أحفاداً، لابنيها الطفلين الذين أصبحا اليوم جدّين.

أنصف الكاتب وليد الهودلي الأسرى حين طالب من وقع معاناته أن تخصص لهم مناهج التعليم فصلاً، على أحد الكتب أن يحوي أسمائهم، الأسرى، أن يذكر قصصهم، ولماذا ضحوا، أن يرفق أبياتٍ شعرية تتغنى بهم، وأن نفهمها داخل السياق، ونبحث في المعنى البلاغي لها، أن نغوص إلى أعماقهم، وعلى هذا المنهج أن يكون بطريقةٍ أو بأخرى، عملياً، أن يتضمن زياراتٍ ميدانيةٍ لبيوتهم، لقراهم التي اعتقلوا منها، ولغرفهم حيث ذكرياتهم، على الطلاب أن يمعنوا النظر في هذا البطل الأسطوري، وينصفوه، ولتسقط دروس الرياضيات ومادة التعبير.

الأسرى المرضى

من بيت الأسيرين محمد شماسنة وعبد الجواد شماسنة، وهما اللذان يعانيان من أمراضٍ مزمنة تتشابه كما حكميهما وتاريخ اعتقالهما وآلام عائلتهما، إلى بيت الأسير قاسم معروف مسلم (49عاماً) من سكان تلفيت، والذي يعاني في الآونة الأخيرة من ملفٍ صحيٍ مهمل.

لقاسم أربعة من الأبناء، هم تسنيم (26عاماً) سنين (24عاماً) فاطمة (22عاماً) عبير (20عاماً) ورأفت (18عاماً)، ينتظرون حريته منذ 17 عاماً، وحكماً صادراً يأملون انتهائه قريباً ومدته 30 عاماً.

مكتب إعلام الأسرى تحدث مع ابنة الأسير قاسم مسلم، سنين، وهي التي قضت رفقة والدها قبل اعتقاله ست سنوات، فتقول"أفتقد حنانه وخوفه الدائم علينا، أفتفده حين فرحنا بنجاحاتٍ كثيرة، وحين احتفلنا بسعادة شقيقتين لي تزوجتا".

تضيف سنين قاسم"في الزيارات نخبره دائماً بأننا نتمنى لو أنه حاضرٌ بيننا، لنستطيع احتضانه ولو برهة، هو مريض ودائماً ما يوصينا حين الزيارة بأن نهتم بأنفسنا، وأحوالنا، وكأنه يودعنا".

الأسير قاسم مسلم ولشدة مرضه وتعبه يُشعر أهله بأن ربما لن يكون بينهم بسبب الألم، فهو لديه أمراض مزمنة كالسكري والضغط ومن جديد أصبح بحاجة لإبر من الأنسولين، كما ويتناول 11 نوعاً من الدواء.

تقول ابنته لمكتب إعلام الأسرى" نتماسك أمامه كي لا نذرف الدموع، لا نريه منا ضعفاً، ونصبر لأجله، ونغير دفة الحديث بإخباره عن أحوال البلدة وما يحدث بعيداً في وطنه".

قاسم قصة واحدة من قصة 1200 أسير مريض يتوزعون على سجون الاحتلال ظلماً، إن اشتد بهم المرض يتم نقلهم إلى ما يصطلح الأسرى على تسميته بمسلخ سجن الرملة، وعددٌ كبيرٌ من الأسرى أصبحوا يعانون من أمراضٍ مهلكة فقط حين جرى اعتقالهم، ولا يرحم الاحتلال فيهم طفلاً ولا امرأةً أسيرة.

فلا تزال الأسيرة عبلة العدم (47عاماً) من الخليل، بانتظار إجراء عمليات مستعجلة لها، عمليات يصفها ذووها بالوظيفية، لتستعيد القدرة على التحكم في حواسها، وتنتهي الآلام اللانهائية التي تغزو جسدها كلما تأخر العلاج، وهي اليوم إذ تمتلك أملاً فهو الإفراج عنها بعد انتهاء حكم ال3 سنوات الاعتقالية، حتى تحصل على علاجها خارج السجون.

الأسيرة عبلة العدم تقضي أشوطاً من حياتها رفقة ما يقارب الـ62 أسيرة، يتوزعن على سجني هشارون والدامون، بينهن سبعة أسيرات قاصرات، و20 أسيرةً تركن خلفهن قسراً أطفالاً ينتظرون حريتهن في كل يوم.

هدية عرينات، لمى البكري، منار شويكي، نور رزيقات، عهد تميمي، راما جعابيص، رؤى أبو سل، سبعة أسيرات قاصرات، كان يجب أن يلتحقن بصفوف الدراسة لا بسجن هشارون، ولم يكن يجدر أن يكبرن قبل أوانهن.

الملف الإداري

وانتقالاً لأحكامٍ مختلفة تأكل أعماراً بلا حدود، بالنسبة للأسرى يعتبر ملف الاعتقال الإدري مرضاً، ولا يختلف ألمهم بسببه عن ألم الأسرى من أمراضٍ خطيرة كالسرطان، فالاعتقال الإداري يستنزف قدرتهم على التحمل مع كل أمرٍ إداري متجدد.

مكتب إعلام الأسرى يرصد 450 أسيراً إدارياً متواجدين في سجون الاحتلال بذريعة الملف السري، بينهم أربعة من نواب المجلس التشريعي.

منذ العام 2018 وحتى اليوم، تشير إحصائيات مكتب إعلام لأسرى إلى أن هناك 251 قراراً إدارياً صدرت حتى الآن، منها 149 قراراً متجدداً في حين ما تبقى هي أوامر إدارية جديدة.

من بين الأسرى ال450 هناك ثلاث أسيرات إداريات، اثنتان منهن صدرت بحقها أوامر إدارية جوهرية هن خديجة ربعي وبشرى الطويل، في حين جرى تمديد اعتقال النائب خالدة جرار.

النائب في المجلس التشريعي الفلسطيني خالدة جرار (53 عاماً) من البيرة، تعرضت للاعتقال بتاريخ 2/7/2017، و أصدرت محكمة عوفر بحقها حكماً بالسجن الإداري لمدة 6 أشهر، ومددت اعتقالها مرتين، في حين تنتظرالناشطة بشرى جمال الطويل(25عاماً) من البيرة، والمعتقلة بتاريخ 1/11/2017 ، انتهاء قرار الاعتقال ادارى بحقها ومدته 4 أشهر.

الأسيرة خديجة جبريل ربعي(33عاماً)تعاني من آلامٍ مضاعفة، فهي ليست أسيرة إدارية فقط، بل أم لستة أبناء، واعتقلت من بلدة يطا بتاريخ 9/10/2017، وصدر بحقها لاحقاً حكمٌ بالسجن مدة ثلاثة اشهر إدارية، وتنتظر انقضاء شهرين إداريين جوهريين بحقها.

النائب حسن يوسف (60 عاماً) من رام الله، النائب محمد النتشة (59 عاماً) من الخليل، النائب ناصر عبد الجواد، من سلفيت، والنائب خالدة جرار، هم أربعة من أصل ستة نواب بتواجدون في الأسر، ويعانون بشكلٍ خاص من ملف الاعتقال الإداري، وجرى اعتقالهم لمجرد تغييبهم عن أماكن صنع القرار.

منذ منتصف شهر فبراير الماضي قرر الأسرى اللجوء لحربٍ خاصة ضد محاكم الاحتلال الإدارية، وجرى مقاطعتها والامتناع عن المثول أمامها

لليوم الـ62 يستمر الأسرى في معركتهم ضد مصلحة السجون بمقاطعتهم للمثول أمام المحاكم الإدارية، وتخوفاً من تصعيدٍ قررت مخابرات الاحتلال قبل فترة أن تجتمع مع ممثلي الفصائل الفلسطينية في السجون، خوفاً من تفاقم الأوضاع الاحتجاجية، خاصة بعد أن صرح الأسرى الإداريين بإجماعهم على خوض إضراب مفتوح عن الطعام تزامناً مع دخول يوم الأسير ومقاطعتهم لعيادات السجون إن لم يتم الاستجابة لمطلبهم، حتى تم الاجتماع معهم وتراجعوا عن هذه الخطوة بعد وعودٍ بتشكيل اجتماع آخر مطول للبحث في مطالبهم.

الأسرى الإداريين يطالبون بأن تتم إحالات ملف الاعتقال الإدري لمحكمة الجنايات لإنهاء كابوس ملف الاعتقال الأإداري بشكل نهائي.

قصة حرية

16 عاماً في سجون الاحتلال، ما بين اعتقالٍ فعليٍ وآخر إداري، قضاها الأسير رأفت ناصيف (50عاماً) من مدينة طولكرم، ونال حريته من اعتقاله الأخير بتاريخ 25/3/2018، مكتب إعلام الأسرى تحدث مع الأسير رأفت ناصيف حول تجربته الاعتقالية.

يقول المحرر ناصيف"خلال رحلة الأسر، فقد في أوقاتٍ مختلفة، أماً وأباً وثلاثة أشقاء، لم يتسنَ لي وداعم إلى مثواهم الخير، رحلوا يشكون ظلم الاحتلال وعنصرية مصلحة، والدي الحاج جميل عبد الرحمن ناصيف توفاه الله عام 2003، والدتي الحاجة فضة فؤاد ناصيف توفاها الله عام 2010، أخي أحمد جميل ناصيف توفاه الله عام 2013، أخي حكم جميل ناصيف توفاه الله عام 2016، أخي حاتم جميل ناصيف توفاه الله عام 2016".

مع هذا الكم من ألم الفقد لم يكن الاحتلال ليسمح للأسير ناصيف بأن يجري اتصالاً واحداً يودع فيه أفراد عائلته أو يرثيهم، يقول"كنت أتلقى الخبر بوفاتهم بطريق الصدفة أو من خلال زيارة الأهل أو زيارة المحامي، فكل شيء محظور على الأسرى في عرف مصلحة السجون ، ويطبق عليهم عزل كامل".

في يوم الأسير الفلسطيني، يؤكد المحرر ناصيف بأن أي شخص يستطيع معاينة آلام الأسرى ومواجعهم التي لا تتوقف، مشيراً إلى وجوب تسليط الضوء على معاناتهم لا موسمياً، يقول"من يعاني على مدار الساعة يجب أن يساند على مدار الساعة، وتدويل قضية الأسرى واجبة".

يختم الأسير ناصيف حواره بالقول"في سجني لا الميلاد شاركت عائلتي به ولا الموت، ولا يوجد في العالم سجون تطبق مثل هذه القوانين الانتقامية ذات الصبغة العنصرية الكاملة، فما أن يتحرر الأسير حتى يتم إعادته مباشرة من بوابة السجن أو بعد فترة قصيرة، كما حدث معي في الاعتقال الأخير فقد فصل بين الاعتقالين شهرٌ واحدٌ فقط".

الانتصارات

رغم الكم الهائل من الألم الذي لا يدرك الشارع الفلسطيني حجمه إن لم يتجرع أحد أفراده صنفاً منه، إلا أن الأسرى أرواحٌ تحاول كيف استطاعت أن تحلق خارج السجون، وقد نجح عددٌ من الأسرى على مدار أعوام سابقة، بتشكيل حالة من الانتصار والفرح لعائلتهم ولأنفسهم، تثبت أن الأسر لا يعني اختفاء أنفاسهم من الحياة بقدر ما يعني التزامهم بالصبر والفكرة.

قبل أيامٍ أعلنت عائلةٌ فلسطينية عن فرحتها وكسرها لقيود السجن بالإعلان عن خطبة ابنها الأسير من داخل سجون الاحتلال، بتاريخ 29/3/2018 تقدمت عائلة الأسير عاصم محمد لكعبي (39عاماً) من مخيم بلاطة، شرق نابلس، والمحكوم بالسجن مدة 18 عاماً، منذ العام 2003، لطلب يد الناشطة صمود سعدات، ابنة الأسير المناضل أحمد سعدات.

خلال أيام قليلة سيدخل الأسير الكعبي عامه السادس عشر في سجون الاحتلال، مكتب إعلام الأسرى تحدث مع خطيبته صمود سعدات لوصف معالم الفرحة والانتصار للأسير، تقول سعدات"عاصم إنسان مناضل، تعرض للكثير داخل سجون الاحتلال، خضع لظروف قاسية، تم قمعه أكثر من مرة، وعزل أكثر من مرة، فقد أمه قبل ثلاث سنوات، ورغم ذلك لا يزال إنساناً شفافاً مخلصاً ومحباً للحياة".

"نحن بإعلاننا لهكذا أفراح نعلن انتصارانا وكسر عزلة الأسرى" تقول صمود سعدات، وتضيف"الاحتلال يسعى لعزل الأسير داخل السجن، ويبذل جهده ليلغي له حياته، نحن نصنع حياتنا، كل يوم جديد يأتي بالنسبة لنا، هو فرصة للفرح، فرصة جديدة للحرية".

الارتباط بالأسرى داخل سجون الاحتلال أصبحت حالة، حتى وإن كان الحكم مؤبداً، وبعضهن كمثل تغريد حجة، من نابلس لا زلن ينتظرن فرحةً منذ 16 عاماً، تقول تغريد حجة، زوجة الأسير سليم حجة المحكوم بالسجن المؤبد 16 مرة إضافة على 30 عاماً أخرى منذ العام 2002" أعتبر نفسي عروساً منذ 16 سنة، الاعتقال حرمنا فرصة أن نحيا حياة طبيعية كما البقية، وأن نحلم معاً ونهرم معاً، اليوم نحاول التهرب من أعمارنا بالقول انها توقفت فعلياً حين جرى اعتقال سليم قبل 16 عاماً".

نجح الأسرى كذلك في رسم ملامح 65 فرحةً مهربة من داخل السجون، حيث يمثل هذا الرقم عدد سفراء الحرية حتى اليوم، وانتصار الأسرى للحياة بتهريب النطف، ووفود جيل جديد متمم لنضالهم.

مهند عمار الزبن، سيكبر بفخرٍ كل سنة، حين تسرد له عائلته أنه كان السفير الأول لمواكب الحرية لعدد من الأسرى رزقوا بأطفالٍ رغم قيود السجن، اليوم يبلغ مهند من العمر ستة أعوام قضاها في جلب الفرحة لعائلته التي تفتقد والده الأسير منذ العام 1998.

نسرينيات الأهالي

خلف الأسرى يقف جنودٌ مجهولين، لا زالوا بانتظار حريةٍ قريبةٍ هم أيضاً، فقد كبلت أيديهم تماماً حين اعتقل أفرادٌ من عائلتهم، والتكبيل كان فعلياً في قصة عائلة الأسير مجاهد جواد أبو عليا (19عاماً) من سكان بلدة المغير، قضاء رام الله، والذي يقضي حكماً بالسجن مدة 14 شهراً.

لمجاهد شقيقة توأم، نسرينية الطابع، في ذات يوم اعتقاله، أخبرت أمها عصراً أن الألم توقف الآن في يديها، وعلمت الأم أنها شعرت بالسلاسل التي كبلت يدي شقيقها فعلياً، وأخبرتهم بشكلٍ دقيق متى تم خلعها من يده، ومتى توقف ألم أقدامها، ومتى تسنى لشقيقها التوأم أن يلتقط أنفاسه.

غير بعيدٍ تستطيع زوجةٌ نابلسية أن تستشعر فرح زوجها من خلف سجون الاحتلال، نسرين غزال، زوجةٌ لأسيرٍ يقضي حكماً بالسجن مدة أربع سنوات منذ العام 2015، هو مالك عبدو.

نسرين لا تزال في كل يوم تتفقد اللحظات التي تركها لها زوجها قبل أن يعتقله الاحتلال، صغيراتها كرمل إيلياء ويمنى هن كنزها الذي ينتظر أيضاً، نسرين حين كان زوجها متوجداً في سجن جلبوع، البعيد عن مكان سكنها، قالت في زيارتها الطويلة والمتعبة له"أذهب إليه حتى لو كان في آخر الأرض، هذا مالك".

جميع الحقوق محفوظة لمكتب إعلام الأسرى © 2020